الصحافة

ما تداعيات الاتفاق السوري ـ الإسرائيلي على لبنان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما يفعله بنيامين نتنياهو يثير حتى أعصاب الموتى. لكننا، كعرب، موتى من نوع آخر. لكأننا موتى الزمان والمكان. لا أثر لنا على ذلك المسرح الذي ظهرت فيه الميثولوجيات الكبرى، والديانات الكبرى، وحتى الأزمات الكبرى. لنستعيد قول هنري كيسنجر "صراع الشرق الأوسط هو بين نصف الله والنصف الآخر". هنا أميركا واسرائيل. الأتراك يلعبون داخل الحرم الأميركي، وهم خاسرون. الايرانيون يلعبون خارج الحرم الأميركي، وهم أيضاً خاسرون.

هي اللعبة العبثية. الايرانيون يعيشون التداعيات الكارثية للحرب التي لم يظنوا، يوماً، أنها ستحصل، ودون أي قراءة نقدية للمشهد. الأتراك احترفوا طريقة التسلل الجيوسياسي عبر الشقوق. أي طريقة هذه لاحياء السلطنة، أو لاقامة العالم التركي؟ واذا كانت أوروبا قد باعت روحها للأميركيين، لتفتقد ذلك النوع من القادة الذين يصنعون التاريخ أو يعيدون ترميمه، تبدو آسيا، وحيث الصين والهند، على الخط الأمبراطوري. (لا تنسوا الهوية الأوراسية لروسيا)، وهما تسعيان لقيادة عالم ما بعد أميركا. هل ثمة من عالم بعد أميركا؟

أكثر من مرة، لاحظنا أن اسرائيل لا شيء من دون أميركا. المفارقة ان العرب لا شيء مع أميركا. ولكن لا شك أن اليهود تمكنوا من اقامة دولة، بمواصفات غربية، في منطقة آلت على نفسها أن تقيم على تخوم الغيب، أو على تخوم التاريخ. ماذا يعني الصراع السني ـ الشيعي، بنتائجه المروعة، سوى الرقص بين القبور، دون أن نضرب معولاً واحداً في صناعة المستقبل، كرديف لصناعة الحياة...

كل ما نبتغيه أن تكون أميركا أميركا لا أن تكون أميركا اسرائيل. لا أحياء، ولا موتى، نعني الأميركيين. كل المنظرين الذين أثّروا في صياغة الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة، من ليو شتراوس، الى برنارد لويس، ومن صمويل هانتنغتون الى فرنسيس فوكوياما، ومن وليم كريستول الى روبرت كاغان، كانوا يتعاملون مع الدول العربية كمستودعات للبقايا القبلية. لا مجال البتة للخروج من جاذبية الماضي، وكذلك من ظلامية (ومظلومية) الماضي.

ها هي تركيا تقوم من بين الأنقاض. نحن ما زلنا، وسنبقى، نعيش تحن الأنقاض أو نموت تحت الأنقاض. انه مانيفستو اليأس، بل انها ايدويولوجيا الياس عندما يضرب نتنياهو، بالقاذفات الأميركية، وبالقنابل الأميركية (وحتى بالقهقهات الأميركية) أي مكان في هذا المشرق العربي الذي كان، في يوم من الأيام. قبلة العالم. الآن قعر العالم.

لاحظوا ملوك الطوائف عندنا في لبنان. على الشاشات، أو على المنابر، أنصاف الآلهة. في اللعبة الاقليمية، أو في اللعبة الدولية، أنصاف الدمى. هل نحن فقط تحت الوصاية الأميركية والاسرائيلية فقط ؟ تحت الوصاية التركية. بطبيعة الحال، تحت الوصاية السورية. أما كان للبعض أن يجثوا بين يدي، أو بين يدي أحمد الشرع، كما كانوا يجثون بين يدي، أو بين قدمي. حافظ الأسد وبشار الأسد؟

هذا بالرغم من أن حال سوريا من حالنا. الدولة السورية التي نعشق مدنها، نتعشق قراها، لا دور لها، ولا تعرف ما الدور المناط بها، بعدما كان رجب طيب اردوغان، بغزوه لدمشق على صهوة حصان خشبي، يراهن على أن تكون البوابة السورية بوابته الى كل المشرق العربي، قبل أن يفاجأ بالأيدي الاسرائيلية تدفع به الى الوراء. ليس له أن يبعث بجندي واحد الى دمشق، وأن يزورها شخصياً بعدما كان يأمل في "ليلة الأراكيل" في التكية السليمانية التي أمر السلطان سليمان القانوني ببنائها، عام 1554 في، المكان الذي كان يقوم فيه قصر الظاهر بيبرس، لتخدم عابري السبيل والفقراء وتؤمن لهم الطعام والمأوى والتعليم، وكذلك الحجاج...

اللافت، في هذا السياق. أن هناك لاعبين عرب على الساحة اللبنانية يعطون الأولوية لازالة "حزب الله" من الخريطة السياسية، دون النظر الى ما تمثله السياسات الهيستيرية الاسرائيلية من خطر على الوضع اللبناني، وحتى على الوجود اللبناني. واذا كان الصراع العربي ـ الاسرائيلي لم يعد وارداً في الكثير من رؤوس العرب، يبدو أن ضرب الدوحة أعاد الى الأذهان مدى الأهوال التي تواجهه كل دول المشرق العربي، لنلاحظ كيفية تعامل تل ابيب مع القاهرة التي عقدت معها السلام منذ نحو نصف القرن. اليوم تسعى اسرائيل الى استخدام اتفاقية الغاز مع مصر للضغط عليها لتوطين الفلسطينيين فيها.

لطالما دعونا الى الى معالجة الأزمة اليمنية بين السعودية وايران كعامل جوهري في دخول المنطقة في مرحلة جديدة من العلاقات، غير أن شخصية سياسية يمنية على تماس يومي مع ما نكتب فالت لنا "ان المشكلة باتت أكثر تعقيدأ بكثير من أن يحلها السعوديون والايرانيون".

في هذا الجو الملبد، ما زالت المساعي تجري على قدم وساق لترتيب لقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو. واذا كان لبنان قد عاش، وغالباً بصورة درامية، تداعيات العداء السوري الاسرائيلي على المشهد الداخلي، ثمة من يرى أن تداعيات أي اتفاق يعقد بين الرجلين ستكون له تداعياته المباشرة على ذلك المشهد. كيف؟

 منذ أن ذهب أنور السادات الى الكنيست، ولبنان يدفع الثمن الباهظ لأي سلام ولأي حرب. المناخ الاقليمي والدولي أكثر اثارة للخوف من الآتي. وصاية مشتركة أم ماذا...؟؟

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا