"نكتة سمجة"... وهاب يرد على بيان الداخلية السورية حول خلية الحزب
مشروع الهجري الانفصالي يتصدّع... وطريف يضع سقف المطالب في إطار الدولة السورية
في الوقت الذي راحت تتعالى فيه مواقف الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية بالسويداء، وصولا إلى مطالبته بـ«حق تقرير المصير الذي تكفله جميع المواثيق الدولية»، مشيرا في الآن ذاته إلى «قدرة الدروز على إدارة مناطقهم»، بدا أن ثمة مواقف أخرى، داخل المدينة، تبدو مغايرة لمواقف الشيخ الأخيرة، وهي تنظر إلى مواقف الشيخ على إنها «حالمة»، ومن الصعب إيجاد تراجم لها على الأرض تمكينا لمشروعه الذي راح يعاني تصدعا على ضفتي الداخل والخارج الدرزيين، وعلى الضفة الأولى يمكن القول إن الأوضاع المعيشية التي راحت تتفاقم على امتداد الشهرين الماضيين، سوف تؤدي إلى تنامي تلك المواقف وخروجها للعلن، فوفقا للناشط جميل حاتم «وصل سعر ليتر البنزين بالسويداء إلى 80 ألف ليرة ( حوالى 8 دولار)»، قبيل أن يضيف إنه «مرشح لعبور حاجز مئة الألف، ولربما أكثر، إذا ما استمرت الحال هذه»، وزاد منها أن صرف الرواتب في المحافظة متوقف منذ اندلاع الأحداث فيها منتصف شهر تموز الفائت، أما على الضفة الأخرى، الخارجية، فقد برزت العديد من المواقف التي جاءت متناقضة مع مشروع «الشيخ» لاعتبارات عديدة، لعل من أبرزها وقوفها على ما يدور في ردهات صناعة القرار المؤثرة في المشهد.
قبيل توجهه إلى واشنطن دعا الشيخ موفق طريف، شيخ عقل طائفة الدروز الفلسطينيين، الحكومة السورية إلى «العمل على استعادة ثقة الدروز، وضمان حقوقهم الدينية والسياسية»، وأضاف في منشور له على صفحته بأنه «يأمل بإعطاء الدروز حقوقهم ضمن إطار الدولة السورية»، مشيرا إلى إن «فرصة ذهبية قد ضاعت في احتضان الدولة السورية لجميع المكونات، ولم تتحقق»، ومن الواضح أن هذا الخطاب يبدو متناقضا مع «المشروع» الذي ذهب إليه الشيخ الهجري، كما من المؤكد أن الشيخ طريف ما كان له أن يذهب إلى ما ذهب إليه لولا توافرت لديه معطيات عديدة تؤكد على إن «جنين» ذلك المشروع سيموت في «رحم أمه»، ولعل من نافل القول إن «الخرائط الملونة لا تقيم، أو تحمي، دولا أو كيانات»، ثم إن «مسمار» الأمن، على أهميته، لا يستطيع وحده حمل «الجسور» التي سيسير عليها الناس.
وفي تخمين، أو تقدير، المعطيات التي بنى الشيخ طريف عليها مواقفه، وتحديد تخومها، يمكن لحظ اثنين بارزين منها، الأول عندما ذكر في منشور له، عشية أحداث السويداء شهر تموز الفائت، وفيه قال إن «بحثا معمقا أجري في جامعة تل أبيب عام 2022، والبحث أظهر أن 82 % من الدروز في فلسطين مستعدون للتضحية بحياتهم في سبيل مناصرة أشقائهم الدروز في البلاد، أو أي بلاد أخرى»، وإن «77 % منهم مستعدون لحمل السلاح من أجل ذلك»، ولربما كان ذلك سببا مباشرا في ذهاب تل أبيب إلى ما ذهبت إليه يومي 15 و 16 تموز، عندما قصفت أرتال القوات الحكومية في محيط السويداء ومبنيي وزارة الدفاع والأركان السوريتين على التوالي، لكن ذلك لم يكن يعني، بالنسبة لتل أبيب، إمكان الذهاب إلى أبعد من ذلك، وقد نقلت «قناة الحدث»، يوم 9 أيلول، عن مصدر اسرائيلي قالت إنه رفيع المستوى، قوله «ساعدنا دروز السويداء لأجل دروز اسرائيل، ولم نتعهد بأي أمر آخر»، والثاني هو ما ذكره طريف في منشور لاحق جاء فيه إن مصادر في تل أبيب ذكرت إن «مشايخ السويداء يقفون بأكثريتهم الساحقة مع الدولة السورية، ولا يوافقون على ما طرحه الشيخ حكمت الهجري من مبادرات انفصالية»، ولربما أيضا يمكن الإتيان على معطى ثالث هام، وإن لم يبرز من خلال منشورات الشيخ، لكنه كان حاضرا في حساباته بالتأكيد، وهو يتمثل بمواقف «الحزب التقدمي الإستراكي» التي حذرت من أي دعوات «للركون للحماية الإسرائيلية»، كما دعت الدروز السوريين إلى «تعزيز العلاقة مع العشائر العربية، ومع الدولة السورية»، ومثل هكذا مواقف لا بد من أن تدفع بالشيخ الهجري، أو هكذا تقتضي الواقعية، إلى مراجعة حساباته بسبب انغلاق «التخوم» اللبنانية بوجه مشروعه بعيد انغلاق نظيرتها الفلسطينية،
ذكرت مصادر مطلعة في السويداء للـ «الديار» أن الشيخ موفق طريف أجرى اتصالات عديدة مع شيوخ ووجهاء بالمحافظة، وقد أوضح الشيخ من خلالها إن أهداف زيارته إلى واشنطن تكمن عند «الضغط على المجتمع الدولي لتأمين حماية المدنيين في جبل الدروز»، و «تثبيت وقف إطلاق النار بشكل شامل ومستدام»، على أن يعقب ذلك «وصول المساعدات وعودة المخطوفين والمخطوفات»، وإن «مصلحة الجبل اليوم تقتضي الوقوف عند تلك السقوف، لأن محاولات رفعها تبدو مستحيلة، وآفاق نجاحها تبدو مسدودة راهنا، ما لم تتغير المعطيات»، واللافت هو إن الشيخ كان قد ذكر، قبل أيام، إنه «تلقى اتصالات مباشرة من رؤساء روحيين، مسيحيين وعلويين، في سوريا، يناشدونه فيها الاهتمام بأوضاعهم وإغاثتهم كما يفعل مع الدروز»، وقد أضاف طريف في هذا السياق إن «مصادر في تل أبيب كانت قد ذكرت أن موضوع (الأقليات) في سوريا سيطرح في اللقاء المزمع عقده بباريس بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر في غضون الأيام القليلة المقبلة»، وهذا يعني إن الشيخ طريف يرى إن حل «ملف» السويداء من الأفضل له أن يجري في سياق حل «ملف الأقليات» ككل، وليس بعيدا عن هذا الأخير.
من الصعب على أي جهة فاعلة بالسويداء أن تتجاهل هذه المعطيات، والذهاب إلى فعل من هذا النوع سيكون خيارا «انتحاريا»، أما الكيفية التي يمكن من خلالها الذهاب إلى انعطافة الـ«180 درجة»، فمسالكها عديدة، ولا ضير في وضعها كلها على الطاولة من دون وجود «محرمات» تدفع إلى إبقاء بعضها تحت هذه الأخيرة.
عبد المنعم علي عيسى-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|