الصحافة

“الحزب” و”درعه” المثقوب!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

وافق مجلس الوزراء اللبناني الجمعة على خطة الجيش لنزع سلاح حزب الله وإخضاع كافة الأسلحة لسلطة الدولة. ومع ذلك، يبقى السؤال الكبير مطروحًا: هل سيُعتمد جدول زمني للتنفيذ؟ أم سنجد أنفسنا أمام مماطلة تمنح فرصة ذهبية للحزب لتلميع صورته بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الإيرانية-الأميركية؟

بالنسبة للأفرقاء جميعهم، المسألة محسومة: على الميليشيا الموالية لإيران التخلي عن ترسانتها بغض النظر عن الجدول، لأنها غير شرعية، ولأنها بكل بساطة، سبب البلاء في لبنان.
وبدورها، تتوخى الولايات المتحدة التأكيد على عزمها متابعة الوضع من خلال عودة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس الأحد إلى بيروت. وفي الزيارة المخصصة للقاء “السلطات العسكرية”، رسالة واضحة: ملف سلاح حزب الله ما عاد مشكلة لبنانية داخلية، بل أولوية على أجندة واشنطن. والأميركيون ملّوا ببساطة، شأنهم شأن معظم اللبنانيين، من الأسطوانة التي يعزفها الحزب منذ سنين.
أربعون عامًا والنغمة ذاتها تتكرر.. بالرتابة ذاتها: سلاح حزب الله هو “درع لبنان”. ولكن ما الذي حصل بالنتيجة؟ في كل حرب، استحال لبنان جثة اقتصادية، وتكلف عند كل اشتباك دماءً ومليارات، ومقابل كل صاروخ أُطلق، دمار شامل… في قلب لبنان. وما زلنا بانتظار تفعيل ذلك “الدرع” الموعود.

وبالانتظار، يتشبث الحزب بصواريخه كأنها آخر الكنوز الوطنية. ويطالب لبنان بـ”خطوة مقابل خطوة” مع إسرائيل. لكن هذه الخطوة أقرب إلى رقصة في حلقة مفرغة: مكانك راوح، دون أي نتيجة تذكر! والبلد يبقى رهينة ميليشيا تأتمر من طهران وتلعب دور الدولة داخل الدولة، دون أي إطار شرعي.

وفي الوقت الضائع، تنشغل بعض الأوساط المحسوبة على حزب الله بإطلاق فزّاعات من مسرحية هزلية لا تنتهي، هدفها الوحيد إبقاء السلاح في المعادلة. فهناك سيناريو متصور عن “ترحيل” شيعة لبنان إلى العراق، كأننا في فيلم خيال علمي. وهناك، مطلب أغرب من الأرشيف: تقسيم السلطة إلى ثلاثة أثلاث، كأنّ لبنان وليمة والكل يتهافت للحصول على قطعته من “كعكة السلطة”.

بيد أنّ المشكلة تكمن في أنّ اتفاق الطائف لم يأتِ يومًا على ذكر “الأثلاث”، بل نصّ على المناصفة الصريحة: النصف للمسيحيين والنصف للمسلمين. لا أكثر ولا أقل. وأي تخييل آخر ما هو إلا تحريف للنص وإيقاظ لنار الإنقسام التي لا يتحملها أحد. والنتيجة؟ نبقى أسرى الخرافات التي لا تهدف إلا لتشويش الناس وإيهامهم أنّ المشكلة الحقيقية في مكان آخر.

وبالطبع، يُجري حزب الله مفاوضات في الكواليس. ويُحكى عن صفقة من نوع لبناني خالص: نزع سلاح تدريجي مقابل عفو عام. مقايضة على شاكلة: “سأسلّم سلاحي، لكن في المقابل، عليكم أن تعدوني بعدم تحميلي مسؤولية خراب البيت الداخلي”.. فكرة معقدة خصوصاً إذا تذكّرنا سجل الإنجازات الطويل لهذه الميليشيا… أو بالأحرى سجل الخراب والمآسي.

والحقيقة التي لا جدال فيها: أسلحة حزب الله لم تحمِ لبنان يومًا، بل زادته ضعفًا وهشاشة. سلاح غير شرعي، قائم حصراً على عناد ميليشيا جعلت منه مصدر دخل دائم.

واليوم، يبقى السؤال الكبير: إلى متى سنبقى “نحتمي” بهذه المظلة الممزقة قبل أن ندرك أننا مبتلّون بالفعل؟ ولا جدوى للمحاولة طالما أنّ المشكلة الحقيقية لم تُحل.

كم يستحضرنا في هذه الظروف قول فولتير: “من يجعلك تؤمن بالسخافات والخرافات يستطيع أن يجبرك على ارتكاب الفظائع”.. ألم يحن الوقت للتخلص من ذلك “الدرع” المثقوب؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا