الصحافة

العدوان على قطر يفتح الباب أمام محور عربي إيراني: فرصة تاريخية للصمود

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن الهجوم الإسرائيلي على ​قطر​ مجرد عدوان عابر في سياق الصراع المستمر في المنطقة، بل لحظة مفصلية كشفت حجم التهديد الذي يتجاوز حدود فلسطين وغزة. لأول مرة يدخل الاعتداء الإسرائيلي قلب عاصمة خليجية لعبت دور الوسيط، فاهتزت القاعدة التقليدية التي كانت تحصر المواجهة في دائرة ضيقة محيطة بفلسطين المحتلة، وبهذا المعنى، شكّل العدوان حدثاً نوعياً قلب المزاج العام ويُفترض أن يُجبر العواصم العربية على إعادة النظر في حساباتها.

قبل هذا العدوان كان النقاش العربي ينقسم بين مسار التطبيع ومسار الاعتراض التقليدي. لكن بعد الدوحة تغيّر الجو العام، إذ للمرة الأولى صار الخطاب العربي يتحدث عن مشروع إسرائيلي توسعي يهدد كل الدول، لا فقط تلك التي ترفع لواء المقاومة. وبدا واضحاً أن ما يجري لم يعد يتعلق بـ"نزاع حدود" أو "قضية فلسطينية" فقط، بل بخطة شاملة تستهدف الأمن والسيادة في المنطقة كلها. هنا برز وعي جديد، عبّر عن نفسه في مواقف رسمية وشعبيّة متشابهة، مفادها أن الخطر لم يعد بعيداً عن أي عاصمة عربية.

اللافت أن هذا التطور ترافق مع اهتزاز الثقة بالحماية الأميركية التي لطالما دفع لأجلها العرب الأموال الطائلة، إذ بدا جلياً أن واشنطن لا تقف في وجه الاعتداء الإسرائيلي، حتى لو طال حلفاءها في الخليج. هذا الإدراك شكل صدمة لدى العديد من العواصم التي لطالما بنت أمنها على المظلة الأميركية. ومع سقوط الوهم، يجب أن يبدأ البحث عن بدائل جديدة، وعن شراكات إقليمية قادرة على تأمين التوازن المطلوب وردع التهديدات.

في هذا السياق تبرز إيران كلاعب أساسي لا يمكن تجاهله، فالتقارب معها لم يعد مجرد خيار نظري، بل مصلحة عمليّة يمكن أن تفتح باباً جديداً للأمن الإقليمي. العرب الذين يواجهون تهديداً وجودياً من مشروع "إسرائيل الكبرى" باتوا بحاجة إلى توازن قوى حقيقي، لا يتحقق إلا من خلال تعاون مع طهران.

ليس المطلوب تحالفاً عسكرياً بالضرورة، بل شراكة سياسية ودبلوماسية وأمنية تعيد صياغة موازين القوى، وتمنح العرب ورقة ضغط إضافية في مواجهة إسرائيل، وهذه هي الفرصة الملائمة لذلك، فالملفات المشتركة كثيرة، حماية السيادة الوطنية، ضمان أمن العواصم والمدن، تحصين دور الدول الوسيطة، والأهم الدفاع عن الحقوق الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع. من هنا يمكن تصور مسار جديد يقوم على تنسيق سياسي في المحافل الدولية، عنوانه آلية مشتركة لإدارة التوترات الأمنية على الأقل.

مع ذلك، يدرك الجميع أن التقارب العربي الإيراني محفوف بالعقبات. فهناك ملفات خلافية عميقة، وهناك خشية من أن يؤدي أي اندفاع إلى مواجهة مباشرة مع قوى دولية معارضة. لكن اللحظة التاريخية تفرض نفسها، فالعدوان الإسرائيلي على قطر كشف أن الخطر واحد، وأن استمرار الانقسام الإقليمي لن يؤدي إلا إلى تسهيل المشروع الإسرائيلي في تفتيت المنطقة.

الهجوم على الدوحة إذاً لم يكن مجرد حدث أمني استهدف مسؤولي حركة حماس في الخارج، ولا هو استهداف لأصل التفاوض والمفاوضات لا المفاوضين وحسب، بل إنذار استراتيجي للعرب جميعاً. للمرة الأولى يتحدثون عن إسرائيل باعتبارها تهديداً شاملاً، لا نزاعاً محدوداً، وهنا تكمن الفرصة في أن يتحول الغضب العربي إلى سياسة عقلانية، وأن يُترجم في خطوات عملية تفتح الباب أمام تعاون عربي إيراني يضع حداً للمشروع الإسرائيلي التقسيمي.

محمد علوش -النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا