قصة الـ 14 مليون دولار ودور أنقرة في مساعدة الجيش
في توقيت بالغ الحساسية داخلياً وإقليمياً، أعلنت الولايات المتحدة الاميركية عن تقديم مساعدة مالية بقيمة 14 مليون دولار للجيش اللبناني، في لحظة تشهد فيها البلاد تحولات جوهرية، وسط تصاعد الجدل السياسي والشعبي حول مسألة "حصر السلاح" بيد الدولة.
هذه المساعدة، التي قد تبدو للوهلة الأولى رقماً تقنياً ضمن سجل الدعم الأميركي المستمر للجيش، تكتسب اليوم طابعاً سياسياً واستراتيجياً استثنائياً، خاصة أنها تأتي بعد تقديم المؤسسة العسكرية لخطتها حول حصر السلاح، وبعد الانقسام الحكومي الواضح حولها.
فوفقا للمعنيين، تتخطى هذه المساعدة، شكلا ومضمونا، مجرّد كونها دعما لوجستيا تقنيا، باعتبارها جزءا من هندسة استراتيجية أميركية أكبر تعيد تثبيت دور الجيش كمؤسسة مركزية في أي تسوية لبنانية مقبلة، فضلا عن أنها تتقاطع مع المساعي الأميركية والإقليمية تجاه لبنان.
مصادر متابعة لمسار التعاون العسكري اللبناني - الاميركي، توقفت عند رمزية الاعلان عنها، مباشرة بعد "زيارة غير تقليدية" لكل من الموفدة الاميركية مورغان أورتاغوس وقائد القيادة الوسطى الأدميرال براد كوبر إلى لبنان، ما يجعلها، عنصراً تنفيذياً ضمن خطة أميركية متكاملة، لا يمكن فصلها عن الجهود الديبلوماسية والسياسية التي تقودها واشنطن في المنطقة.
وحول بعدها الاستراتيجي، رأت المصادر انه من الناحية العسكرية، تساعد هذه المنحة في سدّ بعض الثُغر الأساسية في قدرات الجيش وامكاناته، تحديدا على صعيد التعامل مع الذخائر المصادرة، بعد سلسلة الحوادث التي ادت الى سقوط شهداء وجرحى، من خلال التمويل الموجّه لتجهيزات محددة، ورفع الجهوزية في مناطق حساسة، خصوصاً في قطاع جنوب الليطاني، الذي يشكل المرحلة الاولى والاساسية من "الخطة الخمسية" لقيادة الجيش.
وتكشف المصادر ان قصة المساعدة تعود اشهر الى الوراء مع بدء تنفيذ الجيش لانتشاره في منطقة جنوب الليطاني، وفقا لمندرجات اتفاق وقف النار، وانطلاق عملية جمع السلاح، بداية من المواقع والبنى العسكرية التي استهدفتها الغارات وادت الى تدميرها جزئيا، حيث اصطدمت اليرزة بمشكلة عدم توافر الموارد اللوجستية والتقنية لبعض جوانب التعامل مع المتطلبات.
يومذاك، والكلام للمصادر، اتفق على ان تتواصل واشنطن مع انقرة لتامين اللازم، الى حين انجاز الجيش الاميركي الترتيبات اللازمة لللاستجابة لطلب الدعم اللبناني، من صواعق ومتفجرات وغيرها، وهو ما حصل فعليا، حيث قامت السفيرة الاميركية في بيروت بالتواصل مع السفير التركي، بدعم ومساعدة من الموفد توم براك وتم تامين جزء مهم من المطلوب من تركيا.
عليه تعد هذه المساعدة رسالة استراتيجية أكثر منها دعما ماديا، فهي خطوة محسوبة لتثبيت دور الجيش في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلّق بتطبيق خطة حصر السلاح، ومراقبة الحدود، وتثبيت الاستقرار في الجنوب. لكن في المقابل، يبقى نجاح هذه الاستراتيجية مرهوناً بقدرة الجيش على الموازنة بين ضغوط الخارج وتعقيدات الداخل، وبمدى توافق القوى السياسية اللبنانية على رؤية موحّدة لدور الجيش.
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|