مجزرة تفتك باللبنانيين... وصرخة استغاثة بمثابة إخبار: هل يتحرّك المعنيون؟
خوف العرب بعد ضربة قطر نقل العدو من إيران الى إسرائيل
في سابقة خطيرة وغير مسبوقة، استهدفت إسرائيل العاصمة القطرية الدوحة بغارة جوية استهدفت قيادات فلسطينية من حركة "حماس" كانت تجتمع لبحث مبادرة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لوضع حد للحرب في غزة. هذا التطور الاستثنائي طرح أسئلة استراتيجية تتجاوز الحدث العسكري نفسه، لتطال موازين القوى، وحدود التحالفات، وصولاً الى مستقبل الدور الأميركي في الخليج.
ولأول مرة، توجه إسرائيل ضربتها إلى دولة خليجية، علماً ان الخليج لم يشكل يوماً تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل. قطر، التي لطالما لعبت دور الوسيط بين الأطراف، تحوّلت إلى ساحة قتال ضمن ما يبدو أنه توسيع ممنهج لنطاق العمل العسكري الإسرائيلي. وهذا يفتح الباب أمام احتمالات مقلقة لبقية دول الخليج: هل باتت العواصم الخليجية أهدافا مشروعة من وجهة النظر الأمنية الإسرائيلية؟ وما يعزز هذا التساؤل هو تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يشعر بالاحراج جراء الضربة، لا بل رفع السقف حين قال ان كل دولة، اياً تكن، معرضة للضربات الاسرائيلية اذا ما أوت عناصر من حركة "حماس".
من هنا، فإن ما يقلق في الضربة ليس فقط موقعها، بل توقيتها وسياقها ومعانيها، اذ يبدو واضحاً ان اسرائيل ترغب في اغتيال اي فرصة للسلام والتهدئة، وها هي للمرة الثانية، تستهدف الاشخاص المفترض ان يكونوا مسؤولين عن اتخاذ القرار لجهة الاعمال القتالية والمواجهات، وغيابهم يعني ان القرار سيبقى ضائعاً، وربما هذا ما يريده نتنياهو ليبرر "جنونه" وهدفه باقامة "اسرائيل الكبرى".
ولكن، هذه الضربة تحديداً، تضع الولايات المتحدة في موقف دقيق للغاية. فقطر حليف استراتيجي لواشنطن وتستضيف واحدة من أهم القواعد الجوية الأميركية، وهي لبّت رغبة الادراة الاميركية في الوساطة. ومع ذلك، لم تبد واشنطن موقفاً حازماً تجاه إسرائيل بعد الضربة، ما قد يفسّر خليجياً على أنه عجز أو تواطؤ، ويقوّض ثقة الحلفاء الإقليميين بمظلة الحماية الأميركية. ولهذا التحوّل في الشعور الخليجي عواقب غير معروفة او مدروسة، فقطر مثلاً قد تبدأ فعليًا في تنويع تحالفاتها الدولية، والبحث عن شركاء جدد يوفّرون هامش أمان أوسع وفي مقدمهم الصين. وقد تسرّع هذه الضربة في تحريك دول الخليج وتضعها امام خيار الاستمرار في الاعتماد على الحماية الأميركية، أو الاتجاه نحو تنويع الشراكات، خصوصاً وان الصين اثبتت انها قادرة على الوقوف في وجه اميركا. لكن هذا التوجّه محفوف بالمخاطر. فالصين لم تُثبت بعد قدرتها على توفير الحماية العسكرية بالمعنى التقليدي، كما أن الانحراف عن المنظومة الأميركية قد يُترجم إلى ضغوط اقتصادية وعقوبات غير مباشرة. الا ان أخطر ما أنتجته الضربة هو تبدّل الرؤية العربية تجاه التهديدات الإقليمية. فعلى مدى سنوات، شكّلت إيران الهاجس الأمني الأول في الخليج، لكن استهداف قطر، بهذا الشكل، قد يبدّل هذه المعادلة. باتت إسرائيل نفسها موضع تساؤل: هل تحوّلت من شريك محتمل إلى تهديد فعلي للسيادة والأمن؟.
لذلك، فإن ما حدث في الدوحة ليس مجرد "عملية أمنية" إسرائيلية، بل هو لحظة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وفي علاقة الخليج بالولايات المتحدة. فإما أن تشكّل هذه الضربة نقطة تحوّل نحو توازنات جديدة، أو تكون مقدمة لفوضى إقليمية أوسع، تعيد تعريف من هو الحليف، ومن هو الخصم، في مشهد تزداد حدّته يومًا بعد يوم، وتعطي الشعوب العربيةلاول مرة منذ عقود طويلة، فرصة رؤية قادتهم وزعمائهم امام توجه واحد، وفي مواجهة عدو واحد، وهذه المرة ليس ايران، بل اسرائيل، ما ينقل المشهد بأسره الى مرحلة اخرى لم تعتد عليها المنطقة بهذا الشكل.
طوني خوري- النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|