أين أخطأ نصرالله؟
تحلّ بعد أيّام الذّكرى السّنويّة الأولى للأمين العام لـ"حزب الله" السابق السيد حسن نصرالله. في 19 أيلول، بعد تفجيرات "البيجرز"، أطلّ نصرالله مخاطباً جمهور "الحزب"، وموجّهاً رسائل إلى العدو الإسرائيليّ. لم يَكُن يعلم آنذاك أنّ هذه الكلمة ستكون الأخيرة قبل اغتياله. حمل خطابه تهديدات للعدو، تبيّن لاحقاً أنّها كانت مجرّد كلام، فالسّلاح لم يحمِ لبنان، بل جرّه إلى حرب دمّرته، حتّى أنّ هذه الحرب ما زالت مستمرّة حتّى اليوم، ولو بطريقة مختلفة.
"الأيّام ستكشف الحقائق". هذا ما قاله نصرالله في كلمته الأخيرة، وهو الأمر الوحيد الذي كان على حقّ فيه، وسنستعرض في ما يلي أبرز النّقاط التي أخطأ نصرالله في تقديرها في 19 أيلول.
أشار نصرالله في معرض خطابة الأخير، إلى أنّ "الجبهة اللبنانية جبهة ضاغطة وبقوّة وهي من أهمّ أوراق التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينيّة لتحقيق الأهداف ووقف العدوان". من هنا ننطلق، ففي لبنان، كان اتّفاق وقف إطلاق النّار بعد الحرب، وتوقّفت جبهة إسناد غزّة من لبنان، نظراً لما تعرّض له "حزب الله" من خسائر، والتزاماً منه بالاتّفاق.
كما أعلن نصرالله الجهوزيّة في الجبهة، مؤكّداً أنّ "بنية الحزب لم تتزلزل ولم تهتزّ بل هذه البنية لديها من القوّة والمتانة والقدرة والعدّة والعديد والتماسك ما لا تهزّه جريمة كبرى (تفجيرات البيجرز) بهذا الحجم، كونوا مطمئنّين، واستعداداتنا عالية وليعرف العدو أنّ ما حصل لن يمس لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا عزمنا ولا قدرتنا ولا نظام القيادة والسيطرة عندنا ولا جهوزيتنا ولا حضورنا في الجبهات بل سيزيدنا قوة ومتانة وصلابة وحضوراً". ما نشهده من استهدافات يوميّة لعناصر في "حزب الله" تؤكّد أنّ "الحزب" يُعاني وليس بخير، فحجم الخرق الذي يتعرّض له كبير جدّاً، والتفوّق التكنولوجي الإسرائيليّ لا يترك مجالاً للحزب لتسجيل أي انتصار على العدو.
قالها نصرالله بوضوح: "نحن نتمنّى أن يدخل العدو الإسرائيلي الى أرضنا اللبنانية لأنّ على الحدود، في المواقع التابعة لهم، هناك تحصينات ضخمة ونحن نفتّش عن جندي أو دبّابة "بالسراج والفتيلة"، وبحاجة الى جهد معلوماتي استخباري يومي لتحديد مكان هؤلاء واستهدافهم، أمّا عندما يأتون إلينا، "أهلا وسهلا"، ما يعتبره الإسرائيلي تهديداً لنا، نحن نعتبره فرصة، بل نعتبره فرصة تاريخية، بل نتمنّاها، لأنّ لها تأثيرات كبرى على هذه المعركة. إذا دخلت إسرائيل الى الحزام الأمني سيستمرّ استهداف المواقع العسكريّة والثّكنات والمراكز العسكريّة والمستعمرات ردًا على استهداف المدنيين، بل ستتوسّع، هذا الحزام الأمني سيتحوّل الى وحل ومكمن والى هاوية والى جهنم الى جيشكم إذا أحببتم أن تأتوا الى أرضنا، وستجدون أمامكم المئات من هؤلاء الذين جرحوا يومي الثلاثاء والأربعاء... العدوان الذي حصل كبير وغير مسبوق وسيواجه بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون لكن لأن هذه المعركة الجديدة كانت في أوجه خفية... الحساب سيأتي، طبيعته وحجمه، كيف؟ أين؟ هذا ما سنحتفظ به لأنفسنا وفي أضيق دائرة حتى في أنفسنا لأننا هنا في جزء من المعركة الأكثر دقّة وعمقاً وأهمية".
أخطأ كثيراً نصرالله و"السّقف العالي" الذي انتهجه في خطابه الأخير، هبط على لبنان في النّهاية، فالجيش الإسرائيليّ دخل إلى الجنوب واستباح أرضه، واعتدى عليها وعلى أهلها الذين "تبهدلوا" ونزحوا من قراهم وبلداتهم، تاركين شقاء أعمارهم خلفهم، غير عالمين موعد العودة، حتّى أنّهم ما زالوا يتعرّضون للقصف في القرى الحدوديّة، بمجرّد التّفكير بالتّرميم أو إعادة الإعمار.
"الخبر هو ما ترون لا ما تسمعون". نعم، هذا هو الكلام الصّحيح. فما رأيناه نقضَ ما سمعناه عن قوّة "حزب الله" ومتانته وصلابته، بل أكثر من ذلك، أظهر أنّ نصرالله، أخطأ التّقدير والحساب، وعلى "الحزب" استخلاص العِبَر من الحرب الأخيرة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|