عودة التوتّر بين "قسد" ودمشق: أنقرة تدفع بالحلّ العسكري
بعد يومين من خفضٍ ملحوظ للتصعيد على خطوط التّماس بين عناصر وزارة الدفاع السورية و«قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، عادت أجواء التوتّر والمناوشات بين الطرفين، وسط تقديرات تفيد بوجود توجّه تركي لدفع دمشق نحو مواجهة مسلّحة شاملة مع «قسد»، خصوصاً مع انتشار بيانات عسكرية رسمية وتحليلات لصحافيين عسكريين في وسائل إعلام تركية، تدفع بالتوجّه المذكور.
ويأتي ذلك في وقت عملت فيه أنقرة على عرقلة انعقاد اجتماع باريس بين الحكومة السورية الانتقالية و«قسد»، والذي كان مقرّراً أمس، قبل أن يتمّ تأجيله مع احتمال إلغائه نهائياً والاستعاضة عنه بلقاء يجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، وفق تقديرات كردية.
ويرجّح أن يشكّل اجتماع ماكرون - عبدي، والذي قد يُعقد قريباً، عاملَ ضغط كبير على كلّ من أنقرة ودمشق، وهو سيعكس تمسّك باريس بمسار المفاوضات بين دمشق والحكومة السورية الانتقالية، ومحاولة منع انهيار اتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وعبدي. في المقابل، يبدو أنّ تركيا أرادت توجيه رسائل واضحة إلى فرنسا برفضها مثل هذه اللقاءات، عبر توقيع اتفاق عسكري مع دمشق، ودفع الأخيرة إلى إرسال تعزيزات عسكرية، في إطار التحضير لعملية محتملة ضدّ «قسد».
كذلك، ظهر التوجّه التركي المشار إليه عبر الزيارة الخاطفة التي أجراها وزير الخارجية، حاقان فيدان، إلى دمشق، عقب اجتماع «وحدة مكوّنات شمال شرق سوريا» الذي نظّمته «قسد»، ودفع دمشق إلى الإعلان عن عدم المشاركة في اجتماعات باريس، التي جرى الاتفاق على عقدها في أثناء لقاء ثلاثي سوري - أميركي - فرنسي قبل أيام.
هكذا، لم يطُلِ المفعول الإيجابي لزيارة مسؤولة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية»، إلهام أحمد، إلى دمشق، والتي كان يُفترض أن تمهّد لاستئناف مسار التفاوض في باريس، قبل أن تأتي زيارة وزيرَي الخارجية أسعد الشيباني، والدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات حسين سلامة، إلى تركيا، وتعيد تعليق هذا المسار.
وعلى الأرض، تجدّدت الاشتباكات العنيفة بين «قسد» وقوات من وزارة الدفاع الانتقالية في محيط مشفى القلب على أطراف مدينة دير الزور، وبلدة غرانيج في ريفها الشرقي، إضافة إلى إطلاق قنابل مضيئة في محيط تلّ الورد في ريف الحسكة، وذلك بعد أقل من أسبوع على اشتباكات مماثلة في دير حافر في ريف حلب، أسفرت عن مقتل عنصر من القوات الحكومية.
وبعد إرسالها تعزيزات عسكرية إلى خطوط التّماس مع «قسد» في أرياف دير الزور وحلب والرقة، دفعت وزارة الدفاع الانتقالية بتعزيزات إضافية إلى محور أثريا - الرصافة في ريف حماة، لتصبح معظم خطوط التّماس مع «قسد» مشمولة بالاستنفار، باستثناء منطقة رأس العين التي لا ترتبط جغرافياً بمناطق سيطرة الحكومة إلا عبر الحدود التركية.
وفي خضمّ هذا التصعيد، أصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً، حاولت فيه تبرير أي تصعيد محتمل، معتبرة أنّ «قسد لم تلتزم بأيّ من شروط اتفاق 10 آذار 2025، منذ توقيعه»، وأنها «واصلت محاولاتها للإضرار بالوحدة السياسية والسلامة الإقليمية لسوريا». وأشارت إلى أنّ «قسد» «أطلقت تصريحات انفصالية في أثناء مؤتمر الحسكة، مخالفة الاتفاق الموقّع»، مضيفة أنّ «الحكومة السورية تعمل على إنهاء الانقسامات العرقية والدينية والطائفية بنهج شامل وموحّد»، ومعتبرة أنّ «المواقف التحريضية والانفصالية لقسد تعرقل مسار هذه العملية».
وفي السياق نفسه، أشارت صحيفة «يني شفق» التركية إلى أنّ أنقرة ودمشق «تعملان بتنسيق كامل ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا»، مضيفة أنّ «واشنطن تسحب دعمها تدريجياً من تحت قدمي «قسد» التي تلعب بأوراقها الأخيرة». وتوقّعت الصحيفة أن تضطرّ «قسد» في النهاية إلى «الاندماج في الجيش السوري»، لافتة إلى أنّ «المهلة الممنوحة لها تنتهي في أيلول المقبل، مع احتمال تمديدها حتى نهاية العام إذا ما أقدمت على خطوات ملموسة». لكنّها شدّدت على أنه «في حال رفض الاندماج، قد تُطرح عمليات عسكرية بدعم تركي».
وفي هذا الإطار، يؤكّد مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أنّ «زيارة الوفد الحكومي السوري وتوقيع اتفاقيات عسكرية وأمنية يكشفان عن نوايا مشتركة لإنهاء ملف «قسد» بالقوة»، مرجّحاً أن «تندلع مواجهات محدودة في محيط حلب أو دير الزور لاختبار جاهزية القوات، خاصة مع فشل قوات الجيش الوطني في تحقيق أي تقدّم على جبهة سدّ تشرين».
وإذ يشير المصدر إلى أنّ «فرنسا والولايات المتحدة تبديان إصراراً على أخذ الوقت الكافي لتطبيق اتفاق 10 آذار، وأنّ وزارة الدفاع الأميركية تتمسّك بخيار دعم «قسد» لمحاربة تنظيم داعش»، فهو يستبعد «اندلاع مواجهات مفتوحة، نظراً إلى عدم قدرة دمشق على تجاوز تداعيات أحداث الساحل والسويداء».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|