المجتمع

"المطلوب تحرك فوري"... نقص المياه يعرّض حياة اللبنانيين لخطر حقيقي!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ظلّ التحديات المتزايدة التي تواجه لبنان على الصعيد البيئي والاقتصادي، يطفو ملف المياه على سطح الأولويات الوطنية، وسط تحذيرات من دخول البلاد مرحلة العطش الفعلي. ومع تسجيل سنة 2024-2025 كموسم مائي جاف بشكل غير مسبوق، تُثار المخاوف من تداعيات خطيرة على الأمن المائي والغذائي، في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمة نتيجة سوء الإدارة، واستنزاف الموارد، وغياب السياسات الفاعلة.

في هذا الإطار، يؤكد المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، سامي علوية، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن سنة 2024-2025 تُعدُّ سنةً مائية جافة، حيث لم تتجاوز نسبة المتساقطات 40% من المعدل السنوي المعتاد".

ويشير علوية إلى أن "الوضع الراهن يُشبه ما شهدته البلاد في سنوات جفاف تاريخية، حيث سُجّلت في عام 1878 نسبة هطول بلغت 54% من المعدل الطبيعي، وفي عام 1932 بلغت النسبة 43%، غير أن الفارق الجوهري اليوم، بحسب علوية، يكمن في التغيرات الديمغرافية والضغط المتزايد على الموارد، في ظلّ تضاعف عدد السكان، وتوسّع الأراضي الزراعية، واستضافة ما بين مليون ونصف إلى مليونين من النازحين السوريين، ما فاقم التحديات المائية بشكل كبير".

ويقول: "المشكلة لا تكمن فقط في تراجع المتساقطات، بل في سوء إدارة الموارد المائية. فعلى الرغم من أن لبنان يمتلك نحو 3 مليارات متر مكعب من المياه السطحية سنويًا، إلا أن ما يُستخدم منها فعليًا لا يتعدّى 20%، في حين أن النسبة المتبقية إما ملوّثة أو غير مستثمرة. والأسوأ أن أكثر من 60% من المياه الصالحة تُستخدم لأغراض الري، علمًا أن معظم دول العالم تعتمد في هذا المجال على مياه معاد تدويرها أو معالجة، كالمياه الناتجة عن محطات الصرف الصحي".

ويلفت إلى أن "أزمة المياه تراكمت مع الوقت، بفعل ارتفاع عدد السكان، وندرة الموارد، وسوء الحوكمة داخل مؤسسات المياه، التي تعاني من مشكلات مزمنة في مجالات الجباية والإدارة. ويضرب مثالًا بمؤسسة الليطاني التي تُعنى فقط بمياه الري وليس مياه الشرب، مؤكدًا نجاح تجربة إشراك المزارعين في وضع برنامج لتوزيع مياه الري ضمن مشروع القاسمية، حيث شارك نحو 3000 مزارع في لجنة إدارة التوزيع، مما ساهم في تعزيز الشفافية وتحقيق نتائج إيجابية".

ويشدّد علوية على "ضرورة التزام مؤسسات المياه بتحديد الأولويات في الاستخدام، وتقييد الاستهلاك وفق الحاجات الفعلية، موضحًا أن "الأولوية يجب أن تكون لتأمين مياه الشرب، لا للري أو المسابح أو المنشآت السياحية والصناعية، كما يجب أن تُراعى فروقات الاستهلاك بين المشتركين، فلا يجوز مساواة منزل يستهلك مترًا مكعبًا بآخر يستهلك مئة".

ويضيف: "رغم أن وزارة الطاقة أصدرت تعميماً في هذا الشأن، إلا أن العديد من مؤسسات المياه لم تتمكن من تطبيقه بالكامل، بسبب ضعف الإمكانات ووجود ضغوط من قوى الأمر الواقع. نحن اليوم بحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات وإدارة الموارد المائية بعقلانية، فالمعطيات تشير إلى انخفاض مستمر في حجم الينابيع على مدى العقود الثمانية الماضية، واليوم نحن أمام واقع جديد يتمثّل في تقلص كميات المياه المتاحة، ما يزيد من الضغوط على الموارد بشكل غير مسبوق".

ويُبرز علوية أهمية تحسين استثمار الموارد القائمة، والتصدي للتعديات والتجاوزات على الشبكات، مشددًا على أن "الأولوية يجب أن تكون للمواطن، لا لمصالح المقاولين أو المتعهدين. من غير المقبول صرف ملايين الدولارات على مشاريع لا تأخذ في الاعتبار الحاجات الأساسية للسكان، المطلوب هو وضع سياسات مائية مبنية على مخطط توجيهي متكامل لقطاع المياه والصرف الصحي، وتنفيذها بما ينسجم مع قانون المياه، الذي يُجيز إعادة توزيع الموارد ونقلها بين الأحواض".

ويرى أن "أزمة المياه المقبلة لن تكون محلية فقط، بل إقليمية تشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها، وإذا لم نتمكن من حماية حدودنا المائية وحقوقنا السيادية، فإننا معرّضون لفقدان مصالحنا الاستراتيجية، وهنا تبرز أهمية التمسك بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالمجاري المائية المشتركة، مثل نهر الحاصباني ونهر العاصي، والتي تُنظم التوزيع وفق الحاجة والاستخدام الفعلي".

ويلفت إلى أن "لبنان يرزح اليوم تحت ما يُشبه "جمهورية الصهاريج"، حيث تتحكم هذه الأخيرة بتوزيع المياه وفق مصالح تجارية ومناطقية ضيقة". وبعض مؤسسات المياه متواطئة مع أصحاب الصهاريج، إذ تُقطع المياه عن المشتركين ليُعاد بيعها لهم عبر الصهاريج، حتى من مصادر رسمية، بهدف تحقيق أرباح أو سد العجز المالي".

ويختم علوية، مشيرًا إلى "موضوع الرشاوى الانتخابية القائمة على الآبار الارتوازية غير المرخصة، حيث لدينا اليوم أكثر من 58 ألف بئر غير مرخص، وقد يصل العدد الفعلي إلى 80 ألفًا، لأن الكثير منها غير مُحصى، هذه الآبار تستنزف المياه الجوفية وتؤدي إلى جفاف الينابيع فضلًا عن العديد من الينابيع الأساسية في البقاع".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا