وحدات حماية الحدود على جهوزية عالية...الفراغ الأمني من الداخل السوري
"الفاليه باركينغ" في لبنان: خدمة على الورق وابتزاز على الأرض
بين وعود الراحة وواقع الفوضى منذ 25 عاما تقريبا، أدرجت خدمة "الفاليه باركينغ" في لبنان ضمن القطاع الخدماتي، كحل حضاري لتسهيل حركة المرور، ومساعدة السائقين في مواجهة أزمة إيجاد موقف في المناطق المزدحمة، فالعثور على موقف للسيارة بات تحدياً يومياً يواجه المواطنين،خصوصاً في المناطق التجارية وقرب المطاعم والمقاهي الفاخرة.
صحيح أن هذه الخدمة سدت في بعض الحالات الفجوة في عدم تأمين مواقف أو أمكنة مناسبة لركن السيارات، وباتت الحل البديل إلا أن هذا الحل تحول مع الوقت إلى عبء ثقيل ومعاناة إضافية للمواطن اللبناني المثقل بأزمات اقتصادية واجتماعية، حيث تضاعفت الشكاوى من استغلال الأسعار التي تفرضها الشركات العاملة في هذا المجال، واحتكار الأرصفة والشوارع العامة، في ظل غياب شبه تام للرقابة الفعلية.
تشير التقارير إلى وجود أكثر من 70 شركة تقدّم خدمة الفاليه باركينغ في لبنان، لكن 15 منها فقط مرخص رسميا، وهذه الشركات تحتكر الطرقات والأرصفة العامة، مما يمنع المواطنين من ركن سياراتهم دون دفع رسوم مرتفعة، تتفاوت بين منطقة وأخرى، حيث تبدأ من 600 ألف ليرة لبنانية وتصل أحيانًا إلى 20–30 دولارا في بعض الحالات خاصة أمام المطاعم الفاخرة أو خلال الفعاليات الخاصة.
تؤثر هذه الفوضى في التسعيرات بشكل سلبي على المواطنين الذين يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ كبيرة مقابل خدمة تعتبر أساسية في ظل الازدحام المروري، حيث بات دفع مبلغ إضافي مقابل ركن السيارة عبئاً ثقيلاً على المواطن، تقول ليلى، أم لثلاثة أولاد، "أحياناً أضطر لدفع أكثر من نصف كلفة المشوار فقط للفاليه، لأنني لا أجد موقفاً في الشارع، حتى أمام المستشفيات الخاصة"، من جهتها تقول أمل وهي موظفة في أحد البنوك في بيروت "كل يوم أواجه مشكلة في العثور على موقف لسيارتي، وعندما أستخدم خدمة الفاليه باركينغ، أدفع أكثر مما اتقاضاه لقاء عملي لمدة ساعة في البنك وهذا غير مقبول لكن لا بديل".
أما عامر وهو موظف في إحدى الشركات قال "أشعر أنني أتعرض للسرقة عندما استخدم الفاليه باركينغ، فلا رقابة على هذه الشركات"، ويشاطره الرأي زميله في العمل شادي الذي أكد أنه في أحد المرات اضطر إلى دفع مبلغ إضافي فوق التسعيرة لانه طلب أن تكون سيارته قريبة من مدخل احد المطاعم في بيروت".
على الرغم من وجود قرارات رسمية تحدد تعرفة الـ"فاليه باركينغ"، إلا أن معظم الشركات لا تلتزم بها، فعلى سبيل المثال، حدد محافظ بيروت القاضي مروان عبود التعرفة بـ150,000 ليرة لبنانية كحد أقصى لمدة ركن السيارة لأربع ساعات، الا ان العديد من الشركات تتجاوز هذه التعرفة بشكل صارخ، حيث يتم فرض أسعار تصل إلى 600,000 ليرة لبنانية أو أكثر حسب نوع السيارة والموقع، كما وجه كتاباً الى قيادة شرطة بيروت في قوى الامن الداخلي تحت الرقم 2879 / م.ب تاريخ 16تموز 2025 يتعلق بضبط مخالفات ركن السيارات من قبل شركات الفاليه باركينغ على الملك العام، ومنع المواطنين من ركن سياراتهم فيها إضافة الى استباحة الارصفة وعدم الالتزام بالتسعيرة الرسمية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكثير من شركات الفاليه تحتل الأرصفة والشوارع العامة وكأنها ملك خاص، واضعة أقماعاً أو سلاسل معدنية تمنع أي سائق من الركن إلا عبر دفع المبلغ المطلوب، وهذا السلوك مخالف للقوانين اللبنانية التي تمنع حجز الأملاك العامة.
ولا تقتصر الفوضى على التسعيرة فقط، بل تمتد إلى طريقة التعامل مع السيارات، حيث تم تسجيل حالات سرقة أغراض من داخل السيارات، وهذا ما أكده ايلي من تجربته الشخصية مضيفا"هناك نقص واضح في الأمان والرقابة ويجب على المعنيين التدخل وتنظيم هذا القطاع بشكل أفضل"، دون أن ننسى الأضرار نتيجة سوء ركن السيارات، وحوادث بسيطة أثناء نقلها، إضافة إلى ضعف وجود عقود واضحة أو إيصالات رسمية التي تزيد من صعوبة متابعة الشكاوى أو المطالبات القانونية.
وفي محاولة للحد من هذه التجاوزات، أصدرت بلدية أنطلياس والنقاش تعميما موجها إلى أصحاب شركات الفاليه والمطاعم والمقاهي، ضمن النطاق البلدي، يشدد على منع تقاضي أي رسم أو عمولة من أي شخص يركن سيارته على الأرصفة أو في شوارع البلدة أو في الأماكن المخصصة للمواقف، مع تحذير المخالفين من المساءلة القانونية.
وعلى المقلب الأخر للمشهد يبرر أصحاب الشركات أسباب ارتفاع أسعار الخدمة بأن "استئجار المواقف المخصصة لركن السيارات بات أمراً مكلفاً جداً، خصوصاً في المناطق الحيوية حيث يصل إيجار بعض المساحات إلى عشرات الملايين شهرياً، كما أن رواتب الموظفين زادت بسبب الغلاء المعيشي وكلها تكاليف مرتفعة تتكبدها المؤسسة، إضافة إلى أننا مطالبون بتأمين السيارات ضد أي ضرر قد يحدث خلال الركن، وهذا يشكل عبئا ماليا إضافيا، فنحن لسنا عصابات تفرض إتاوات على الناس"، أما عن فوضى الأسعار فيبررها أصحاب الشركات إلى وجود عدد كبير من الشركات غير المرخصة.
وبالرغم من أن خدمة الفاليه باركينغ كانت حلا حضاريا، إلا أن غياب التنظيم الرقابي والرقابة الفعلية جعلها ميدانا للفوضى والابتزاز، ما يستدعي وضع تراخيص واضحة، الالتزام بالتعرفة الرسمية، إصدار إيصالات رسمية، وإنشاء هيئات رقابية، بالإضافة إلى حملات توعية للمواطنين وأصحاب الأعمال حول حقوقهم وواجباتهم وكيفية التعامل مع التجاوزات لضمان خدمة أكثر أمانا وشفافية.
ويبقى التساؤل الأهم: من الجهة المسؤولة عن تنظيم هذا القطاع؟ ففي بعض التقارير الاعلامية أفادت وزارة السياحة أن "لا شأن لوزارة السياحة بخدمة "الفاليه باركينغ"، وفي الأساس، فإن هذا العمل يعد خدمة، وهذه الخدمة تأتي في إطار الاقتصاد الحر والتنافس"، كذلك، تؤكد وزارة الداخلية أن "لا صلاحية للوزارة في هذا الجانب، لافتة الى "ضرورة التمييز بين الفاليه باركينغ والبارك ميتر".
ربى أبو فاضل- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|