الصحافة

أول تجمّع معارض للشرع: "الكتلة الوطنية" تختبر "النضال السياسي"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يمثّل إطلاق «الكتلة الوطنية السورية»، بما ينضوي تحتها من أحزاب وتيارات فكرية وشخصيات من مشارب مختلفة، أول حراك سياسي فعلي في مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، وأول تجمّع للقوى الحزبية والمدنية ضد السلطات الانتقالية في سوريا، برئاسة أحمد الشرع، الأمر الذي يضع على عاتق هذا التجمع مسؤوليات عديدة، أبرزها إمكانية الصمود في وجه مزيج العسكر – الدين الذي يحكم سوريا حالياً، والذي يحظى برعاية أميركية، ودعم تركي – خليجي، وقبول أوروبي.

ورسمت «الكتلة» التي أُعلن، أمس، عن تشكيلها عبر بيان مصوّر شارك فيه ثلاثة أعضاء من لجنة التواصل فيها، هم: الناشط الحقوقي السوري المعروف هيثم المناع، والقيادي في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» طارق الأحمد، والناشطة السورية فرانسيس طنّوس، ملامح خطة كاملة لشكل سوريا وإدارتها ومؤسساتها وثوابتها، ستعمل على تحقيقها كما قالت.

ويكشف ما تقدّم عن تحضير مُسبق مطوّل قبل الإطلاق، كما يكشف عن جهد مبذول في إيجاد مقاربات مقبولة بين الأطراف المختلفة المنضوية في هذا التشكيل السياسي، الذي من المتوقّع أن يشهد نمواً مطّرداً خلال الفترة المقبلة، في ظل رغبة القائمين عليه في حشد أكبر عدد ممكن من الأصوات السورية لمؤازرة مشروعهم، الذي حظي، وفق مصادر من داخله تحدّثت إلى «الأخبار»، بدعم من شرائح ومناطق وشخصيات سورية عديدة، بينها شيوخ عشائر ورجال أعمال وسياسيون، بعضهم اختار العمل المستتر في البداية، حتى نضوج المشروع.

وحول سبب وجود أسماء مستترة في الكتلة في الوقت الحالي، قالت عضو لجنة الاتصال في «الكتلة»، راميا إبراهيم، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «الكتلة تضمّ قوى وأحزاباً سياسية ومن المجتمع المدني وشخصيات وطنية مؤثّرة من الداخل والخارج، لكنّ الظروف الراهنة في البلد ومنع السلطات في دمشق للنشاط الحزبي والعمل السياسي وتشديد القبضة الأمنية، وحرصاً على زملائنا في الداخل كان قرار الكتلة بالإعلان عن تأسيسها وإدارة نشاطها من الخارج، ويبقى عملنا في الداخل غير معلن إلى حين تحقيق ما نعمل ونطمح إليه، ألا وهو العمل من داخل سوريا بشكل علني وبكل حرية ضمن مناخ سياسي حر ومفتوح للجميع من دون استثناء».

وحول مكان نشاط الكتلة وآليات عملها، توضح إبراهيم أن «الخطوات العملية الأولى بعد إعلان التأسيس - وقد بدأنا بها -، هي العمل على التعريف عن الكتلة وأهدافها ومبادئها عبر المكتب الإعلامي لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من شعبنا وفتح باب الانتساب». وأضافت: «بات لدينا أعداد كبيرة من طلبات الانتساب ستعلن عنها الكتلة لاحقاً»، متابعة أنه «من ضمن الخطوات أيضاً العمل في الأروقة الأممية في أثناء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وتوزيع أوراق الكتلة التي تمّت ترجمتها إلى أكثر من ست لغات والتعريف عن مشروعنا الوطني وإيصال صوت الشريحة الكبرى من الشعب السوري التي ترفض التقسيم بكل أشكاله وأنواعه».

بدوره، أشار المناع، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «الكتلة الوطنية السورية لم تلد بشكل رغبوي، وإنما استجابة لوضع مأساوي صار فيه الجميع من غير السوريين يسمح لنفسه بالتدخل والتقييم والحكم مكان السوريين والسوريات».

وتابع، رداً على سؤال حول الأدوات التي يتم التعويل عليها لضمان استمرار هذه الكتلة ومنع دخولها في دوامات عديدة دخلتها تجارب سابقة خلال السنوات الماضية، أنه «اليوم رأي الأغلبية السورية الصامتة يتم اغتياله في وضح النهار (...) مهمة العناصر الحريصين على بناء سوريا المواطنة والوطن الموحّد وسيادة الوطن أن يتحركوا لكي يبصر العالم بأن المجتمع السوري يرفض الانتحار ويرفض الاغتيال»، لافتاً إلى أن «هذا الوضع الجديد والاستجابة لتحدياته هما الاختبار الحقيقي لكل المؤمنين بضرورة المقاومة والنضال من أجل التغيير رغم كل الجروح والقروح التي عشناها في 14 عاماً»، على حدّ تعبيره.

وعبر بيانها التأسيسي، ألزمت الكتلة نفسها بجملة من المبادئ التي يمكن اعتبارها جامعة، أبرزها «وحدة سوريا الجغرافية والسياسية وعدم قابلية التجزئة، مع تجريم أي دعوات للتقسيم أو الانفصال»، خصوصاً في ظل محاولة تهشيم البلاد عبر دعم إنشاء كيانات تسعى إلى الانفصال.

في هذا السياق، بدا لافتاً تبنّي «الكتلة» فكرة لامركزية الدولة، باعتبارها «الحل الأمثل» للخروج من المأزق التي تمرّ به البلاد، ومنع أي انزلاق إلى الانفصال التام وتفتيت وحدة التراب السوري. كذلك، بدا لافتاً تحصين هذه المبادئ باعتبارها «فوق دستورية»، بمعنى أنها غير قابلة للمساومة أو التغيير، ولا تذهب مع ذهاب الدستور، بل تشكّل أساساً لبناء أي دستور.

إلى جانب ذلك، تضمّن البيان التأسيسي الذي تلاه المناع تركيزاً واضحاً على مسألة وضع حدّ للتدخلات الخارجية، وذكر بالاسم تركيا و«الكيان الصهيوني»، وهو التعبير الذي اختارته الكتلة لوصف إسرائيل باعتبارها كياناً لا دولة، الأمر الذي يتوافق مع الثوابت التاريخية التي عرفها السوريون منذ اللحظة الأولى لظهور هذا الكيان، ويمكن بدوره أن يحصّن مساعي التشكيل السياسي الوليد ويضع إطاراً واضحاً لأفكاره السياسية ومبادئه غير القابلة للتفاوض، وعلى رأسها الموقف من إسرائيل باعتبارها عدواً لسوريا.

وفي ردّه على سؤال «الأخبار» حول أبعاد النشاط السياسي في هذه الكتلة، ذكر عضو لجنة التواصل، طارق الأحمد، أن هذا النشاط «يعتمد بالدرجة الأولى على الوصول إلى الشعب السوري بمعناه العابر للمناطق والطوائف والجماعات». وتابع: «نحن نعارض جميع الطروحات التي تفرّق شعبنا على أساس التقسيم الطائفي أو العرقي، ونعتقد أن هذه الوصفة بدأت باستنزاف الدم السوري، فيما نحذّر، في الكتلة الوطنية، من تحوّل سوريا إلى برك من الدماء في حال استمر تقسيم الشعب على أساس طائفي».

وضرب أمثلة على الأوضاع في الساحل السوري والسويداء، بالقول: «نحن نتصدّى لهذه الفكرة ونعتبرها أمراً رئيسياً، ونحن لا نرفض التعامل مع أي سوري، نريد أن نجذب الجميع إلى الخط الوطني». كما شدّد الأحمد على ضرورة مشاركة الأحزاب السياسية وقوى المجتمع الوطني، باعتبارها جامعة، على عكس الطوائف.

إلى جانب ذلك، تضمّن البيان التأسيسي، وما تلاه من مبادئ وميثاق للشرف، تصويراً دقيقاً وتفصيلياً لجميع الجوانب المتعلقة بأهداف الكتلة وآليات عملها، وتصوّرها لشكل الدولة المأمولة، ذات الطابع المدني، والتي تضم مؤسسات وطنية لا يمكن المساس بها، على رأسها جيش البلاد، الذي ذكر البيان أنه سيعود إلى شكله الإلزامي ضمن فترة يحدّدها الدستور، لما لهذه المؤسسة من دور بالغ الأهمية في حماية مصالح سوريا، ومنع تقسيمها، ووضع حدّ لاستمرار التدخلات الخارجية فيها.

ويشكّل هذا التجمع السياسي اختباراً هو الأول من نوعه للنشاط السياسي المدني المعارض للسلطات الانتقالية التي تحاول تأسيس سلطة مركزية؛ وهو يأتي وسط تحذيرات من إعادة بناء ديكتاتورية في سوريا، في ظل الصلاحيات المطلقة التي تمّ منحها للرئيس الانتقالي والمقرّبين منه، إلى جانب منع نشاط الأحزاب السياسية. ويجعل ذلك الحكم على قدرة التجمع السياسي الوليد على البقاء، وتحقيق خرق في الملف السوري مسألة تحتاج إلى وقت قبل النظر فيها، في ظل الإصرار على النضال السياسي، والابتعاد عن العسكرة، التي يرى القائمون على الكتلة أنها ستزيد من تفتيت سوريا.

عامر علي -الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا