الصحافة

زيارة أورتاغوس – كوبر: ذروة الاشتباك السياسي – الاستراتيجي بين بيروت وواشنطن

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تأتي الزيارة المرتقبة لكل من قائد القيادة الوسطى الأميركية  (CENTCOM) الادميرال براد كوبر، والمبعوثة السياسية مورغان أورتاغوس إلى بيروت مباشرة بعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني في الخامس من أيلول 2025، المخصصة لتسلّم خطة الجيش اللبناني الهادفة إلى حصر السلاح. من هنا تكتسب الزيارة أهميتها البالغة من توقيتها وسياقها: فهي لا تتم فقط في لحظة لبنانية داخلية حسّاسة، بل أيضاً في لحظة إقليمية مشحونة بالتغيّرات، خصوصاً على صعيد التوازنات الأمنية في المنطقة، ومسار التوتر من غزة الى اليمن، والضغوط على طهران ودمشق وبيروت، والاهم "اعادة بناء" الهيكلية العسكرية الاميركية، بما يتلاءم مع تطلعات "الادارة الترامبية"، تزامنا مع نقل الجيش الاسرائيلي لعقيدته القتالية الجديدة، الى الصعيد التطبيقي.

واضح على المستوى الاستراتيجي، سعي واشنطن من خلال هذه الزيارة إلى "ترجمة" نتائج الجلسة الحكومية إلى خطوات عملية تُرضي تطلعاتها في ما يُعرف بـ"ضبط البيئة الأمنية" جنوباً، بما يخدم أمن إسرائيل أولاً، ويضمن استقراراً مشروطاً يمكن البناء عليه سياسياً واقتصادياً. فاجندة قائد القيادة الوسطى، الادميرال براد كوبر، أمنية دقيقة، مفادها: هل بات الجيش اللبناني مستعداً، تقنياً وسياسياً، للعب دور فاعل في مراقبة الحدود، ومنع التصعيد، وفرض "الحوكمة" الأمنية؟ وهل يتمتع بالغطاء السياسي والشعبي الكافي لتنفيذ هذه المهمة دون الانزلاق إلى مواجهات داخلية؟

هذا ما تكشفه المعطيات من واشنطن، والتي اشارت الى ان لقاء مطولا جمع اورتاغوس وكوبر في تامبا، عشية الرحلة اللبنانية، حيث تمت مناقشة مفصلة وعميقة للوضع اللبناني، مطلعة "الادميرال" على تقييمها للقيادات السياسية والعسكرية، وعلى وجهة نظرها، بالنسبة للوضع العام، من هنا الجولة المشتركة التي يعتزمان القيام بها، "بتكليف" مباشر من الرئيس ترامب.

ووفقا لجدول اعمالهما في بيروت، حيث سيصلان مطلع الاسبوع الى بيروت، فان اول اللقاءات سيكون مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي تجمعه علاقة "غير ايجابية" باورتاغوس، حيث سيستمع كوبر الى طرح اليرزة لجهة الدعم المطلوب والمهمات الموكلة الى الجيش، وقدرته على التنفيذ، دون ان يدخل في نقاش حول الخطة المقدمة للحكومة، كما ستكون للضيفين جولة جنوبا الى قطاع جنوب الليطاني، حيث سيطلعان على تطور الاوضاع على الارض كما سيشاركان في الاجتماع الشهري – الدوري للجنة مراقبة وقف النار، والتي بحسب ما سرب سيجري تغيير رئيسها الحالي، الجنرال مايكل ليني، من ضمن تصور كامل لمهام اللجنة "الجديدة".

مصادر مواكبة اشارت الى ان زيارة اورتاغوس الاحادية برفقة قائد القيادة المركزية، تحمل الكثير من المعاني والرسائل، لعل ابرزها تسلمها بقرار رئاسي اميركي، الملف الامني والعسكري اللبناني، بعد سحبه من وزارة الدفاع ومن الموفد توم براك، وفي ذلك دلالة واضحة لمدى التشنج وشد الحبال الذي ستشهده المرحلة المقبلة، خصوصا ان احد نواب الكونغرس تحدث امام مجموعة من الاصدقاء، خلال زيارة له الى بيروت، عن ضغوط كبيرة تمارس في العاصمة الاميركية وتحديدا في الكونغرس، فيما خص ملف المساعدات ودعم الجيش اللبناني.

وختمت المصادر، بانه من المفيد التذكير بان علاقة مميزة وقوية تربط الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس بالادميرال براد كوبر، اذ كانت القيادية السياسية الوحيدة في الادارة التي شاركت مع والدها في مراسم تسلمه للقيادة المركزية من سلفة الجنرال مايكل كوريللا، الذي معه قد يكون انتهى "الزمن الذهبي" لقيادة الجيش اللبناني، والذي اوصل قائده الى بعبدا.

في الخلاصة، تشكل زيارة قائد القيادة الوسطى الأميركية ومورغان أورتاغوس إلى بيروت، محطة مفصلية في مسار الضغوط الاميركية لإعادة ترتيب أولويات لبنان الأمنية والسيادية. فالولايات المتحدة لا تنظر إلى خطة الجيش لحصر السلاح كخطوة تقنية فحسب، بل كمعيار لقياس مدى استعداد الدولة اللبنانية للانخراط في توازنات أمنية جديدة على الحدود، تنسجم مع رؤيتها للمرحلة المقبلة، لذلك، سيخبر الوفد الأميركي جدية الحكومة اللبنانية في تنفيذ الخطة، ورصد ردود الفعل السياسية عليها، خصوصاً من "الثنائي الشيعي"، وتحفيز الجيش على القيام بدور أكبر في الجنوب، مقابل استمرار الدعم العسكري.

عليه فإن زيارة الوفد الأميركي ليست نهاية مرحلة، بل بداية اختبار حقيقي: هل يمكن للبنان أن يوازن بين الضغوط الخارجية وتعقيداته الداخلية؟ وهل تملك الدولة القدرة والجرأة على ترجمة الخطة إلى خطوات عملية دون الانزلاق إلى المواجهة أو الانهيار؟

ما بعد 5 أيلول هو لحظة دقيقة من التفاوض القاسي بين الدولة اللبنانية وواشنطن، عنوانها الحقيقي ليس فقط "حصر السلاح"، بل تقرير مصير الدور اللبناني في معادلات الشرق الأوسط المقبلة، أي ان بيروت تدخل مع تلك الزيارة ذروة الاشتباك السياسي – الاستراتيجي مع واشنطن، اشتباك عنوانه العلني هو "حصر السلاح"، لكن عمقه الحقيقي يرتبط بالصراع على هوية لبنان الأمنية، ومستقبله في خارطة النفوذ الإقليمي.

ميشال نصر-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا