بغطاء جوي.. قوات إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة جنوبي سوريا
رئيس سابق للموساد يروي: هكذا جنّدتُ مقرّباً من مغنية
أدار يوسي كوهين جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، من عام 2016 إلى عام 2021. لكنه عندما كان عميلاً سرياً في الثمانينات، نجح في تجنيد عنصر من “الحزب” لديه شبكة علاقات واسعة وخبرة كبيرة واقنعه، كما يدعي، بالانضمام إلى الجهاز للكشف عن معلومات حول وضع جنديين إسرائيليين اسرهما “الحزب” في جنوب لبنان في 17 شباط 1986.
كوهين، رئيس جهاز الموساد السابق الذي يطرح نفسه بديلاً عن الرئيس الحالي للحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يكشف في كتابه “سيف الحرية: إسرائيل، الموساد، والحرب السرية”، عن أسرار أحد أكثر المنظمات سريةً في العالم، ويروي كيف نجح في تنفيذ ما يصفه بمهمة تتسم بـ”البراعة الاستثنائية التي تُميّز عمل الموساد”.
في كتابه يروي كوهين، الذي اختاره نتنياهو مستشاراً للأمن القومي في 2013، ما يلي:
“… انضم جوزيف فينك، المعروف باسم يوسي، عام 1983 إلى برنامج يُتيح لليهود الأرثوذكس الجمع بين دراستهم الدينية والخدمة العسكرية في جيش الدفاع الإسرائيلي. يتم تجنيدهم لمدة 16 شهراً، بدلاً من السنوات الثلاث المعتادة.
تم أسره مع صديقه رحاميم الشيخ، وهو من الجالية اليمنية، والذي أصيب أيضاً. في اليوم التالي، نشر “الحزب” صورةً لوجهي الجنديين الإسرائيليين. ونُشرت مطالبه، التي كان يجب تلبيتها لتأمين إطلاق سراحهما، خلال 24 ساعة أخرى.
رحلة البحث عن مقرب من مغنية
كوني عميلاً في الموساد في ذلك الوقت، كانت مهمتي التأكد من وضع يوسي ورحاميم. لم نكن نعرف مكانهما، سوى أنهما في قبضة “الحزب”. كانت للوساطة الدولية حدودها. كنا بحاجة إلى شخص مقرب من عماد مغنية، رئيس أركان “الحزب” الغامض. كانت مهمتي تحديد وتجنيد إرهابي كبير لديه إمكانية الوصول إلى معلومات حول مصير الجنود. لم يسبق لأحد أن اخترق “الحزب” بهذا العمق.
ركزتُ على إرهابي لبناني مخضرم يكبرني بأكثر من عشرين عاماً. كنت أعرف اسمه وبدأت من هناك. دعونا نسميه عبد الله. الخبر السار هو أنني اكتشفت أنه كان يسعى لتأمين مستقبله المالي. أما الخبر السيئ فهو أنه كان يبحث عن ذلك في أميركا اللاتينية.
تتبعتُه هناك ووجدته يؤسس نفسه كرجل أعمال، بنية بدء حياة جديدة. ولكن لكي يكون مفيداً لنا، كان لا بد من إقناعه بالعودة إلى “الحزب” ومواصلة العمل ضمن الدائرة المحيطة به.
الخيانة فعلٌ واعيٌ..
عندما أجند عميلاً، لا يصبح عضواً في الموساد. هو ليس صديقاً، رغم أنني سأبذل كل ما في وسعي لجعله يعتقد ذلك.
الموساد لا يُجبر أحداً على العمل معه. لا يُمكنك تهديد شخص ما بالقول: “سأعرض فيديو لك وأنت تفعل كذا وكذا مع تلك الهولندية الفاتنة إن لم تتعاون”. هذه مُجرّد أفلام رديئة أو كتب ورقية رخيصة. وهذا لا ينجح. إذا لم يرغب، فلن يرغب.
في النهاية، سيتعلم ما يفعله، ومع من يفعله. عليك إقناعه بأن الأمر مقبول، وأن هناك مستقبلاً في ذلك. يجب أن تكون الخيانة فعلاً واعياً.
الحساسيات واضحة. مُقاتل “الحزب” مُدرّب على الإيمان بقدسية أمرين: الدفاع عن لبنان، وكونه كمندوب لله. إنه مُلتزم بالجوانب الدينية في حياته.
لقد جنّدتُ حتى الآن العديد من هؤلاء الإرهابيين؛ لم يكن عبد الله أولهم، لكنه يُمكن القول إنه ربما وضع نموذجاً لمهام أخرى. هم مؤمنون حقيقيون. هنا تُثري خلفيتي الدينية عملي الاستخباراتي، لأنها تُمكّنني من النفاذ إلى عقولهم الدينية.
أنا يهودي. أفهم ديناميكيات التدين. وبالنسبة لإرهابي “الحزب”، الدين مُريح، لأن الشهادة، أو الاستشهاد، تضمن له دخول الجنة تلقائياً.
رجل أعمال متشائم
عندما تواصلتُ مع عبد الله للمرة الأولى، لم أكن مسلحاً. كانت خطوتي الأولى بناء علاقة معه. اخترتُ، كغطاء لي، شخصية رجل أعمال أرجنتيني متشائم ومرير، يبحث عن شركاء لكسب المال، من دون طرح الكثير من الأسئلة.
كان عبد الله رجلاً صارماً للغاية، حذراً ومتشككاً، لكنه بدأ يُعجب بي كروح شقيقة. كنا نحن الاثنان بطريقتنا، ناجين، نسعى لكسب عيشٍ كريم.
زاد إعجابه بي عندما عرضتُ عليه بعض الأعمال الصغيرة. ثم بدأتُ أُفكّر في إمكانية عملنا معاً بشكل أكثر جدية. هذا أوصلنا إلى المستوى الثاني، وهو ما نسّميه التدهور. هذا هو الوقت الذي نطرح فيه الأسئلة، أو نكشف فيه الإجابات، التي لم نستطع طرحها أو الاعتراف بها في بداية العلاقة. الفكرة هي إضعاف “الهدف”، في هذه الحالة عبد الله، باتجاهنا.
بمجرد أن تجاوز عبد الله حداً معيناً أو عرف أكثر مما ينبغي، كشفت له أن هذه عملية استخباراتية، وأنني بحاجة إلى معلومات منه. أخبرته أنني أريد منه العودة إلى لبنان، ليبقى متغلغلاً داخل “الحزب”.
تغيير هيكلية المفاوضات
كنت أعلم أنني بتجنيدي إرهابياً لديه شبكة علاقات واسعة وخبرة واسعة، ساهمت في تغيير هيكل المفاوضات مع “الحزب” بأكمله. كان رجلاً ذكياً وعنيداً. طرح عليّ كل الأسئلة الصحيحة: من أنا؟ رجل أعمال مهتم بالحزب؟ لماذا؟ حان الوقت لأن أكون صريحاً، أو شبه صريح.
قلت له: “حسناً، يا صديقي، أريدك أن تكون شريكي. لدي أصدقاء سيدفعون لنا جيداً. لقد ساعدتك بالفعل، وسأستمر في مساعدتك في المستقبل، بشرط واحد. أن تبقى مع “الحزب”، على الأقل في الوقت الحالي. يمكننا الاستفادة من ذلك في مجال الأعمال.”
بدا على عبد الله القلق وهو يُقيّم خياراته. ها هو، في النهاية، رجل بقلب أسود كإرهابي متشدد. راهنت بحكمة على أن دافع الربح سيطغى على أي مبادئ بقيت لديه، وبعد مقاومة مُصطنعة، كشفت له ما قلته له بأنه “سري الأكبر”.
“أريدك أن تكون مصدراً، كما أنا مصدر أيضاً”، قلتُ.
سأل: “لمَن”؟
قلت: “للإسرائيليين.”
قال: “مستحيل. هل أخبرتهم عني”؟
قلت: “بالطبع لا. لكنني أعلم مدى يأسهم للحصول على معلومات عن الجنود المفقودين. إنها واحدة من أهم مهامهم. أعتقد أننا يمكن أن نكسب الكثير من المال معاً إذا ساعدنا بعضنا البعض. ما رأيك”؟
دعوة للهرطقة
كانت هذه دعوة للهرطقة، فعل حقير ضد منظومة المعتقدات التي جرّته، طواعية وبنجاح، إلى صراع دموي مع إسرائيل. أنهى المحادثة وقطع كل الاتصالات معي. لم يرد على مكالماتي لعدة أيام. ثم، فجأة، قال إنه مستعد للتحدث.
سأل: “ما الصفقة”؟
أجبت: “أعلم أن لديهم بعض المهام الغريبة مع “الحزب”، لكن من يهتم بذلك؟ هل نهتم؟ لا. أنا مثلك. لنرَ ماذا لديهم ليقدموه. أراهن أنه كثير.”
كان متردداً لكنه احتاج إلى دفعة أخيرة. اقترحت، لإزالة كل شكوك، أن يلتقي بجهة اتصالي في الموساد. إذا أعجبنا بما يقدمه، فسيكون هو الشخص الذي سنتعامل معه.
وافق عبد الله. كانت تلك إحدى لحظات الاستسلام الجميلة.
كان “جهة اتصالي” مُدرّباً على معاملتي ببعد واحترام، كعميل. ثم عرض علينا أن يأخذنا سراً إلى تل أبيب، كبادرة إيمان. سيتم اطلاعنا على دورنا ووعدنا بأي مساعدة نحتاجها.
سأعود إلى إسرائيل مع إرهابي، بهوية مزيفة كأجنبي مزعوم. تمنيت ألا ألتقي بأحد يعرفني. ولحسن الحظ، كان ذلك في أيام لم تنشر فيه بعد أي صور عامة لي.
سارت الأمور بسرعة. تلقيتُ اتصالاً من الراحل شبتاي شافيت، رئيس الموساد آنذاك. أمرني قائلاً: “مهما حدث، لن تكشف عن هويتك. يجب ألا تُخبر الهدف أبداً أنك يهودي. لديك الإذن بعقد أي صفقات تحتاجها، مع مراعاة الجنود”.
لحظة سريالية
كانت لحظة سريالية أخرى في حلقة سريالية. حتى أنني تمكنتُ من التسلل لزيارة سريعة لوالديّ في القدس بعد ظهر أحد الأيام، عندما كان رفيقي يُعتنى به في مكانٍ آخر. كانت استراحة قصيرة من عملية شديدة الشدة، لا يزال أمامها أشهر.
لا يُفشي الإرهابيون أسرارهم بسرعة أو بسهولة. كان عليّ أن أضغط برفقٍ على عبد الله، من دون أن أُخيفه. كان يلعب لعبة خطيرة لأنّ “الحزب” لن يغفر له الكشف. أفضل ما كان يأمل فيه، بعد تعذيب طويل، هو قبر بلا علامة.
لحسن الحظ، مكنته حنكته الفطرية واستخدامه الحذر لشبكته الداخلية داخل “الحزب” من النجاة، وإكمال عمل ضخم وحيوي. لن أنسى أبداً اليوم الذي جاءني فيه بدليل على وفاة يوسي ورحاميم. زودني، على انفراد، بكل التفاصيل التي كنت بحاجة إليها.
وصف لي كيف تم القبض عليهما، ومكان اقتيادهما، وكيف فارقا الحياة متأثرين بجراحهما بفارق ساعات قليلة، بعد أسرهما بقليل. حدد مكان جثتيهما. لم يبقَ، قبل أن يتولى المفاوضون زمام الأمور، إلا أن يستخدم الحاخام الأكبر للجيش سلطته الدينية ليُعلن موتهما.
كنت أعلم أنه من خلال تجنيد إرهابي لديه شبكة علاقات واسعة وخبرة كبيرة، ساعدت في تغيير الهيكل الكامل للمفاوضات مع “الحزب”. لم يعد بإمكان “الحزب” الادعاء بأنه يحتجز جنديين أحياء. سيكون عليه القبول بعملية تبادل الجثث. على الرغم من بشاعة هذا الأمر، إلا أنه كان بمثابة خطوة متقدمة.
أهم مهمات حياتي
كان نجاح واحدة من أهم مهمات حياتي له تأثير عميق عليّ. عندما عدت إلى المنزل، أفصحت عن مشاعري لزوجتي آية، التي كانت قد حصلت بالفعل على تصريح أمني لسماع بعض التفاصيل. قالت لي: “يبدو أنك وجدت وظيفة تناسبك تماماً. من يدري، ربما يوماً ما ستكون رئيساً للموساد.”
مرت خمس سنوات طويلة لا تُصدق قبل أن تُنقل الجثث جواً، في 22 تموز 1996، إلى القاعدة الجوية العسكرية في إسرائيل.
بعد فترة وجيزة، تم تسليم رفات 123 إرهابياً إلى لبنان، وتم نقلها إلى مسجد في بيروت لدفنها جماعياً…”
– يذكر أنّ كوهين، المولود في القدس عام 1961، خدم في الجيش الإسرائيلي منذ سن 18 عاماً وشارك في حرب لبنان 1982، قبل أن يجند في جهاز الموساد في سن مبكرة. شهدت فترة رئاسته للموساد عمليات وصفت بأنها “حاسمة”.
بالرغم من ارتباط اسم دافيد برنيا، الرئيس الحالي لجهاز الموساد”، بعملية تفجير أجهزة البيجر في صفوف “الحزب” والاغتيالات المتعددة في قلب إيران بين 13 و24 حزيران، إلا أنّ الأسس الحقيقية لتلك العمليات، بحسب صحيفة “جيروزاليم بوست” وُضعت قبل عقدين على يد “رجل الظل” الإسرائيلي الأبرز: يوسي كوهين.
أكدت الصحيفة أنّ كوهين كان المكلّف منذ عام 2002، إبان ولاية المدير الأسبق مئير داغان، بإدارة مشروع إيران السري، وهو ما مهّد لمرحلة جديدة من العمليات التخريبية والتجسسية غير التقليدية في إيران ولبنان.
خلال فترة كوهين، وتحديداً بين 2003 و2004، باع الموساد لإيران كميات كبيرة من المعدات المخترقة، باستخدام شركات وهمية ووسطاء وهميين، ما مكّن إسرائيل من التسبب باضطرابات داخل منشآت إيرانية نووية، مثل نطنز.
خلال ولاية كوهين أيضاً، نفّذ الموساد عملية الاستيلاء على الأرشيف النووي الإيراني، واغتال رئيس البرنامج النووي محسن فخري زاده. كما لعب دوراً محورياً في تزويد واشنطن بمعلومات ساعدت في تصفية قائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني.
– Free Press شركة إعلامية أميركية جديدة “تؤمن بأميركا وبالوعد الأميركي”، وتركز، بحسب موقعها، على “مُثُلٍ كانت في السابق حجر الأساس للصحافة الأميركية العظيمة: الصدق، والمثابرة، والاستقلالية الشديدة”.
إيمان شمص - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|