الصحافة

لماذا لا يعلن لبنان الحرب على إيران؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من هو وزير الخارجية العربي الذي قال للرئيس السوري أحمد الشرع "لسوف يكون لبنان، بقضّه وقضيضه، بين يديك"؟ كيلا نتصور أن توم براك هدد جزافاً بالحاقنا ببلاد الشام، وأن أميركا ليست مستعدة لبيعنا مثلما تباع الملابس البالية. هذا ليكون السؤال الآخر "لماذا لا يعلن لبنان الحرب على ايران"؟ حقاً لا ندري اذا كانت مرجعياتنا الاقليمية، وبالملاءة المالية الهائلة، قد أصيبت بالبارانويا، أم هي مرجعياتنا السياسية والحزبية، بالتبعية العمياء؟

أحدهم دعا الى عقد "جلسات عربية طارئة للبحث في التهديدات الايرانية للبنان"، بما في ذلك التهديدات العسكرية، دون أن ندري اذا كانت جلسات وزراء الخارجية أم جلسات الملوك والرؤساء. التهديدات العسكرية؟ لعل علينا أن ننتظر الطائرات الايرانية العملاقة تنفذ عمليات انزال حول القصر الجمهوري، وأن البوارج الايرانية، بالصواريخ النووية العابرة للقارات، تختال على شواطئنا. هل هذا قول "حكماء"، ويتولون قيادة طائفة هي التي كانت وراء وجود لبنان وتألق لبنان، أم قول مرجعية اقليمية لم تتخلّ يوما عن صياغة السيناريوات الغرائبية، لاحداث تغيير في البنية السياسية والدستورية، وحتى البنية الطوائفية والديموغرافية للدولة اللبنانية، لينصّب والياً عليها بديموقراطية الحجاج بن يوسف الثقفي.

وزير الخارجية يوسف رجي لن يحدد موعداً لعلي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في ايران. أولاً الزائر ليس شخصية ديبلوماسية. موقعه سياسي ـ أمني، أي لا داعي للالتقاء مع الرجي الذي نقول له "أعصابك يا معالي الوزير، أنت وزير خارجية لبنان، لا وزير خارجية معراب، ولا وزير خارجية أورشليم، ويفترض أن تخرج من غواية الخندق والبندقية، وقد وقعت فيها وأنت في الخامسة عشرة، كفتى وسيم وطموح وتحب تقليد جون واين في أفلام الغرب الأميركي. افريل هاريمان الديبلوماسي الأميركي الشهير قال "بحكم موقعي، لا أقفل باب مكتبي ولو كان زائري الشيطان".

كلنا نعلم من هو المايسترو الخارجي الذي ينثر الذهب على الرؤوس، ويضرم النار في الرؤوس. وكلنا نعلم أن المال هو القاعدة الايديولوجية لغالبية الساسة في لبنان. وهذه حالنا من قديم الزمان، لا بد أن نكون ملكيين أكثر من الملك. لا "اسرائيل" عدوتنا ولا أميركا، ولا حتى الشيطان. ايران بكل مصائبها هي عدوتنا في هذا العالم، وفي العالم الآخر. ولطالما قلنا أن الايرانيين والأتراك، الذين ما زالوا مسكونين بالهاجس الأمبراطوري، انما يرتكبون خطيئة تاريخية حين يحاولون أن يكون لديهم مشروعهم الجيوسياسي والجيوستراتيجي. كل ما فعلوه طوال تلك العقود، خصوصاً لجهة الصراعات العبثية، كان لمصلحة المشروع الأميركي الذي كان السفير الأميركي في "اسرائيل" مايكل هاكابي، ونذكّر بذلك دوماً في منتهى الوضوح، حين حدد طبيعته: شرق أوسط آخر بابعاد توراتية... "حاخام" بقبعة الكاوبوي.

لا ذاكرة لدى ببغاءات الشاشات. كيف لنا أن ننسى العلاقة الوثيقة، وعلى المستوى الشخصي والسياسي والاستراتيجي، بين الرئيس كميل شمعون والشاه محمد رضا بهلوي، الذي افتتنت زوجته ثريا بسحر الرئيس اللبناني. الآن طوفان من الكراهية المبرمجة ضد ايران، وضد حزب الله.

على احدى الشاشات العربية الكبرى، المصابة فرويدياً بهاجس العداء للحزب، استضافت المذيعة، بعد اتهامها للحزب بادارة شبكات التهريب ـ والتخريب ـ وكذلك بادارة عصابات المخدرات وبتنفيذ عمليات ارهابية، استاذاً لبنانياً في الجامعة الأميركية عُرف بحقده البيولوجي ضد الحزب، ليتقيأ كل ما في أمعائه، وجعلنا نشعر فعلاً بالتقزز، وكذلك بالرغبة في التقيؤ. هل يمكن لاستاذ في جامعة كبرى أن يبلغ ذلك المستوى من التفاهة والابتذال؟

تحت هذا الركام من البشاعات السياسية، وحيث التبعية في أكثر وجوهها ارتهاناً، يواجه لبنان مفترقاً عاصفاً، لعله الأكثر خطورة في تاريخه الحديث.

هكذا ننتظر توم براك ومورغان أورتاغوس، حتى لو أطبقا على أرواحنا، كما لو أننا نستقبل الأنبياء. ولا بأس أن نستقبل زحفاً على البطون، الأمير يزيد بن فرحان لأنه شقيق لنا، ولأنه مبعوث ملكي، مع تأكيدنا على تمسكنا المطلق بعروبة لبنان، وبقضايا العرب (من يعرف الآن ما هي قضايا العرب؟). ولكن كيف لنا أن نستقبل علي لاريجاني؟ وزير خارجيتنا قال بألأبواب المقفلة، أي بالطرقات المقفلة. حتى الآن، لا أحد دعا الى رشقه بالحجارة، وهو الذي عرف بتصريحاته المتزنة، دون أن يجاري مسؤولين ايرانيين آخرين دأبوا على اطلاق التصريحات النارية والعشوائية، التي تسيء الى حزب الله في بلد يعيش على تخوم الحرب الأهلية.

في ظل كل ذلك، وعندما نرى كل اللبنانيين وكل العرب، يدعون الى التطبيع مع "اسرائيل"، ولو أباد أهل غزة وأهل الضفة، وألحقمهما بأرض الميعاد، كما مرتفعات الجولان، وحتى جبل الشيخ، وحتى الجنوب السوري، اضافة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ولو أقام "أمبراطورية يهوه" من المحيط الى الخليج، ومعه الهلال اليهودي من حدود الصين الى ضفاف المتوسط. ولو كنا تحت أنقاض منازلنا أو في قبورنا، لا بد أن يوجد في البيئة الحاضنة من يسأل "لماذا وجدنا بين نصف مليار عربي، ومليار ونصف مسلم، نصرّ، وبوجود اختلال أبدي في موازين القوى وعلى المستويات كافة، على أن نقاتل اسرائيل"؟

منذ مئة عام، ما زلنا في حال التقهقر. لا خطوة واحدة في القرن، ولا وزن لنا في العالم الذي هزته جثث الأطفال في غزة، دون أن تهز عباءاتنا. ثمة اله في السماء واله آخر في الأرض.

مشكلتنا أننا من أهل الأرض...

نبيه البرجي - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا