Visa تمنح حاملي بطاقاتها أولوية حصرية لحجز تذاكر كأس العالم FIFA 26™
طهران تتأقلم مع نتائج الحرب وتضحّي بـ”الحزب”
كلّ يوم يمرّ لا يترك مجالاً للشكّ في أنّ طهران تبقي على ورقة سحب سلاح “الحزب” لوظيفتها في مفاوضاتها المفترضة مع واشنطن. يستند الإبقاء على هذه الورقة أطول مدّة ممكنة إلى افتراض القيادة الإيرانية أنّ بإمكانها استخدام ما بقي من صواريخ “الحزب” ضدّ إسرائيل في حال تجدّدت مخاطر الحرب ضدّها. كان هذا الاحتمال مدار تساؤل عمّا إذا كانت هذه القيادة “تخبّئ” مفاجأة تفرض حسابات على واشنطن وتل أبيب، أم أنّها تكرّر أوهام الدعاية الغيبيّة لحكم الملالي، التي ثبتت هشاشتها.
يجري الكباش الأميركي – الإيراني على لبنان في ظلّ توجّه جديد للقيادة في طهران بالانفتاح على التفاوض مع الولايات المتّحدة. لكنّ طهران تُمعن في تحميل البلد الصغير فوق ما يحتمل، غير آبهة بضعفه، وبتراكم الأضرار المضاعفة لإقحامه في هذه اللعبة.
بزشكيان يهيّئ للقاء ويتكوف بمباركة خامنئي؟
يتزامن التشدّد الإيراني، الذي عكسته نتائج زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني وتهديدات الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم، مع جملة مؤشّرات:
– تعرّض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لحملة انتقادات من النوّاب المتشدّدين بسبب تصريحاته عن السعي إلى مفاوضات مع أميركا حول الملفّ النوويّ والبرنامج الصاروخيّ والدور الإقليمي، تحت سقف التنسيق الكامل مع المرشد السيّد علي خامنئي. ردّ الرئيس الإيراني على هؤلاء بالقول: “إذا لم نتفاوض، فما البديل؟”. دعا بزشكيان إلى لجم احتمال الحرب مع إسرائيل.
– اضطرّ المرشد إلى الدفاع عن بزشكيان فاتحاً الباب أمام التفاوض مع الولايات المتّحدة، حتّى إنّه أوحى بأنّ هناك حملة إسرئيلية لضرب الجبهة الداخلية داعياً إلى التصدّي لها.
– لا يرتبط توقيت زيارة لاريجاني لبيروت فقط بمواجهة قرار الحكومة اللبنانية تكليف الجيش وضع خطّة لسحب سلاح “الحزب” قبل نهاية العام الحالي، بل ويسبق المساعي لترتيب لقاء بين بزشكيان ووزير خارجيّته عبّاس عراقجي مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في نيويورك في النصف الثاني من شهر أيلول المقبل على هامش اجتماعات الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة.
الخروج من العزلة الماليّة
– تتبع القيادة الإيرانية نهجاً يتلمّس الانفتاح على الدول الغربية بعد اقتناعها بأنّه السبيل الوحيد للحدّ من تأثير الحصار على اقتصادها الضعيف. تعيين لاريجاني أميناً لمجلس الأمن القومي يعود لاقتناع الأخير أنّه مقابل القوّة العسكرية لطهران يجب عدم إهمال السعي إلى فتح خطوط التفاوض.
– بعد ستّ سنوات من إدراجها على قائمة الدول العالية المخاطر، وتعليق المفاوضات الرسمية مع مجموعة العمل المالي (fatf)، تجري مباحثات في هذا الشأن في مدريد. فطهران أهملت المفاوضات مع المجموعة التي صنّفتها على القائمة السوداء في تعاملاتها الماليّة نتيجة اعتمادها سياسة الالتفاف على العقوبات الأميركية في بيع نفطها. وتشترط المجموعة منذ أكثر من 8 سنوات على السلطات الإيرانية إجراءات قانونية في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتبادل المعلومات الماليّة… وهذه خطوات خلفيّاتها سياسيّة.
لبنان لا يملك ترف التّأجيل الإيرانيّ
في هذا الخضمّ لا يستطيع لبنان إخضاع قراره وقف استخدام ساحته في استراتيجية إيران للإيقاع الذي تريده لمفاوضاتها مع أميركا، لأنّه لا يملك ترف اللعب على عامل الوقت. فبعد الكارثة التي تعرّض لها جرّاء الحرب، وبسبب عقود من الهيمنة الإيرانية كانت تداعياتها عقوبات وعزلاً وتشظّياً داخليّاً وانهيار اقتصاده، بات يحتاج إلى خطوات سريعة للتعافي. وأبرز هذه الخطوات العودة إلى مقتضيات فصل أزمته عن أزمات المنطقة، التي يسمّيها البعض الحياد والبعض الآخر التحييد عن الحروب الإقليمية، والبعض الآخر إقفال حدوده على التدخّلات. وفوق ذلك يحتاج إلى العودة إلى الحضن العربي وإصلاح علاقاته مع المنظومة الإقليمية، بدلاً من أن يكون بيدقاً بيد “حرس الثورة” الإيرانية.
يستحيل على لبنان أن يلائم خطواته مع تطبيع إيران علاقاتها مع المجتمع الدولي وأميركا تحديداً. فما بين طهران وواشنطن يتطلّب الكثير من المراحل والجهود قبل أن يتحدّد موقع إيران الجديد في التموضع الإقليمي. وهي أمام تحدّي تناغم سياستها الخارجية مع المراجعة الداخلية التي يقوم بها قادتها للمرحلة السابقة. وبالتالي تحتاج إلى فترة زمنية تتعدّى حتماً ما هو مطروح على لبنان، قبل أن تستقرّ تلك المراجعة على معادلة واضحة.
إلى ذلك، لا شأن للبنان البلد الصغير المهيض الجناح بحسابات طهران الافتراضية لما يمكنها أن تحصده من نجاح أو فشل التقارب الأميركي- الروسي، لأنّها تصنّف نفسها حليفاً لموسكو في موازين القوى الدولية. وإذا كانت لعبت دوراً في حرب أوكرانيا، عبر مسيّراتها التي زوّدت فلاديمير بوتين بها، يمكنها أن تجني منه، أو أن تخسر بسببه، فما علاقة لبنان بذلك حتّى يرتهن للحسابات الإيرانية في لعبة الأمم؟
اعتراف بالاختراقات الإسرائيليّة
على الرغم من اعتراف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في حديث إلى التلفزيون الإيراني، بعد زيارته بيروت، بالثغرات الكبرى في قدرات بلاده العسكرية، يكرّر تبرير اعتبار سلاح “الحزب” ضرورة لردع إسرائيل. فهل يحقّ للاريجاني أن يعتبر مثلاً أنّ “مسألة الاختراق الإسرائيلي للداخل الإيراني قضيّة جدّية”، وألّا يأخذ في الاعتبار ذلك الاختراق في لبنان؟ ولماذا يحقّ للقيادة الإيرانية إجراء تغييرات في المراكز العسكرية والأمنيّة والسياسية، بفعل الفشل في التصدّي لهجمات إسرائيل وللقصف الأميركي لثلاثة مواقع نووية في حزيران الماضي، واتّخاذ قرار بالمرونة والتوجّه إلى التفاوض مع أميركا، ويُترك “الحزب” في لبنان وحيداً، وقد انفضّ عنه الحلفاء، ليواجه الآلة العسكرية الهمجيّة الإسرائيلية؟ هذا علاوة على ما يعنيه ذلك من كوارث إضافية على لبنان برمّته، وعلى علاقات مكوّناته مع المكوّن الشيعي.
تتمّ تحت سقف التفاوض المراجعةُ التي أجرتها طهران والتي فرضت إجراءات باسم التهيّؤ لاحتمال تجدّد الحرب الإسرائيلية الأميركية ضدّها، وأمّا في لبنان فلا تستثني مقتضيات التفاوض إمكان جرّ “الحزب” للتعرّض للحرب مجدّداً.
وليد شقير -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|