ملف الموقوفين في السجون اللبنانية إلى الضوء مجددا والحجار يقترح العفو العام
منذ سنوات طويلة، يتصدّر ملف الموقوفين في السجون اللبنانية عناوين الأزمات الوطنية الكبرى. فهو ملف إنساني وقانوني وأمني في آنٍ معاً، تتشابك فيه معاناة السجناء وأهاليهم مع حسابات الدولة وتعقيدات العلاقة مع الدول المعنية. واليوم، يعود هذا الملف إلى الواجهة، مع التركيز على الموقوفين السوريين الذين تجاوز عددهم 2600 سجين تتراوح جرائمهم بين الخطيرة والعادية. الأزمة لم تعد مجرد أرقام جامدة، بل تحوّلت إلى قضية سياسية – اجتماعية حساسة، دفعت برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون إلى وضعها على طاولة البحث المباشر.
العفو العام على الطاولة
بحسب مصدر قضائي رفيع، شهد القصر الجمهوري اجتماعاً لافتاً خُصص لمناقشة هذا الملف. وخلاله، طرح النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على الرئيس عون فكرة إصدار عفو عام كحلّ عملي لإنهاء معاناة آلاف الموقوفين، خصوصاً أنّ العفو العام يُعتبر في التجارب السابقة خطوة تأسيسية لأي عهد يسعى إلى إرسال رسائل إيجابية في الداخل والخارج. وقد لقي الطرح تفاعلاً جدياً من قبل الرئيس عون، الذي يتعامل مع الملف بروح تجمع بين الحزم في ما يخص السيادة والقانون، والرحمة بما يخفف من الأعباء الإنسانية والاجتماعية.
بالتوازي، تبلور اتجاه آخر يقوم على تكليف وزير العدل عادل نصار التحضير لمعاهدة قضائية مع سورية لمعالجة أوضاع الموقوفين السوريين. غير أنّ هذه المعاهدة تصطدم بقيود قانونية لبنانية صارمة لا تسمح إلا بإدراج ما يقارب 300 موقوف كحدّ أقصى ضمن الاتفاق، ما يجعلها خطوة مهمة ولكن محدودة، وتحتاج إلى استكمال بخيارات موازية.
وفي سابقة قضائية لافتة، شهدت دمشق اجتماعاً رفيع المستوى بين وفد قضائي لبناني برئاسة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم ووفد قضائي سوري. وضم الوفد اللبناني القاضيين منى حنقير ورجا أبو نادر. وقدّم غانم شرحاً وافياً لمسارات قانونية ممكنة لمعالجة الملف، مراعاةً لمصلحة الدولة اللبنانية العليا. وبحسب المصدر القضائي، أظهر غانم قدرة لافتة على إدارة الحوار بحزم ومرونة، ما دفع الجانب السوري إلى إبداء تفهّم للطرح اللبناني وتقدير جدّية الرئيس عون، وإن ظلّ حذراً في مداخلاته. وقد انتهى الاجتماع إلى اتفاق على استمرار التشاور وصولاً إلى حل دائم.
زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق لم تكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل حملت رسالة واضحة مفادها أنّ لبنان لن يعالج هذه القضية إلا وفق القوانين اللبنانية وبالتنسيق الرسمي المباشر بين المؤسسات القضائية في البلدين. وقد شكّلت خطوة غير مسبوقة في مسار إعادة تفعيل التعاون القضائي بين بيروت ودمشق، خصوصاً مع طلب الجانب السوري تسلّم الموقوفين والحصول على لوائح بالأحكام والاتهامات، وهو ما واجهه الوفد اللبناني بتمسك صارم بالقانون والسيادة.
انفجار وشيك في السجون
لكن، مهما تقدّمت المداولات السياسية والقضائية، يبقى الواقع داخل السجون اللبنانية أشبه بقنبلة موقوتة. فالاكتظاظ بلغ مستويات كارثية، إذ تضم السجون أكثر من ضعف قدرتها الاستيعابية، وغالبية الموقوفين لم يخضعوا لمحاكماتهم بعد، رغم مرور سنوات طويلة. تضاف إلى ذلك معاناة في الرعاية الطبية وغياب مقومات الحياة الأساسية، فيما يعيش الأهالي عذاباً موازياً عند زياراتهم المرهقة والمكلفة.
المصدر القضائي حذّر من أنّ "أي اهتزاز أمني أو صحي قد يقود إلى انفجار شامل يطال الشارع اللبناني كله"، معتبراً أنّ العفو العام لم يعد ترفاً سياسياً أو ورقة انتخابية، بل بات ضرورة وطنية تمسّ الأمن الاجتماعي مباشرة، شرط أن يُنفّذ ضمن رؤية توازن بين العدالة والرحمة.
روجيه أبو فاضل -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|