الصحافة

الجنوب "منطقةً عازلة" بالأمر الواقع: أميركا ترعى ترتيبات جديدة للسويداء

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بشكل مستعجل، نشّطت الولايات المتحدة الأميركية حراكها في الملف السوري، تمهيداً للزيارة التي يجريها الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، إليها للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأمر الذي تعتبره واشنطن «إنجازاً»، باعتبار الشرع أول رئيس سوري منذ أكثر من 6 عقود يلقي خطاباً من على منبر الأمم المتحدة، آملةً تحقيق إنجاز آخر عبر توقيع اتفاقية بين سوريا وإسرائيل، تمهّد لتطبيع علاقاتهما.

على أنّ النشاط الأميركي اتّخذ منحيَين اثنين، وذلك في محاولة لفصل ملف السويداء عن ملف إسرائيل، بعدما قدّمت تل أبيب نفسها «حامية» للدروز، وقامت بتوطيد حضورها في الجنوب السوري بشكل عام. إذ تمّ الدفع باتّفاق شارك فيه الأردن لرسم خريطة طريق للسويداء من جهة، توازياً مع تقريب وجهات النظر بين إدارة الشرع التي ترغب في توقيع اتفاقية أمنيّة في الوقت الحالي، والحكومة الإسرائيلية التي تريد في المقابل ضمان إحكام سيطرتها على ملف السويداء، وإقامة منطقة منزوعة السلاح في الجنوب.

في المنحى الأول، أعلنت وزارة الداخلية السورية عن ترتيبات أمنيّة جديدة في ما يتعلّق بملف السويداء، بعد أقلّ من أسبوع على عزل القائد الأمني للمحافظة، أحمد دالاتي، الذي حاولت السلطات الانتقالية، عبر هذا الإجراء، تحميله مسؤولية ما وصلت إليه السويداء، وقامت بتعيين حسام الطحان لهذه المهمّة. وشملت الترتيبات الجديدة التي أعلن عنها وزير الداخلية، أنس خطّاب، وفق بيان أصدرته الوزارة، «تعيينات جديدة في محافظة السويداء، وذلك في إطار خطّة شاملة لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية والشرطية».

وحضر اللقاء الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد «تجمّع أحرار جبل العرب» وأحد أبرز الوجوه الدرزية المقرّبة من السلطات الانتقالية، والذي تعرّض بسبب مواقفه المؤيّدة للأخيرة لحملة عنيفة من فاعليّات السويداء. وعقب اللقاء، أعلن عبد الباقي، عبر تسجيل مصوّر نشره على صفحته الرسمية في «فايسبوك»، توكيله بإدارة ملف الأمن في المحافظة.

وبعد ساعات من هذا الإعلان، عقد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، لقاءً ثلاثياً جمعه مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، في العاصمة الأردنية عمّان، أعلن خلاله توقيع اتفاق حول السويداء يتضمّن خريطة طريق لحلحلة ملف المحافظة بدعم من الولايات المتحدة والأردن. وأشار الشيباني، في مؤتمر صحافي عقب توقيعه الاتفاق، إلى أنّ «الخطّة تقوم لمحاسبة كل من اعتدى على المدنيين وممتلكاتهم بالتنسيق مع المنظومة الأممية، يليها ضمان استمرار تدفّق المساعدات الإنسانية والطبّية، ثم تعويض المتضرّرين وترميم القرى وتسهيل عودة النازحين».

وتابع أنّ الخطوات تشمل إعادة الخدمات الأساسية وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية، ونشر قوات محلّية من وزارة الداخلية لحماية الطرق وتأمين حركة الناس والتجارة، إضافة إلى كشف مصير المفقودين وإعادة المحتجزين والمخطوفين إلى عائلاتهم، وصولاً إلى إطلاق مسار للمصالحة الداخلية يشارك فيه جميع أبناء السويداء.

والملاحظ في «خارطة الطريق» المعلن عنها، عودة السلطة الانتقالية إلى محاولة فتح طرق تواصل مع أهالي السويداء، وتجاهل «الإدارة الذاتية» التي تمّ إنشاؤها في المحافظة، والتركيز على ضمان طرق الإمداد الواصلة إليها (طريق دمشق – السويداء)، خوفاً من محاولات إسرائيل شقّ طريق آخر يصل الأراضي المحتلة بالسويداء. كذلك، بدا ملاحظاً رضوخ السلطات الانتقالية للمطالب الداعية إلى إجراء تحقيق بإشراف أممي، بعدما تعرّضت لانتقادات حادّة على خلفية النتائج الباهتة التي وصلت إليها التحقيقات في المجازر التي ارتكبت بحقّ العلويين في الساحل ووسط البلاد.

أيضاً، يكشف اشتراك الأردن في هذه الاتفاقية عن خشية مكبوتة لدى عمّان من إمكانية تعقّد ملف السويداء إلى درجة أكبر، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب أمام إسرائيل لشقّ طريق إلى المحافظة عبر الأراضي الأردنية، خصوصاً بعد مجاهرة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحلمه بتحقيق «إسرائيل الكبرى» والتي تعني احتلال الأردن.

بموازاة ذلك، كثّفت الولايات المتحدة تحرّكاتها في إطار العمل على توقيع اتفاقية أمنيّة بين السلطات الانتقالية في سوريا وتل أبيب، آملة في توقيع هذه الاتفاقية في نيويورك، وسط تكهّنات بإمكانية إجراء لقاء بين الشرع ونتنياهو، في البيت الأبيض. وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية السورية أنّ دمشق تعمل مع واشنطن على التوصّل إلى تفاهمات أمنيّة مع تل أبيب حول جنوب سوريا، في إطار خريطة طريق اعتمدتها سوريا بدعم من الولايات المتحدة والأردن حول السويداء.

وقالت الخارجية، في بيان، إنّ من بين الخطوات التي تنصّ عليها الخريطة أن «تعمل الولايات المتحدة، وبالتشاور مع الحكومة السورية، على التوصّل إلى تفاهمات أمنيّة مع إسرائيل حول الجنوب السوري تعالج الشواغل الأمنيّة المشروعة لكل من سوريا وإسرائيل، مع التأكيد على سيادة سوريا وسلامة أراضيها».

وبدورها، ذكرت وكالة «رويترز»، نقلاً عن أربعة مصادر، أنّ واشنطن تدفع في اتّجاه تحقيق تقدّم كافٍ قبل اجتماع قادة العالم في نيويورك بنهاية هذا الشهر لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحيث يتمكّن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الإعلان عن «اختراق دبلوماسي». وأضافت المصادر أنّ التوصّل حتى إلى اتفاق متواضع سيكون «إنجازاً»، مشيرةً إلى موقف إسرائيل المتشدّد في أثناء أشهر من المحادثات، وإلى ضعف الموقف السوري بعد أحداث العنف الطائفي في الجنوب، التي غذّت دعوات للتقسيم. وذكرت الوكالة أنها تحدّثت مع تسعة مصادر مطّلعة على المناقشات وعلى العمليات الإسرائيلية في جنوب سوريا، بينهم مسؤولون عسكريون وسياسيون سوريون، ومصدران استخباراتيّان، ومسؤول إسرائيلي.

كذلك، نقلت «وكالة الأنباء الفرنسية» عن مسؤول عسكري أنّ القوات الحكومية السورية سحبت أسلحتها الثقيلة من جنوب البلاد، حيث طالبت إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح. وأضاف المسؤول – الذي طلب عدم الكشف عن هوّيته – أنّ عملية الانسحاب بدأت قبل نحو شهرين، عقب أعمال عنف طائفية دامية في السويداء. ويأتي هذا التصريح بعد سلسلة طويلة من الهجمات والاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، تمّ خلالها تدمير ما تبقّى من قدرات الجيش بعيد سقوط النظام السابق، وقضم مناطق واسعة في الجنوب.

كذلك، قام الجيش الإسرائيلي، الذي يكثّف من عمليات المراقبة الجوّية لسوريا، باستهداف بعض الآليات التي استقدمتها الفصائل التابعة للسلطات الانتقالية في أثناء محاولتها الهجوم على السويداء، في تموز الماضي، الأمر الذي يعني فعلياً أنّ الجنوب خالٍ من السلاح الثقيل منذ شهور عديدة، غير أنّ تسريب هذه المعلومة الآن قد يكون مرتبطاً بالترتيبات الجارية لتوقيع الاتفاقية الأمنيّة التي تسعى واشنطن إلى تحقيقها.

عامر علي -الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا