الصحافة

الحزب ينزلق إلى "مقاومة" الدولة وليس إسرائيل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن متوقعاً بأبسط المعايير أن يمرّ قرار الدولة اللبنانية حصر الدولة اللبنانية السلاح في يد الجيش اللبناني وتكليفه وضع خطة لذلك قبل نهاية الشهر الجاري من دون رد فعل قوي من جانب " حزب الله" المعني الأول بهذا القرار من أجل تعطيل هذا المسار أو دفع الدولة الى إعادة النظر أو التراجع عن ذلك أو بالحد الأدنى دفع الجيش اللبناني الى خطة بافاق زمنية غير محدودة .

"مقاومة" الحزب أطلقت تحركات مسيرة في كل مناطق نفوذ الحزب وامتداداً الى مناطق أخرى أيضاً من أجل تظهير دعم شعبي شيعي واسع يفترض أن يشكل عائقًا كبيرًا أمام تقليص نفوذه في لبنان على المدى القريب. دخول إيران على نحو مباشر على الخط بمواقف متتالية لمسؤوليها كان أكثرها وضوحاً ومباشرة ما قاله مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي علي أكبر ولايتي من أن "إيران تعارض قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح " حزب الله" على غير التصريحات الإيرانية من أن خطة الدولة اللبنانية ستفشل وان الحزب قوي وما شابه.

ترغب إيران بالقول تماماً كما قالت إسرائيل بالنسبة الى التدخل في سوريا بذريعة "حماية " الطائفة الدرزية إن إيران ستحول دون تنفيذ الدولة اللبنانية قرارها بغض النظر عن قدرة إيران على التدخل العملاني كما فعلت إسرائيل في سوريا. تستشعر إيران خطورة القرار وإبعاده في اتصال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بولايتي في اليوم التالي لقرار مجلس الوزراء اللبناني في السابع من الشهر الجاري الموافقة على الخطة الأميركية لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل.

نقل عن المالكي الموالي لإيران قوله إن "العراق لن يسمح للولايات المتحدة أو إسرائيل بنزع سلاح قوات الحشد الشعبي المدعومة منها" وذلك وسط مناقشات رسمية في العراق حول تقييد الأسلحة للدولة العراقية وحل قوات الحشد الشعبي. والرسالة الإيرانية من هنا وهناك أن القرارات النهائية بشأن نزع السلاح ترتبط بطهران والحرس الثوري فيما لا تزال إيران ترى في "حزب الله" أداةً لا تزال فاعلة ان لم يكن لردع إسرائيل على رغم السردية لديها كما لدى الحزب أن الأخير منع إسرائيل من اجتياح لبنان في مقابل الذريعة الرسمية للبنان انه هو من استدرج الاحتلال الإسرائيلي الأخير ولم يمنع اغتيال قادته ولم يحمهم كما لم يحم لبنان، فلعرقلة النفوذ الأميركي في لبنان الذي وافق على الورقة الأميركية لتثبيت اتفاق وقف النار. والحملات الأخيرة للحزب وحتى للتيار العوني الحليف له والطامع لدعم الحزب في الانتخابات النيابية لم يترك الحزب وحيدا في هذه المقاربة، وذلك علماً أن الرئيس نبيه بري من ناقش بقوة الورقة الأميركية التي حملها الموفد الأميركي توم براك وأدخل تعديلات عليها ورغب بإدخال تعديلات أكبر.

ومغزى ذلك أنه لم يتم رفض الورقة الأميركية بالمطلق لمجرد أنها ورقة أميركية بل فشل التفاوض في فرض لبنان أولويته في هذا السياق لا سيما انه ليس الطرف الوحيد المعني بالاتفاق وهناك أطراف أخرى أبرزها إسرائيل التي تعتبر نفسها منتصرة بأضعاف الحزب ولا تزال لها اليد العليا في رفض ما لا يناسبها فيما أن كل استهدافاتها لعناصر الحزب او مواقعه منذ وقف النار لم تلق اي ادانة من الخارج. وهذا له مغزاه أيضاً. وثمة من يقول إن ايران قد لا تكون في حاجة الى الحزب ليس كورقة مساومة على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة فحسب بل من أجل الاحتفاظ بورقة القدرة على التأثير على استقرار النظام. السوري الجديد أيضاً.

الرسالة من ذلك التي يخشى كثر أنها تعمقت بالانفجار الذي حصل في الجنوب وأدى الى استشهاد عناصر من الجيش اللبناني والذي أثار التباساً كبيراً ما إذا متعمداً أم لا أن نزع سلاح حزب الله طوعيًا سيكون مستبعداً في ظل الظروف الراهنة. ولكن أيضاً أن ثمة ديبلوماسية إقليمية ودولية ملحة من أجل تفعيل دعم السلطة اللبنانية وعدم ترك الامور السلبية تتفاعل وتؤثر على مسار قرارتها لا سيما بعدما شكل استشهاد جنود الجيش اللبناني حافزا في غاية الأهمية لا سيما في ظل تهديدات الحزب علنياً بالسعي الى قلب الأمور . فما يحصل يتجاوز سعي الحزب الى الحفاظ على ماء الوجه والتعبئة للدفاع عن موقعه ومكاسبه الى التحريض المباشر والتهديد لمرتكزات الدولة. وهذا لا يجب أن يكون مسموحاً لا سيما ان دولا عدة كانت واضحة في أن تلكؤ السلطة عن الاقدام على هذه الخطة كان سيعني ترك لبنان في مهب اي عمل اسرائيلي محتمل من دون التدخل لوقفه كما كان يحصل سابقا . والحاجة ملحة الى مساعدة الدولة في تحصين موقفها من اجل ان تدعم توجهها الى البيئة الشيعية بالرسائل التي تنقض التعبئة التي يقوم بها الحزب وفي موازاة الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية من اجل تجنب تقويض حجج الدولة في توفير الأمن، تماما كما تدخلت الولايات المتحدة لردع اسرائيل عن تقويض سلطة النظام السوري الجديد. فلبنان ايضا لا يزال هشا والقفزة التي قام بها جريئة وهائلة بكل المعايير . والدعم الداخلي الذي حصلت عليه السلطة يجب ان يشكل مؤشرا على أن لبنان الاخر غير الحزب يستحق اخذ رأيه وموقفه في الاعتبار ايضا ولو لم يتظاهر بمسيرات في مناطقه.

المحاذير التي ينزلق اليها الحزب انه يغدو " مقاومة " ضد الدولة اللبنانية وسائر مكوناتها بعدما فقد القدرة على توظيف " المقاومة " ضد اسرائيل ، والشارع ايا تكن معايير ضبطه، قد يفلت مع تسعير مشاعر الرفض والغضب والتمرد وحتى الحقد والانتقام.

روزانا بو منصف -النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا