بشأن تأمين فرص عمل للطلاب أو الخريجين.. تحذير من الجامعة اللبنانية
تكليف تاريخي أم شرارة أزمة؟ الجيش أمام مهمة نزع السلاح خارج الدولة
في خطوة وُصفت بالتاريخية، كلّفت الحكومة اللبنانية الجيش بوضع خطة تجعل حيازة السلاح مقصورة على مؤسسات الدولة بحلول نهاية السنة، وهو قرار جرى تبنّيه في جلسات مجلس الوزراء هذا الأسبوع وسط ضغوط أميركية وإقليمية. غير أنّ هذه الخطوة، التي كان يفترض أن تمثل رافعة لتعزيز سيادة الدولة، حملت معها أبعاداً سياسية وأمنية معقّدة، بعدما اعتبر حزب الله القرار استهدافاً مباشراً له، ورفضه واصفاً إيّاه بـ"الخطيئة" أو "الاعتداء"، فيما انسحب وزراء شيعة أو غابوا عن الجلسات الحكومية احتجاجاً، وخرجت في الشارع مواقف وتحركات رافضة. هذه التطورات تأتي على خلفية مسار طويل من الضغوط الدولية والإقليمية، إضافة إلى الخسائر والمعارك السابقة مع إسرائيل التي جعلت الملف الأمني أحد أبرز أوراق الضغط على الدولة اللبنانية.
ويستند تكليف الجيش إلى واقع أنّ المؤسسة العسكرية تحظى بإجماع وطني عابر للطوائف، ما يمنح القرار غطاءً رسمياً وأدبياً ويقلل من احتمالات المواجهة المباشرة بين الدولة وحزب الله إذا ما جرى التنفيذ بحذر. إلا أنّ تبنّي عناصر من الورقة الأميركية أو أهدافها يثير مخاوف الحزب وجمهوره من أن القرار محكوم بأجندات خارجية، وهو ما يزيد حساسية الملف داخلياً ويرفع منسوب الاحتقان. ومع أنّ الجيش قد يصوغ خطة تقنية متكاملة، إلا أنّ تطبيقها يصطدم بواقع ميداني شديد التعقيد، حيث تنتشر مخازن أسلحة تحت الأرض، ويتداخل النفوذ المناطقي مع شبكات سلاح محلية، إضافة إلى الحسابات الإقليمية المرتبطة بالصراع مع إسرائيل وعلاقة حزب الله بإيران، ما يجعل التنفيذ العملي رهناً بترتيبات موازية تشمل ضمانات أمنية وخطوات متدرجة.
السيناريوهات المحتملة لهذا المسار متعددة. الأول، سيناريو متدرج يُقدّم فيه الجيش خطة مرحلية تتضمن تفكيكاً آمناً لمخازن محددة وتسليم الأسلحة في إطار تفاهمات داخلية، مع تزامن خطوات دولية لوقف أي اعتداء إسرائيلي وضمان انسحابه الى خلف الخط الازرق، وهو مسار يقلل تدريجياً من المناعة السياسية للحزب ويجنب البلاد انفجاراً فورياً، لكنه يتطلب تفاهمات دقيقة. الثاني، سيناريو احتجاجي-سياسي، يرفض فيه حزب الله الخطة ويقود تحركات ميدانية وقطع طرقات ومواجهات سياسية في البرلمان والساحات، من دون الذهاب إلى اشتباك مباشر مع الجيش حفاظاً على الشرعية، وهو مسار يرفع منسوب التوتر ويصيب المؤسسات بالشلل لكنه يجنّب المواجهة العسكرية. أما الثالث، وهو الأخطر، فيتمثل بانهيار الوساطات وتصاعد الاحتقان إلى حد اندلاع اشتباكات محدودة بين مجموعات مسلحة محلية والجيش أو استهداف مؤسسات الدولة، ما قد يفتح الباب لتصعيد أوسع وتدخلات إقليمية ودولية، ويحوّل المشهد إلى مواجهة داخلية خطيرة.
وتتوقف مآلات المرحلة المقبلة على عدة عوامل مفصلية، أبرزها موقف قيادة حزب الله وما إذا كانت ستختار التصعيد أو الاكتفاء بالاحتجاج السياسي، ورد فعل الشارع الشيعي في البقاع والجنوب والضاحية، إلى جانب مواقف الدول الإقليمية كإيران، والدول الداعمة للحكومة مثل الولايات المتحدة وفرنسا، ومدى استعدادها لتقديم ضمانات أمنية أو ممارسة ضغوط مضادة. كما أنّ قدرة الجيش على إدارة العملية فنياً ولوجستياً من دون إشعال توترات جانبية ستحدد فرص نجاح الخطة أو فشلها.
يرى خبراء أنّ نجاح هذه الخطوة يستلزم نهجاً مرحلياً شفافاً يتضمن خطة قابلة للقياس الزمني، وآليات تحقق محلية ودولية، مع إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين، وفتح قنوات تفاوض مع قواعد حزب الله وقياداته عبر وساطات لبنانية وعربية، على أن تترافق العملية مع حملة تواصل شعبية تشرح أن الهدف هو توحيد السلاح بيد الدولة لا استهداف طائفة بعينها، وإشراك المجتمع الدولي بحذر لتوفير ضمانات توقف أي اعتداء خارجي على لبنان.
وفي الخلاصة، فإن تكليف الجيش بهذه المهمة الجريئة قد يشكل فرصة لترميم مؤسسات الدولة وتعزيز سيادتها إذا أُحسن تنفيذها بهدوء وحكمة وتدرج، لكنه في المقابل قد يتحول إلى شرارة أزمة داخلية جديدة إذا فشلت التهدئة أو تزايد الإحساس بالتهديد لدى أي طرف، وهو ما يجعل لبنان أمام اختبار بالغ الدقة بين خيار البناء وخطر الانفجار.
داود رمال – أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|