الصحافة

هل أصبح المودعون جاهزين نفسيًّا لتقبّل حلّ جذريّ لأزمة الودائع؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع انحسار عاصفة الغضب التي طالت المودعين مع بداية الأزمة المالية والمصرفية، بات الوضع النفسي لهؤلاء مهيّئًا أكثر لتقبّل الحلول التي قد تُطرح عليهم ضمن قانون الفجوة المالية المنتظر، بما يزيد حظوظ إقرار اقتراح هذا القانون هذه المرّة لأسباب عديدة.

بعد مرور 6 سنوات على الأزمة المالية وانهيار العملة المحليّة واحتجاز أموال المودعين، هل أصبح المودعون جاهزين نفسيًّا لتقبّل حلّ جذريّ لأزمة الودائع؟ هل إن مرور الزمن والمواظبة على سحب 400 أو 500 أو 800 دولار شهريًا منذ سنوات، سيجعلان الحلول المطروحة تمرّ من دون اعتراضات كالسابق؟

لا شكّ أن الوضع النفسي والمالي والاجتماعي والاقتصادي لمعظم المودعين المحتجزة مدّخراتهم منذ 6 سنوات، لم يعد كما كان عليه في 2019 و 2020. لم تعد النقمة هي نفسها، ولم يعد سقف الاعتراض والمواجهة نفسه، كما أن الآمال باسترجاع الودائع كما هي، لم تعد نفسها، خصوصًا أن الودائع فقدت أكثر من 33 في المئة من قيمتها بفعل التضخم، قبل طرح أو تطبيق أي خطة لاستردادها تتضمّن نسب اقتطاع إضافية. وهذا الواقع يعني أن المزيد من الانتظار والمراوحة سيؤديان إلى خسائر إضافية، في حين أن الوقت هو العامل الأهم لتخفيف حجم الخسائر. 

وبالتالي، فإن طرح قانون الفجوة المالية اليوم بشكل عام، وبغض النظر عن تفاصيله وبنوده لن يجابه كالسابق، بالمظاهرات والتنديدات والتهديدات، لأن المصيبة أو الصدمة، من أيّ نوع كانت، يكون وقعها صاعقًا في البدء، ويصبح كبيرًا في المرحلة الأولى، ومن ثمّ يتحوّل إلى متوسطٍ، بعدها إلى صغير، ليتحوّل إلى عادة يتعايش معها المتضرّرون.

في هذا الإطار، يؤكّد أحد الخبراء في علم النفس لـ"نداء الوطن" أن الأزمات المالية وخسائر الودائع تضرب بشكل مباشر الأمان النفسي للإنسان، وليس فقط وضعه الماديّ. ويشير إلى أن التغيّر النفسي نحو التقبّل لا يحدث فجأة، بل يمرّ عادة بعدّة مراحل، تشبه إلى حدّ ما مراحل التكيّف مع الصدمات:

1- الصدمة والإنكار: في البداية يكون في حالة صدمة: "مش معقول صار هيك"، أو يحاول التبرير أن الأزمة موقتة. وبالتالي فإن الإنكار يمنحه وقتًا لكي يستوعب حجم الخسارة.
2- الغضب والتوتر: يبدأ بإلقاء الملامة على الدولة، والمصارف، ونفسه، أو حتى الحظ. ويظهر القلق، التوتر، مشاكل النوم، وأحيانًا الأعراض الجسدية.
3- الحزن والإحباط: يدخل في شعور بالخذلان وفقدان السيطرة. ويمكن أن يشعر بفراغ داخلي أو فقدان الثقة بأي منظومة. في حين أن البعض يعيش اكتئابًا ظرفيًا مرتبطًا بخسارته.
4- إعادة التقييم: يبدأ بمراجعة حياته: "طيب كيف بدي كمّل؟"، "شو البدائل؟" وهنا يصبح لديه وعي أن المال هو جزء من الحياة، وليس كلّ الحياة، وأنه مضطرّ لإيجاد وسائل جديدة للتأقلم.
5- التقبّل والتكيّف: يتقبّل الفرد المتضرّر أن ما خسره أصبح من الماضي، ويركّز على ما بقي معه: خبرته، صحته، علاقاته، قدرته على إعادة البناء. ويطوّر عقلية "التكيّف" بدل عقلية "الضحية"، فيصبح أهدأ نفسيًا وأكثر واقعية.

وبما أن المودعين اجتازوا تلك المراحل النفسية كلّها، قد يصبّ وضعهم النفسي الحالي، أي مرحلة التقبّل والتكيّف، في صالح الحكومة التي من المتوقع أن تعرض قانون الفجوة المالية قريبًا، كما من المرجّح أن يصبّ أيضًا في صالح مجلس النوّاب، الذي لم يتجرّأ منذ العام 2019 على إقرار أي قانون غير شعبيّ لمعالجة أزمة الودائع خوفًا من خسارة الأصوات الانتخابية.

أما النقطة الإيجابية الثانية غير المرتبطة بالوضع النفسي للمودعين والذي بات أكثر تقبّلًا للحلول، فهي الميزة التي يمنحها اقتراح قانون الفجوة المالية لـ 80 في المئة من المودعين، وهم صغار المودعين، أي الفئة التي لا تتعدّى ودائعها 100 ألف دولار، والذي ينصّ على استردادها كاملةً على مدى 3 إلى 5 سنوات. ما سيؤدي إلى انسحاب جزء كبير من المودعين من المعركة التي قد يواجهها القانون، لتنحصر بالفئات الأخرى التي تتراوح ودائعها بين 100 ألف ومليون دولار، والفئة التي تتعدّى ودائعها المليون دولار. علمًا أن هذه المعركة أيضًا لن تكون حامية بالدرجة التي كانت عليها مع بدء طرح الحلول للأزمة في السنوات اللاحقة لها. 

في هذا السياق، أوضح المستشار المالي ميشال قزح أن من يقوم بصياغة اقتراح القانون، على وعي ودراية تامّين بأن معالجة وضع صغار المودعين بشكل سريع، أي الذين لا تتخطّى ودائعهم الـ 100 ألف دولار والذين يشكلون 80 % من المودعين، سيؤمّن لهم تأييدًا بنسبة 80 % لاقتراح قانون الفجوة المالية، علمًا أن هذه الفئة من المودعين سحبت حوالى نصف ودائعها من خلال التعميمين 158 و 154"، كما أن المودعين الذين تتراوح ودائعهم بين 100 و 200 ألف دولار، سيحصلون على أموالهم بين 3 إلى 5 سنوات من خلال دفعات شهرية تصل إلى 1200 دولار. وبالتالي، يكون اقتراح القانون قد تجنّب مواجهة أو اعتراض ما بين 85 إلى 88 % من المودعين، لا بل ضمن تأييدهم لتنحصر المعركة بحوالى 12 % من المودعين.

وأشار قزح لـ"نداء الوطن" إلى أن الاقتراح سيمنح أصحاب الودائع بين 200 ألف ومليون دولار سندات بقيمتها، وسيطالب أصحاب الودائع التي تفوق المليون دولار بإثبات شرعيتها من خلال تقديم المستندات المطلوبة خلال مهلة عام، وإلا سيصار إلى احتسابها على أنها ناتجة عن عمليات تبييض أموال أو إثراء غير مشروع ويصار إلى شطبها، "بتقديرات تبلغ 2 مليار دولار فقط، علمًا أنها كانت مقدّرة سابقًا بـ 10 مليارات".

وفيما أكد قزح أن المعركة سيقودها أصحاب الودائع الذين سيتقاضون سندات بقيمتها، رجّح أن يلجأ هؤلاء إلى رفع دعاوى ضدّ الدولة ومصرف لبنان والمصارف وليس إلى التظاهر والاعتراض في الشوارع. معتبرًا أن القانون سيقرّ في الحكومة وقد يقرّ في مجلس النواب في حال ضغط صندوق النقد الدولي لإقراره قبل الانتخابات النيابية، "لأن لا مصلحة للنواب في إقراره قبل الانتخابات".

رنى سعرتي-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا