الصحافة

سكان الجنوب... بين كوابيس النزوح وانعدام الأمان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كدت منظمة «أطباء بلا حدود» أن الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان أصبحت «واقعاً شبه يومي؛ مما يعوق قدرة الناس على التعافي»، ويؤدي إلى استمرار تداعيات الأزمة الإنسانية التي تعيشها العائلات المنكوبة في جنوب لبنان بعد عام على الحرب الموسعة التي شنتها إسرائيل، في ظل غياب الأمان، والخوف الدائم من عودة القصف في أي لحظة.

وفي تقرير بمناسبة مرور عام على الحرب، قالت «أطباء بلا حدود» إن «الأزمة الإنسانية لم تنتهِ بعد، على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، إذ صارت الهجمات الإسرائيلية واقعاً شبه يومي؛ مما يعوق قدرة الناس على التعافي، ويحدّ من حصولهم على الرعاية الصحية»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن «إسرائيل لا تزال تحتل عدة نقاط على طول الحدود الجنوبية، مانعةً عودة السكان، ومتسببةً بنزوح أكثر من 82 ألف شخص».

وتضمن تقريرها شهادات حية؛ منها شهادة المواطن الجنوبي «عبد الكريم» الذي عاد إلى منزله لإصلاح الأضرار التي لحقت به، ويقول، فيما أزيز المسيّرة الإسرائيلية يكاد يحجب صوته: «عدت لإصلاح الأضرار، ولكن كيف للمرء أن يبدأ حياته من جديد في غياب الأمان والقدرة على تحمل تكاليف الأساسيات، مثل الأدوية؟».

عاد عبد الكريم إلى بلدته الحدودية، وهي من أشدّ المناطق تضرراً، حيث يتلقى الآن أدويةً لأمراضه المزمنة من عيادة «أطباء بلا حدود» الميدانية، في وقت تعاني فيه آلاف العائلات في جميع أنحاء لبنان كي تحصل على الرعاية الصحية، وهي تحاول إعادة بناء حياتها في ظل كوابيس النزوح والفَقد وانعدام اليقين.

دمار البنية التحتية
في جنوب لبنان، دمرت الحرب البنية التحتية، بما في ذلك الرعاية الصحية. وفي تقريرها، تشير المنظمة إلى أنه «في ذروة التصعيد، أُخلي 8 مستشفيات، معظمها في المناطق الجنوبية، بينما تضرر 21 مستشفى، أي نحو 13 في المائة من إجمالي مستشفيات البلاد، أو أُجبرت على الإغلاق أو خفضت خدماتها بشكل جذري. كذلك أُغلقت أبواب 133 من مرافق الرعاية الصحية الأولية، وفقدت النبطية وحدها 40 في المائة من طاقة مستشفياتها الاستيعابية»، مشيرة إلى أنه «اليوم، يستمر إغلاق كثير من المرافق المتضررة، وعدّة منها تحتاج لإعادة تأهيل».

وفي المحافظات الجنوبية، حيث لا تزال الخدمات المتوفرة غير متاحة مادّياً لكثير من العائدين، أنشأت «أطباء بلا حدود» عيادات ميدانية «لضمان حصول السكان على الخدمات الطبية والنفسية الأساسية. كذلك تعمل على إعادة تأهيل ودعم 3 مراكز للرعاية الصحية الأولية كي تعيد تقديم الخدمات في مناطق العودة».

الصحة النفسية
تتحدث المرشدة النفسية العاملة في عيادة «أطباء بلا حدود» الميدانية بمحافظة النبطية، ثروت سرائب، عن أثر الحرب على المواطنين وتقول: «تترك الحروب آثاراً هائلة على السكان المتضررين بشكل مباشر. فلا يمر يوم واحد هنا من دون أن يعايش الناس الدمار مجدداً، وأصوات المسيّرات، واحتلال الأراضي المستمر، والغارات الجوية التي لا تتوقف... وكلها تعمّق من معاناة الناس».

وعن هذا القلق، تقول سميرة، إحدى مريضات عيادة «أطباء بلا حدود» الميدانية: «ابنتي يُغمى عليها إذا سمعت غارة، حتى لو كانت بعيدة، هي وابنتها، ونحن نرتجف. كلنا نتأثر بشدّة».

من هنا، تؤكد المنظمة أنه «لا تزال فرق (أطباء بلا حدود) في الميدان تشهد على التكلفة البشرية للتصعيد وعلى الآثار طويلة الأمد لحرب لم تضع أوزارها بعد، حيث يعيش المرضى في خوف وانعدام يقين، وكثر منهم غير قادرين على بدء التعافي»، مشيرة كذلك إلى ازدياد «الاحتياجات المرتبطة بالصحة النفسية، حيث يعاني الأطفال والبالغون على حد سواء من الصدمة والقلق والخوف المستمر».

مهمّة شاقة
وفي حين تلفتت المنظمة، في تقريرها، إلى أن الحرب انعكست على العائلات اللبنانية واللاجئين والمهاجرين على حد سواء؛ فلبنان يضم أكثر من مليون لاجئ سوري، ومئات آلاف الفلسطينيين، وكثيراً من المهاجرين الذين يعيشون أساساً في ظروف غير مستقرة، تشير إلى أن «مبادرات إغاثية كثيرة استثنت هؤلاء السكان خلال التصعيد، على الرغم من أنهم يواجهون الاحتياجات الملحّة نفسها في الغذاء والمأوى والرعاية الصحية. وبعد مرور عام، لا تزال احتياجات اللاجئين والمهاجرين مهملة، وحصولهم على الرعاية الصحية المتخصصة من خلال المنظمات الإنسانية بات في خطر».

وتذكر المنظمة أنه «بحلول نهاية عام 2025، ستتوقف (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) و(المنظمة الدولية للهجرة) عن تغطية تكاليف الرعاية الصحية المتخصصة، بينما تواجه الـ(أونروا) والـ(يونيسف) انخفاضاً غير مسبوق في التمويل؛ مما سيخلق احتياجات جديدة ويزيد من حدّة الاحتياجات القائمة».

وتصف المنظمة المعركة التي يخوضها السكان في لبنان لإعادة بناء حياتهم بـ«الشاقة»، مؤكدة في الوقت عينه على أن «فرق (أطباء بلا حدود) لا تزال ملتزمة بتقديم الخدمات حيثما دعت الحاجة، وضمان حصول السكان على الرعاية الصحية الحيوية. ومع ذلك، فلن يتحقق التعافي الحقيقي إلا عندما يتمكن الناس من العيش أحراراً من الخوف، وعندما يحصلون على الخدمات الطبية، والنفسية، والأساسية، التي يحتاجون إليها فوراً لبدء حياتهم من جديد».

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا