للمرّة الأولى... عمليّة أمنيّة للجيش داخل مخيّم فلسطيني
في خطوة غير مسبوقة منذ اتفاق القاهرة عام 1969، الذي عُقد بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية برعاية مصرية، وتقرر خلاله ألا يدخل الجيش اللبناني المخيمات الفلسطينية، وأن تُترك شؤونها الداخلية بيد الفصائل الفلسطينية، مقابل التزام هذه الفصائل بضوابط معيّنة، نفذ الجيش اللبناني، الجمعة، عملية أمنية كبيرة داخل مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، الواقع في العاصمة بيروت، نجح خلالها في توقيف عدد كبير من المطلوبين بتجارة المخدرات وضبط كميات كبيرة منها.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان، أنه «بعد عملية رصد ومتابعة أمنية متواصلة خلال الأشهر الماضية، نفذت وحدات من الجيش، تؤازرها مجموعة من مديرية المخابرات في مخيم شاتيلا، عملية دهم نوعية لمستودع رئيسي تستخدمه إحدى العصابات لتخزين المواد المخدرة، ومنشأة مخصصة لترويج هذه المواد على نطاق واسع في مناطق مختلفة، واشتبكت مع مطلوبين ما أدّى إلى إصابة عدد منهم، وأوقفت 55 شخصاً، بينهم لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، وضبطت كمية كبيرة من المخدرات، إضافة إلى أسلحة وذخائر حربية، وتم تسليم المضبوطات، وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
ولفت البيان إلى أن «هذه العملية تعدّ خطوة حاسمة في سياق الحملة المستمرة التي يقوم بها الجيش لمكافحة الاتجار بالمخدرات، وملاحقة المتورطين في ترويجها، والحد من خطرها على المجتمع».
وأفادت مواقع إخبارية فلسطينية بأن المداهمات شملت ما يعرف بـ«هنغار شاتيلا»، كما طالت الحملة بنايات «مشروع الربيع» المحاذية للمخيم. وأظهرت فيديوهات تم تناقلها للعملية الأمنية عدداً من عناصر الجيش والمخابرات وهم ينتشرون في أحد أحياء المخيم الضيقة حيث رفعت رايات صغيرة لفصائل «منظمة التحرير»، وبعد ذلك ظهر العناصر الذين غطوا وجوههم بأقنعة سوداء يقتادون تباعاً عدداً من الموقوفين، كما ظهر عناصر آخرون يحملون أكياساً بداخلها مواد بيضاء اللون.
وتأتي هذه العملية بعد أشهر من الاشتباكات المتكررة بين تجار المخدرات داخل مخيم شاتيلا ومحيطه، وعجز القوى الفلسطينية عن ضبط الوضع، وضمن حملة واسعة لمكافحة المخدرات تقوم بها الأجهزة الأمنية في لبنان.
الحرب الكبرى
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «العملية نفذت من دون التنسيق مع الفصائل الفلسطينية، وتم الاعتماد على عنصر المفاجأة لتوقيف المطلوبين»، لافتاً إلى أنها تندرج في إطار «الحرب الكبرى» التي يشنها الجيش اللبناني على تجار المخدرات «خصوصاً على أولئك الذين أشيع طوال السنوات الماضية أنه لا يمكن المساس بهم». وأكد المصدر «ألا خطوط حمراء أمام الجيش في توقيف أي مطلوب أو في دخول أي منطقة».
وينفذ الجيش اللبناني منذ أسابيع حملة واسعة لملاحقة تجار المخدرات وإقفال المصانع والمواقع التي يتم استخدامها لإنتاج هذه المواد. وقد نفذ في منطقة بعلبك شرق البلاد هذا الأسبوع عملية دهم أدت إلى ضبط واحدة من أكبر كميات المخدرات داخل الأراضي اللبنانية.
وزير الداخلية: مكافحة المخدرات أولوية
وفي منشور على حسابها على منصة «إكس»، أكدت وزارة الداخلية اللبنانية أن الأجهزة الأمنية تبذل جهوداً حثيثة ومتكاملة في مكافحة المخدرات، موجهة «كل التحية للجيش اللبناني على العمليات النوعية والتوقيفات في صفوف كبار التجار».
وشددت الوزارة على أن «مكافحة المخدرات أولوية وطنية لا تهاون فيها، ومسؤولية جامعة تستوجب تضافر الجهود».
الموقف الفلسطيني
وثمّن الدكتور سرحان سرحان، نائب أمين سر حركة «فتح» في لبنان، العملية التي نفذها الجيش اللبناني واصفاً إياها بـ«البطولية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنهم لطالما ناشدوا الأجهزة الأمنية اللبنانية بوضع حد للحالات الشاذة داخل المخيم أو منحهم الغطاء الأمني والقضائي لتوقيف هؤلاء. وأضاف: «مخيم شاتيلا كان يُعرف بمخيم الشهداء، لكن للأسف في السنوات الأخيرة باتت تُطلق عليه تسمية مخيم المخدرات، لذلك نأمل أن تستكمل الخطوات لإنهاء هذا الوضع الشاذ».
وأكد سرحان أن «فتح» تشد على يد الجيش للمضي بما قام ويقوم به ولا مشكلة لديها على الإطلاق من مداهمة أي من المخيمات باعتبار أننا في النهاية ضيوف على أراضٍ لبنانية والمخيمات خاضعة للسيادة والقوانين اللبنانية.
ومنذ شهر آب الماضي بدأت فصائل «منظمة التحرير» بتسليم سلاحها الثقيل والمتوسط الموجود داخل المخيمات، وهو ما اعتُبر خطوة كبيرة باتجاه تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية بحصرية السلاح الذي يطال أيضاً وبشكل أساسي سلاح «حزب الله».
ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489 ألفاً و292 شخصاً، علماً أن آخر الإحصاءات تؤكد أن عدد مَن لا يزالون يعيشون في لبنان لا يتجاوز الـ174 ألفاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً تعترف بها «الأونروا».
بولا أسطيح - "الشرق الأوسط"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|