“الحزب” يتلقى الضربات وحيدًا… الجميع تخلّى عنه
لم يكد حزب الله يلتقط أنفاسه بعد الخسارة الميدانية والسياسية في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، حتى تلقّى الصفعة الثانية: قرار الحكومة اللبنانية الحاسم بحصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ خطة فورية لجمع السلاح غير الشرعي. هذه الخطوة لم تُربك الحزب فحسب، بل كشفت عن تصدّع تحالفاته الداخلية، حيث بدأ الحلفاء التقليديون بالانسحاب الواحد تلو الآخر، وكأنّهم وجدوا في هذا القرار فرصةً مثاليةً للتخلّص من عبء الدفاع عن سلاحه.
فمن طلال أرسلان وفيصل كرامي فوئام وهاب، إلى مجموعةٍ من الأحزاب السياسية التي كانت تعمل في كنف الحزب وكانت بيئةً داعمةً له في “السرّاء والضرّاء”، إلى أخيرًا التيار الوطني الحرّ، أكبر الداعمين للحزب والذي منحه غطاءً مسيحيًا لم يكن يومًا ليحصل عليه لولا ورقة التفاهم، بات الحزب اليوم يجد نفسه وحيدًا في المعركة السياسية، لا أحد معه سوى “الأخ الأكبر” الرئيس نبيه بري وإيران، التي كانت ملزمةً بإرسال موفدها علي لاريجاني لرفع معنويات الحزب اليوم في ظلّ كل ما يتعرّض له.
يدرك حلفاء الحزب اليوم جيدًا أن ورقة الحزب الإقليمية والدولية انتهت، حيث إن حلفاءه اليوم أمام خيار من اثنَيْن: إمّا الالتزام بخط الدولة أو مواجهة عزلة وعقوبات. الخيار كان واضحًا، فمالت الكفة نحو الدولة، ولو على حساب الحزب. حتّى المحور الإقليمي الذي طالما شكّل سندًا للحزب، بدا مشغولًا بأزماته الداخلية وتفاهماته الجديدة مع قوى دولية وإقليمية. الرسالة الضمنية واضحة: الأولويات تغيّرت، والمغامرة الأخيرة في لبنان كانت مُكلفة أكثر مما تستحقّ.
ولكن أبرز الصفعات التي تلقّاها الحزب وأكثرها تأثيرًا كانت صفعة التيار الوطني الحرّ، الذي أعلن رئيسه في مؤتمره الصحافي الأخير بعد اجتماع التكتل، وإنْ بشكلٍ غير مباشر، فَرْطَ التحالف مع الحزب. فباسيل، الذي كان آخر “الحلفاء الكبار” للحزب، أقدم على هذا الانفصال في خطوةٍ فقدت أي عنصر مفاجأة أو قيمة تفاوضية حقيقيّة، طاويًا بذلك صفحة تحالف استراتيجي دام لسنوات، من دون أن يصدر أي بيان عن الحزب يردّ فيه على موقف باسيل الأخير أو من دون ورود أي معلومات أو تسريبات عن اتصال، لوم، أو عتب ما بين الفريقين.
وعلى وقع كلّ هذه الضربات، وجدت إيران نفسها مضطرّة إلى تقديم الدعم لحليفها الأول في المنطقة وورقتها الأقوى على طاولة التفاوض، لأنّها هي أيضًا تحتاج إلى هذه الورقة على طاولة المفاوضات. فكانت زيارة لاريجاني في هذا التوقيت بالذات للتأكيد أنّها ستبقى اليوم إلى جانب الحزب في الإبقاء على سلاحه بانتظار أي تغيير إقليمي يسحب هذا الغطاء عنه إلى الأبد.
إذًا، بات حزب الله اليوم في عزلةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ تتسارع خطواتها. ومع تقلّص دائرة الدعم، يصبح الحزب أمام خيارَيْن أحلاهما مرّ: إمّا مواجهة الدولة وحلفائه السابقين في آن، أو الانخراط في عملية تسليم السلاح بشروط تحفظ ما يمكن حفظه من نفوذه السياسي. فالضربات المتلاحقة التي مُني بها الحزب فتحت الباب أمام إعادة رسم خريطة القوى في لبنان، حيث لم يعد الحزب مركز ثقلٍ كما كان، بل لاعبًا يواجه وحده معركة البقاء في ساحةٍ سياسيةٍ تتغيّر بسرعة لمصلحته.
إليونور اسطفان -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|