الصحافة

سوريا تستسلم ... نحن وراءها ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أبعد بكثير من سلاح "حزب الله" وهو الورقة الوحيدة المتبقية في أيدينا. دوران عبثي في الحلقة المفرغة ما دمنا أمام ذلك النوع من الدمى السياسية التي تفتقد الحد الأدنى من الرؤية الاستراتيجية، لنسأل، وسط ضياع أركان الدولة، الى أين يريد أن يذهب بنا بنيامين نتنياهو ؟ الى حيثما تذهب غزة أم الى حيثما تذهب سوريا، بخطوات أميركية حثيثة، نحو الاستسلام، ويفترض أن نذهب وراءها أو يحصل لنا ما لوّح به لنا توماس براك "الالتحاق ببلاد الشام" ألتي يقتضي أن تكون جزءاً من اسرائيل الكبرى ؟

نتنياهو لا يريد جنوب لبنان فقط، ولا لبنان فقط. يريد أن تدور المنطقة، بقضها وقضيضها، حول الهيكل الذي يعاد بناؤه، وبحسب رغبتنا، بسواعدنا أم بجماجمنا. تركيا ايضاً، وايران أيضاً، فيما تشير أوساط ديبلوماسية أوروبية الى أن جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) بدأ عملية تسلل واسعة النطاق الى المؤسسة السياسية، والمؤسسة العسكرية، في باكستان، بعدما اشيع الكثير حول أهداف الاتفاق الدفاعي الذي عقد، أخيراً، بين الرياض واسلام آباد، والذي يضع القنبلة النووية الباكستانية بتصرف الأمير محمد بن سلمان، وان كانت هذه المسألة من الحساسية بحيث لا تحتمل أي تأويل خارج المنطق الأميركي الذي لا منطق فوقه.

ضرب الدوحة زادنا يقيناً بأن تل أبيب لا تخطو خطوة واحدة دون الضوء الأميركي، وحتى دون توجيه أميركي. كل ما يتردد حول خلاف في الآراء، أو في الرؤى، أو في المصالح، فقاعات اعلامية للتسويق في الشارع العربي. السفير الأميركي في اسرائيل مايكل هاكابي، ينطق، حرفياً واحترافياً، بما يجول في رأس دونالد ترامب. هو من قال بأن التغيير في الشرق الأوسط سيكون بأبعاد توراتية، يقول الآن، وفي المؤتمر السنوي لصحيفة "جيروزاليم بوست" "اسرائيل" ليست مجرد حليفة، بل الشريك الحقيقي الوحيد للولايات المتحدة.

في هذه الحال، على الدول العربية، والدول الأوروبية، وعلى سائر الدول الأخري، أن تلقي بالاتفاقات الأمنية، أو بالاتفاقات، الاستراتيجية، المعقودة مع الولايات المتحدة، في صندوق النفايات. ليضيف ـ وليسمع العرب ـ ان أميركا "لن تملي على اسرائيل ما يمكنها فعله، كما لا نتوقع منها أن تملي علينا ما ينبغي أن نفعله". حدقوا ملياً في معنى العبارة.

اعتبر أن مصطلح "الضفة الغربية" غامض وغيردقيق، وأن الاسم الصحيح "يهودا والسامرة"، ليقول "ان القدس العاصمة الأبدية غير القابلة للتقسيم للدولة اليهودية. وهذه هي المرة الأولى التي يصف فيها مسؤول أميركي اسرائيل، بـ "الدولة اليهودية"، الخالية من العرب، لينتهي الى القول أن "أي اعتراف بالدولة الفلسطينية يعد اختراقاً لاتفاق أوسلو".

لا بد أن يصل هذا الكلام الى المملكة العربية السعودية التي تحشد الدول حول وضع خارطة طريق لاقامة الدولة الفلسطينية، بعدما رفعت ادارة ترامب البطاقة الحمراء في وجه كل دولة تعترف بهذه الدولة، مع التهديد بعقوبات قاتلة. ولطالما قلنا أن ياسر عرفات دفن القضية، ومعها الدولة، تحت الورود، وتحت الثلوج، الاسكندنافية، هذا الرجل ماذا فعل بلبنان الذي حكمه، وكما قال، 12 عاماً، وماذا فعل بالفلسطينيين حين جرى هذا الحوار بينه وبين اسحق رابين في حديقة البيت الأبيض.

رابين قال له "بدأت أعتقد أنك، رئيس المنظمة عرفات، على وشك أن تصبح يهودياً" (ولهذه الرأي أسبابه بطبيعة الحال). عرفات رد "ابراهيم جدي". لعل هذه العبارة بالذات، وبحضور بيل كلينتون، والملك حسين، وحسني مبارك، وراء فكرة "ميثاق ابراهيم"، ودومينو التطبيع.

لبنان في قعر الاهتمامات الأميركية، وان أوحى لنا المبعوثون، بلغة العتابا والميجانا، أننا موجودون في قلب الرئيس الأميركي، وكان لول ديورانت، صاحب "قصة الحضارة" أن يسأل "متى كان للأباطرة ذلك الشيء الذي يدعى القلب ؟". الآن كل الأضواء على سوريا التي باتت، بالكامل، في القبضة الأميركية، بعدما قام الأتراك، والعرب، والروس، ما يلزم، لتقديمها الهدية الذهبية لكل من واشنطن وتل أبيب، بالرغم من كل تلك الغارات التي أقامت زناراً من النار حول القصر الجمهوري، والتي دمرت كل أثر للقوة العسكرية السورية، لتبقى تلك الفصائل الهجينة، والهمجية، في مهمتها بتحويل أبناء الأقليات اما الى موتى، أو الى أشباه الموتى.

ها هو الرئيس أحمد الشرع يقول "ان المفاوضات الأمنية قد تفضي الى اتفاق في غضون أيام"، ليضيف "أن السلام والتطبيع ليسا مطروحين على الطاولة حالياً". ولكن ماذا يعني عندما يقول "ان التفاهمات الأمنية قد تفتح الباب أمام اتفاقات أخرى؟". أي اتفاقات هذه اذا لم تكن حلقات مترابطة في مسلسل التطبيع، وبعدما تردد أن زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني لواشنطن هي للتمهيد للقاء الشرع ـ نتيناهو، بوجود ترامب، في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

ما تفعله الطائرات الاسرائيلية الآن، ابقاء لبنان بين النيران بانتظار الصفقات التي تحدث، أو تبرم، وراء الضوء. هل نخلع الكوفية العربية ونعتمر القلنسوة اليهودية ؟ قلت لصديق "انه زمن المغول". علّق بالقول "لكن المغول رحلوا". العبرانيون باقون، قد نكون أمام من يحزم حقيبته، أو قبره، للرحيل...

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا