سلاح متطوّر للغاية... ماذا نشرت دولة عربيّة بالتزامن مع "ضربة الدوحة"؟
الأقليات السورية تتحرك في واشنطن: تنشيط للحلول السياسية أم أكثر؟
حظي قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بسوريا، والصادر عام 2015، في غضون الشهرين الفائتين بتأكيدين اثنين، أولاهما البيان الصادر عن مجلس الأمن 10 آب المنصرم، الذي أزاح الركام من فوق ذلك القرار الذي كان الظن أن «زلزال» 8 كانون أول الفائت قد أهال عليه كما من هذا الأخير سوف يصعب إزاحته، وثانيهما بيان جامعة الدول العربية، الصادر عن دورتها العادية الـ 164 يوم 9 أيلول الفائت، والذي دعا «جميع الأطراف( السوريين) إلى الإنخراط الجاد في العملية السياسية، استنادا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة( القرار 2254) ومخرجات جنيف»، التي قصد بها بيان «جنيف 1»، 30 حزيران 2012، والذي تكاد تكون مخرجاته على تطابق تام مع البنود التي تضمنها هذا القرار الأخير سابق الذكر، ومن المؤكد أن «التذكيرين»، الأممي والعربي، بذلك القرار، الذي قال بضرورة قيام «هيئة حكم انتقالية» قوامها من السلطة والمعارضة القائمين زمن صدور القرار، واعتباره سبيلا ناجعا لوضع «العربة» السورية على السكة الصحيحة، كانا قد شكلا انزياحا في المواقف التي تبناها كلا الطرفين، الأممي والعربي، بعيد وصول «هيئة تحرير الشام» إلى سدة السلطة في دمشق، كما من المؤكد أيضا هو إن اعتبارات عدة كانت قد تسببت في حصول ذلك «الإنزياح»، ولعل أبرزها أحداث آذار الدامية في الساحل، وكذا نظيرتها في السويداء شهر تموز الفائت، مع لحظ إمكان تكرار «الطبعة» ذاتها في الشمال الشرقي من البلاد، وعلى الرغم من تأكيدات السلطة بتغليب الحوار على الحل العسكري في معالجة الأزمة القائمة مع قوات «قسد» التي تسيطر على تلك المنطقة، إلا إن حظوظ هذا الأخير تبقى قائمة.
شهدت منطقة الساحل السوري في الأشهر التي أعقبت أحداث آذار حراكا مجتمعيا كبيرا، وكان من نتيجته بروز العديد من التيارات والكتل التي تفاوتت ما بين «الديني»، مثل «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى»، و«السياسي»، مثل «المجلس السياسي لغرب ووسط سوريا» الذي جرى الإعلان عنه قبل نحو شهر، ولربما تكرر الفعل عينه في السويداء، في وقت كانت تلك «الكيانات» قائمة في شمال شرق البلاد منذ وقت ليس بالقصير، لكن اللافت هو تلك التقارير التي أشارت، قبل أيام، لمحاولات تأسيس «المجلس العسكري للساحل السوري»، في محاولة لاستنساخ التجربة الحاصلة في الجنوب والشرق، وتضيف تلك التقارير إن اللبنة الأساسية التي سيقوم عليها هذا الأخير هي «ضباط وعناصر من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في الجيش السابق»، وإن تمويل المجلس سيقع على «عاتق رجال أعمال سوريين مقيمين بروسيا»، أما الغطاء السياسي اللازم لنجاح المجلس فتقول تلك التقارير إن «واشنطن هي من سيوفره، وهو ما يجري ترتيبه في الوقت الراهن»، وقد ذكرت مصادر محلية، وأخرى مقيمة بالخارج، للـ«الديار» عند سؤالها عن المصداقية التي تتمتع بها تلك التقارير، بالقول إن «ضباطا وعناصر من الجيش السوري السابق قد عادوا فعلا إلى سوريا في الآونة الأخيرة، وبعضهم لا يزال في لبنان»، لكن «من غير المعروف على وجه الدقة فيما إذا كانت عودة هؤلاء منظمة»، وتضيف تلك المصادر إن «هناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى إمكان أن تكون منظمة»، لكن الأفضلية الآن، والكلام لا يزال للمصادر عينها، هي«للعمل السياسي»، ولربما يمكن القول أن هذا «التفضيل» قد تم التوافق عليه بين تلك التيارات والكتل، وما يدعم هذا القول هو حديث منى غانم، المتحدثة باسم «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى»، مع قناة «رووداو» الكودية، الذي قالت فيه إن «العمل لم يبدأ بعد على موضوع فدرلة الساحل السوري»، وأضافت إن «من الأفضل أن يتحصل الساحل على هذا المطلب من خلال عملية سياسية شاملة لكل السوريين».
رصدت تقارير عدة لنشاط سياسي أقلوي «سوري ساحته الولايات المتحدة، وقد أشارت تلك التقارير إلى إن «ناشطين علويين ودروز وأكراد قد التقوا مؤخرا بعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي بواشنطن»، وتضيف تلك التقارير أن الهدف من تلك اللقاءات هو «التعريف بمشكلة الأقليات في سوريا، وسبل حلها»، وكذا «الوقوف على الموقف الأميركي من تلك المشكلة، ومحاولة كسب تأييد واشنطن لها انطلاقا من تثبيت رؤيا مفادها إن حلها هو السبيل الناجع الوحيد لترسيخ الإستقرار في سورية»، وأضافت تقارير أخرى إلى إن «النشاط الحثيث لأولئك الناشطين بات يلعب دورا هو أشبه بدور ( لوبي) أقلوي سوري في الولايات المتحدة»، وإن أولى أولويات ذلك «اللوبي» هو «الضغط على واشنطن للقبول بتمثيل الأقليات في المحافل الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة»، وتضيف التقارير سابقة الذكر إياها إن «ثمة توافقا مبدئيا قد حصل على اختيار الدكتورة منال الحجلي( من السويداء) لتكون ناطقا رسميا باسم هذا ( اللوبي)»، وفي اتصال للـ«الديار» مع مصدر مقرب من غرف صناعة القرار في «الإدارة الذاتية» بغرض الوقوف على صدقية تلك التقارير، أجاب المصدر إن «شخصيات علوية ودرزية وكردية تنشط في واشنطن في هذه الآونة لتحقيق مطالب عدة، وأبرزها راهنا هو المطالبة بتوجيه دعوة إلى إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية، جنبا إلى جنب الرئيس أحمد الشرع، الذي من المقرر له أن يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدروتها التي ستنعقد هذا العام بعد أيام»، وأضاف المصدر ردا على سؤال وجهته «الديار» ومفاده: ألا تندرج مطالب من هذا النوع تحت إطار اللاواقعية السياسية؟ رد المصدر بالقول: «قد يكون في مطالبنا شيئا مما ذكرتم، لكن السياسات الناجحة يجب أن تحتوي على بعض مما يمكن تسميته بجموح الخيال»، وختم «لربما يتحقق ما نطالب به».
من دون شك، شهد الموقف الأميركي خلال الشهر الماضي انزياحا طفيفا حيال مسألة «المركزية في سوريا»، الأمر الذي أثبتته تصريحات المبعوث توم براك بهذا الخصوص، والمؤكد هو إن تلك التصريحات كانت قد أعطت الزخم لكل هذا الحراك «الأقلوي» الذي تشهده واشنطن راهنا، والذي من المقدر له أن يتصاعد في غضون الأيام القليلة القادمة وصولا إلى انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، من دون أن يعني ذلك أن انتهاء أعمال هذي الأخيرة سيؤدي بالضرورة إلى خبو ذلك الحراك، ففعل من هذا النوع يبقى رهينا بالنيات الأميركية حيال مشكلة «الأقليات»، وماذا تريد لها أن تكون : أداة للدفع بحكومة دمشق نحو تقديم المزيد من التنازلات الخارجية ؟ أم لتقديم تنازلات داخلية يمكن أن تمهد لدخول البلاد في تسوية شاملة يمكن أن تحظى بالديمومة والإستمرار.
عبد المنعم علي عيسى-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|