هل تنفصل السويداء عن سوريا؟

بدعوة الزعيم الدرزي الشيخ حكمت الهجري إلى إعالن السويداء إقليمًا منفصًال في الجنوب السوري، وتشكيل حرس وطني ولجنة قانونية عليا لادارة شؤون محافظة السويداء شبيهة بمجلس وزراء، ومطالبته المجتمع الدولي بدعم هذه الخطوة، وتوجيهه الشكر للولايات المتحدة وإسرائيل على ما وصفه بمساندة "دروز سوريا" تكون محافظة ُتقام فيها دولة "السويداء" بانفصال تام عن السويداء دخلت مرحلة جديدة من تاريخها، الدولة السورية وارتباط كامل بإسرائيل، وهو ما لمح له رئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتانياهو خالل اجتماعه مع زعيم الطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف وعدد من قيادات الطائفة في 28 أغسطس عندما قال: إنه يريد منطقة منزوعة السالح جنوب أن هناك مناقشات حول إمكانية نزع السالح من جنوب سوريا بما فيها السويداء، مؤكدًا سوريا.

كيف ستستقل السويداء؟

فهل شملت المباحثات بين سوريا وإسرائيل التي ُعقدت في 19 من الشهر الماضي في باريس بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون اإلستراتيجية اإلسرائيلي رون ديرمر، "بوساطة أميركية" موضوع انفصال السويداء؟بعد تصريحات نتانياهو، أعلن المستشار في مجلس األمن القومي اإلسرائيلي عنان وهبي أن محافظة السويداء جنوب سوريا بدأت فعليًا مرحلة االنفصال عن الدولة السورية، أن ما يجري في السويداء يمثل "المرحلة األولى في هذا المسار". مضيفًا والسؤال اآلن: هل ينجح هذا المشروع؟ وكيف ستستقل السويداء وهي لا تملك منافذ برية أو بحرية؟! حتى أن محافظة درعا تفصلها عن الجوالن المحتل، كما أن الأردن رفض فتح معبر مع السويداء، فكيف لدولة أن تعيش وسط محيط مغلق؟! يجيب البعض سيكون باحتالل جنوب سوريا من قبل إسرائيل وإقامة كانتون على غرار ، وبالتالي تفرض إسرائيل إدارة "الادارة الذاتية" في شمال شرق سوريا الذي يضم كردًا وعربًا مشتركة من جميع أبناء المنطقة، فهل يقبل المواطنون السوريون في الجنوب بذلك؟ ولكن ماذا عن موقف واشنطن؟ وهل ستقبل الواليات المتحدة بتوسع إسرائيل واحتالل أراض سورية جديدة؟ المشكلة هنا أن الرئيس األميركي دونالد ترامب هو من وقع في 25 مارس 2019 على أن الجوالن السوري المحتل أراض إسرائيلية! وهو من يشجع نتانياهو على احتالل قطاع غزة وطرد الفلسطينيين منه، فهل سيتصدى لما يقوم به نتانياهو في سوريا بحجة أمن إسرائيل؟!

يرى مراقبون أن الموقف الاميركي عبر عنه المبعوث األميركي الخاص إلى سوريا توم براك عندما قال: إسرائيل تغيرت بعد هجمات 7 أكتوبر ولم تعد تعترف بحدود اتفاقية سايكس بيكو، مؤكدًا في مقابلة مع البودكاستر األميركي المشهور ماريو نوفل أن إسرائيل ستتخذ أي إجراءات تراها ضرورية لحماية أمنها، وأن اإلسرائيليين سيفعلون ما يشاؤون لحماية حدودهم".

"دولة جبل الدروز"

والسؤال اآلخر: هل سنعود إلى أيام االنتداب الفرنسي عندما أنشأت فرنسا عام 1921 ما ُعرف بـ"دولة جبل الدروز"، ككيان إداري شبه ُمستقل، وتمتع الجبل آنذاك بمؤسسات محلية، منها حكومة وبرلمان، واستقالل إداري ومالي بإشراف مباشر من المندوب السامي في بيروت. لكن من يعود إلى تلك الفترة يرى أن أهالي السويداء عبروا عن رفضهم قيام هذه الدويلة من خالل اشتراكهم بالثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا األطرش، إلى أن كانت اتفاقية 1936 بين سوريا وفرنسا التي قضت بدمج الكيانات المستقلة في دولة سورية واحدة. أم نعود إلى عهد الرئيس السوري األسبق أديب الشيشكلي )1951–1954( الذي رأى في لسلطته، خصوصا بعد امتناع قياداتها وفي مقدمتهم سلطان السويداء تهديدًا مباشرًا باشا األطرش عن تأييد سياسته، ليشن الشيشكلي سنة 1954 حملة عسكرية ضد السويداء، أسفرت عن اإلطاحة بالشيشكلي في انقالب الحق من العام نفسه. بادر القيادة السورية الحالية والعقالء في السويداء إلى حوار وطني جدي ، إذا لم ُت ختامًا يحفظ وحدة سوريا ويمنع مشروع االنفصال، فإن وحدة سوريا في خطر والسويداء لن يتكرر في ضوء مشاريع االنفصال التي ُيعد لها من الخارج، وهذا تكون الوحيدة، بل نموذجًا ما يخشاه السوريون بشكل عام.