ترقب درزيّ لاجتماعات واشنطن بعد "الاتفاق الثلاثي" وملف مختطفات السويداء أولوية!
غداة الإعلان عن الاتفاق السوري - الأميركي - الأردني الذي جرى التوقيع عليه في المملكة الأردنية أخيرًا حول الجنوب السوري، وتحديدًا محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، وبعده مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في اجتماعات الأمم المتحدة في الولايات المتحدة الأميركية، وما سينتج عنها من خريطة طريق جديدة، يُنتظر انقشاع الرؤية المستقبلية ووضع الأسس لإطلاق مسار للحلول المتوخاة.
تزامنًا، تسود الساحات الدرزية في البلاد الأربعة: سوريا، لبنان، فلسطين والأردن أجواء ترقب حذر، لما سيتمخّض عن اجتماعات واشنطن حول الشرق الأوسط ومنها الجنوب السوري، مع بث جرعة تفاؤلية يُنتظر أن تخرج خلال اليومين الراهنين، تجعل دروز السويداء يتنفّسون الصعداء بخصوص مطالبهم القاضية بالحصول على "إقليم ذاتي"، فيما تدعو شرائح درزية إلى إجراء مصالحة وطنية مع أهل السنّة، تطوي صفحة المأساة الإنسانية والمجازر التي ذهب ضحيّتها الآلاف من الدروز.
وتشكّل مسألة الإفراج عن المختطفات من النساء (اعترفت السلطة الأمنية بوجود 80 امرأة لديها) قضية مركزية للدروز، وهو أمر دخل في صلب الاتفاق المذكور، والملف الأكثر ثقلًا حاليًا بتداعياته وآثاره المعنوية والاجتماعية، على مجتمع يرتكز في قيمه على صون المرأة والحفاظ عليها، خاصة بعدما تسرّبت معلومات عن معاملة الخاطفين لهنّ، لجهة تعنيفهنّ والاعتداءات الجسدية عليهنّ واغتصابهنّ. عدا عن اعتراف المسلّحين بخصوص ملف المختطفين من الرجال والبالغ عددهم نحو 30 شخصًا، فيما المعلومات المعلنة لدى أهالي السويداء تفيد بأن المختطفات والمختطفين هم بالمئات، لكن عدم قدرتهم على الدخول إلى 36 بلدة درزية لا تزال محتلّة من قبل المسلّحين يجعل من الأرقام غير نهائيّة.
و أمس مساء، تمّ الإعلان عن إطلاق سراح 24 مختطفًا من أبناء السويداء، من دون إجراء عمليّة تبادل، بناء على ما لحظه "الاتفاق الثلاثي" لجهة إطلاق جميع المختطفين.
سبق لشيخ عقل الطائفة في سوريا حكمت الهجري أن أعلن رفضه الكامل للاتفاق "الثلاثي"، تزامنًا مع رفع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وتيرة تشدّده حيال موضوعي الجنوب السوري وجبل الشيخ، وتجديد تأكيده بشأن حماية الدروز من بطش النظام السوري، في الوقت الذي تتضارب فيه المعلومات إزاء عرض ممرّات آمنة غير خط دمشق – السويداء الرئيسي، على محاور جبل الشيخ وحضر – القنيطرة والأردن وصولًا إلى السويدان إلخ... يُنتظر الانتهاء منه في لقاءات الولايات المتحدة الأميركية، ويبدو الشيخ الهجري مطمئنًا لما ستسفر عنه النتائج الأخيرة للحراك الذي يجري على أكثر من صعيد وداخل الغرف المغلقة في الكونغرس الأميركي، بينما تبقى الأنظار الدرزية عمومًا مشدودة إلى القرارات التي تقدّم الحلول أو تبدّل في المشهد على نحو مختلف. والجدير ذكره، أن الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين الشيخ موفق طريف، يقوم بدوره بمشاورات رفيعة المستوى حول جملة من المقترحات المتعلّقة بـ "جبل العرب".
والحال، فإن مساعدي الشيخ الهجري الذين عزوا أمر رفض الاتفاق الأميركي – السوري -الأردني، لعدم التشاور مع الزعامة الروحية المتمثلة بالهجري باعتباره المعنيّ الأول بهذا الأمر، يؤكّدون - بمعزل عمّا يجري من لقاءات دولية – أن أي اتفاق داخلي لن يحصل قبل إطلاق المختطفات والمختطفين من دون قيد أو شرط، وقبل البحث بأي مواضيع أخرى مثل المصالحة أو الحقوق وسوى ذلك من بنود للاتفاق – شبه الميّت وسواه. وكان من المفترض نجاح محاولة تبادل للأسرى في السويداء وإطلاق سراح 110 من الدروز مقابل 30 شخصًا من البدو، لكن تعثر تطبيق الاتفاق أدّى إلى تراجع منسوب التفاؤل، الذي ساد الفترة الأخيرة المنصرمة. علمًا أن عملية تبادل محدودة جرت قبل فترة بين الطرفين، وشملت 4 نساء درزيات مقابل الإفراج عن شاب من العشائر، لكن الجهود لتوسيع العملية باءت كلّها حتى الآن بالفشل.
أما لجهة ملف التحقيقات ورفض اللجنة القانوية في السويداء الاعتراف بأية نتائج تحقيقات تجريها الدولة السورية، بخصوص المجازر والفظاعات والإبادة الجماعية التي ارتكبتها العناصر الأمنية بحق الدروز وتسبّبت في قتل الآلاف من العزل والشيوخ والنساء والأطفال، يؤكد المعنيون من دروز السويداء عدم ثقتهم البتّة والمطلقة بالدولة السورية وانعدام الثقة بالمسؤولين فيها أيضًا، وأضافوا إلى كلمة الهجري (لا يمكن التصالح مع الدم)، سؤالًا: منذ متى يصبح السيّافون رحماء والجلّادون قضاة؟! وتقول مصادر الهجري إن المطالبة بتحقيق دولي أمر لا يمكن التنازل عنه، وثمّة حركة في المدينة ومن خلال الاتصالات الخارجية لتوثيق الجرائم، والملفات تقدَّم تباعًا إلى الجهات الدولية المعنية، وخاصة في أميركا، إضافة إلى منظمات حقوق الإنسان، في ظلّ اتهام من قبلهم للحكومة السورية بأنها لا تزال تمانع التحقيقات الدولية، وتقوم بالضغط من خلال التضييق من كافة نواحي الحياة الإنسانية، وكذلك عسكريًا عبر تعزيز جبهات القتال المحيطة بالمدينة.
وعلى وقع أجواء التوتر الأمني السائدة منذ نكبة 13 تموز الماضي، وتحوّل السويداء إلى مأساة إنسانية وكارثة بشرية، وأصوات القذائف التي تتساقط بشكل شبه مكرّر في مختلف أنحاء المحافظة وحتى في مواقع التبادل التي كانت مقترحة، يؤشر كلّ ذلك برأي هؤلاء، على استمرار تفاقم المشكلات، كما ينشغل أهالي السويداء بالتوقيع على عريضة المطالبة بالإدارة الذاتية، حيث تجري العملية بوتيرة سريعة، لرفعها إلى الجهات الدولية المؤثرة بالواقع السوري، وقد بلغت الأرقام التي تتمّ أيضًا إلكترونيًا عشرات الآلاف من التواقيع.
لبنانيًا، فإن "طبق النحاس" الذي يُسمع رنينه من "جبل العرب" على نحو كبير، يتقدّم ملف المختطفات الدرزيات مع الأخبار الواردة عنهنّ على ما عداه، وتتلقف القيادات السياسية الدرزية والروحية المعلومات الرسمية وغير الرسمية بهذا الخصوص. وبينما طفت الانقسامات على السطح، حيال كيفية التعاطي مع ملف دروز السويداء بشكل عام، يلتقي الجميع على مبدأ ضرورة إيجاد الحلول الكفيلة بإخراج النساء من أيدي المسلّحين مهما كانت الثمن. وعلى هذا الأساس توقعت مصادر معنية لـ "ندار الوطن" أن حركة نشطة تتمّ تهيئة الأجواء لها، من أجل تحقيق خروقات معينة على المستوى السياسي - الروحي، للبحث بكيفية التحرّك لإطلاق خطوات جديدة – غير تلك التي لحظها اتفاق الأردن – من شأنها فتح كوّة، لتبديد الهواجس حول المختطفات، وتتصل بقضايا درزية غيرها.
عامر زين الدين- نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|