الصحافة

قاسم يترجم زيارة لاريجاني: إحياء للعظام وهي رميم..

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عالي النبرة جاء خطاب الأمين العامّ لـ”الحزب” الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أربعينيّة الحسين. فهل ما جاء به قاسم مبعثه زيارة الأمين العامّ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الأخيرة لبيروت، أم المناسبة بحدّ ذاتها دفعته إلى هذه الحماسة؟

لم ينتظر اللبنانيون كثيراً ليتعرّفوا على مفاعيل زيارة لاريجاني لبيروت. ساعات معدودات بعد لقائه إيّاه، أعلن الشيخ نعيم قاسم أنّ “المقاومة” لن تسلّم سلاحها في ظلّ الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية. لا جديد في موقف “الحزب” الذي يبدو عمليّاً بلا موقف منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة وسريان وقف إطلاق النار من جانب واحد، هو جانب حزبه، في 27 تشرين الثاني الماضي.

منذ ذلك الحين، و”الحزب” يدوّر زوايا خطابه، ويتأرجح بين التزام وقف إطلاق النار والاستكانة تجاه الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على بيئته وعناصره ولبنان. لم يحرّك ساكناً طوال عشرة أشهر، واكتفى بمواقف مبدئية تتّصل بالحقّ في المقاومة وضرورة بناء استراتيجية دفاعية للبنان، وبالمطالبة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على مراكزه وأنفاقه وعناصره ولبنان. المواقف العالية التي صدرت عن قاسم و”الحزب” ونوّابه وبعض من قادته، خلال الفترة الماضية، عزاها كثيرون إلى حاجة بيئته “المنكوبة” إلى تلك النبرة “المألوفة” لديها.

ما قبل الزيارة ليس كما بعدها

إلّا أنّ لرفع الصوت عالياً وتشديد النبرة في خطاب قاسم الأخير في ذكرى أربعينيّة الحسين، والتلويح بحرب أهليّة إن اقتضى الاحتفاظ بالسلاح ذلك، وتحميل الحكومة والدولة مسؤوليّة ما قد يُراق من دم ويحدث من فوضى، بعد زيارة لاريجاني، وقعاً مختلفاً ونتائج وخيمةً، يعرف قاسم قبل غيره حجمها وأبعادها، إذ شبّه ما قد يحلّ بـ”الحزب” وبيئته والشيعة خصوصاً، واللبنانيين عموماً، بأنّه “كربلائيّ” بامتياز.

ما قاله قاسم في خطابه الأخير لن يلقى آذاناً صاغيةً وبفرح عارم كأذنَي بنيامين نتنياهو وائتلافه الحاكم. الكلام الذي ساد في الآونة الأخيرة عن تسلّم الجيش مئات المراكز العسكرية من “الحزب” ومصادرة الكثير من قطع السلاح العائدة له، بدّدته بضع كلمات تفوّه بها الشيخ ليتلاقى شكلاً ومضموناً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

بضع كلمات أعادتنا إلى الوراء، إلى ما قبل الكارثة التي حلّت بـ”الحزب” ولبنان واللبنانيين كلّهم. عمليّاً، قال الأمين العامّ لـ”الحزب”، وربّما الأمين العامّ لـ”محور المقاومة”، التالي: لدينا سلاح ولن نسلّمه قبل انسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها و”روحوا بلطوا البحر” بالإذن من النائب محمد رعد. في المقابل، يتحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى”، ويعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، بالتزامن مع وجود لاريجاني في بيروت، من جنوب لبنان، أن “لا تراجع إلى الوراء” بعد تغيير الوضع على الجبهة الشمالية.

فهل “الحزب” قادر على المواجهة أم الشيخ نعيم تحمّس “زيادة عن اللزوم” في ذكرى الإمام الحسين، وذهب بعيداً؟

من ضعف لا من قوّة

تشير المعطيات كلّها إلى نقيض ذلك. لو كان “الحزب” قد تعافى نوعاً ما، واستطاع تعويض ما خسره في الحرب الأخيرة، لما استدعى الأمر زيارةً من لاريجاني شخصيّاً لبيروت، ولما رفع سقف خطابه كثيراً كما فعل، ولكان بادر إلى الردّ على استنزاف لحمه الحيّ يوميّاً، وقصف مراكز وأنفاق له في الجنوب والبقاع. ولما استدعى الأمر أيضاً دخول السيّد بدر الدين الحوثي زعيم حركة أنصار الله الحوثية على الخطّ في سابقة فريدة من نوعها، إذ خصّص غالبيّة حديثه الأخير للردّ على الحكومة اللبنانية في ما يتعلّق بحصر السلاح في يد الدولة.

أبعد من ذلك، لو كان خطاب قاسم صادراً من قوّة لا من ضعف، لما لوّح بحرب أهليّة أو فوضى داخلية أو مواجهة بين الجيش و”الحزب” وبيئته.

خطاب قاسم الأخير، وقبله خطاب الحوثي من اليمن، وزيارة لاريجاني، تقول مجتمعةً أمراً واحداً: “الحزب” ليس بخير والأمور تتّجه من السيّئ إلى الرديء.

ولأنّ أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم، كما عوّدنا “الحزب” في حروبه كافّة، الفعليّة واللفظية، كان الخيار “الكربلائي” الأخير كما صنّفه قاسم نفسه. عمليّاً، قال قاسم مدفوعاً من الإيرانيين كما أوحت زيارة لاريجاني الأخيرة: نكون أو لا يكون أحد. وترجمته: تعالوا وفاوضوني وقفوا على رأيي، وإلّا فإلى الحرب درْ وعليّ وعليكم وعلى أعدائي… بل على الدنيا السلام. قالها بألف طريقة وطريقة. مثلاً: “إمّا أن نعيش معاً أو على الدنيا السلام وأنتم تتحمّلون المسؤولية”، و”لا تزجّوا الجيش في هذا المسار والجيش سجلّه الوطني نظيف”، و”اتّفق “الحزب” وحركة أمل على تأجيل خيار النزول للشارع والتظاهر منحاً في المجال أمام النقاش والتعديل”، و”لن تكون هناك حياة في لبنان إذا كنتم تحاولون مواجهتنا”… إلخ.

التّهديد بالتّهديد

عمليّاً درأ الشيخ نعيم تهديدات إسرائيل للبنان، بتهديده هو وحزبه لبنان دولةً وشعباً، وبدلاً من إطفاء نيران الحريق الذي أشعله في الثامن من تشرين الأوّل 2023، صبّ عليه مزيداً من الزيت. أكثر من ذلك، لا يزال “الحزب” يلوّح بمزيد من الحرائق، وآخر ما لوّح به إسقاط الحكومة، من دون أيّ كلمة تطمئن بيئته أوّلاً واللبنانيين أخيراً إلى اليوم التالي.

يأخذنا “الحزب” من حرب إلى حرب، ومن دمار إلى دمار، ومن حكومة إلى لا شيء، بالسلاح حيناً وبما هو أشدّ فتكاً وتهوّراً ولامسؤوليّةً غالباً: الخطاب العالي النبرة.

المفارقة أنّ “الحزب” في كلّ ما يقوم به أو يتفوّه به، أقلّه منذ إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد، يضيء على خيار الدولة وصوابيّة حصر السلاح في يدها، وآخر دليل على ما سبق هو ما تفوّه به قاسم نفسه.

أيمن جزيني -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا