رجي معزياً: دماؤكم تؤكد صوابية أن يكون الجيش اللبناني هو القوة الشرعية الوحيدة
تأسيس "المجلس العسكري المسيحي" في سوريا: "مظلة" الدولة لا تقي
ما إن نشرت صفحة على «المربع الأزرق»، كان قد جرى إنشاؤها يوم 5 آب الجاري، بيانا أعلنت فيه عن ولادة «المجلس العسكري المسيحي» في سوريا، حتى تناقلت المئات من الصفحات ذلك البيان، فيما انقسمت هذي الأخيرة بين مشكك بالخبر، وبين من قال إنه «حقيقي ويلبي مطالب المسيحيين في هذه المرحلة»، كما انقسمت بين مؤيد، يرى أن الضرورات تبيح المحظورات، وبين معارض، يرى أن من شأن الفعل أن يلحق ضررا بالغا بالإرث المسيحي القائم على التسامح والتعايش، ثم من شأنه تعميق «الخنادق» التي تفصل راهنا بين مكونات الشعب السوري وفقا لهؤلاء، والجدير ذكره في هذا السياق إن الإعلان عن تلك الولادة جاء بالتزامن مع إعلان وزارة الداخلية السورية عن إلقاء القبض على «عنصرين يتبعان لإحدى المجموعات الخارجة على القانون، وكانا في طريقهما لتنفيذ عملية إرهابية في كنيسة مار الياس المارونية بالخريبات»، وعلى مبعدة ستة أسابيع من تفجير كنيسة «مار الياس» بحي الدويلعة الدمشقي، مع الإشارة إلى إن المسيحيين كانوا عرضة، كما غيرهم، لحالات شتى من العنف والقتل، التي كان آخرها المهندسة روان مطانيوس سلوم من قرية السيسنية بريف صافيتا، والتي عثر على جثتها يوم الخميس الفائت، فيما أشارت صفحات إلى إنها «ماتت خنقا بعد كسر رقبتها» .
تضمن البيان المنشور، والذي لم تتبناه أية جهة أو شخصية معروفة، تعريفا بالمجلس الذي قال عنه أنه يمثل «صوتا عسكريا وطنيا للمسيحيين السوريين، وقوة دفاعية ضد الإرهاب التكفيري، وممثلا لمن ضحى من أبناء الطائفة في معركة الوجود والكرامة»، كما حدد البيان أهداف المجلس التي قال إنها تبدأ عند «ضمان تمثيل، سياسي وعسكري، للمسيحيين السوريين في أي مرحلة انتقالية مقبلة»، وتمر بـ«تنظيم المقاتلين المسيحيين ضمن مظلة موحدة»، وتصل إلى «التصدي لأي مشروع تقسيمي، والدفاع عن وحدة سوريا المدنية»، كما تضمن البيان رسما لهيكلية القيادة في «المجلس»، التي يشكل «القائد العام»، واسمه الياس صعب وهو مستعار على الأرجح، رأس الهرم فيها، وللأخير نواب في كل المناطق التي يوجد فيها مقرات للمجلس مثل : محردة - صدد - السقيلبية - معلولا - طرطوس، من دون الإعلان عن الأسماء التي تشغل تلك المناصب، أما «المقر العام» للمجلس فقد ذكر البيان إنه يقع في» وادي النصارى» بريف حمص، فيما يقع «المكتب السياسي والإعلامي» في بيروت، التي يقع فيها أيضا مقر «مكتب التنسيق الخارجي»، الذي ذكر إنه «قيد التأسيس»، فيما يقع مقر «المكتب الحقوقي» بدمشق، وفقا لما ذكره البيان، أما الشعار الذي تبناه المجلس فكان «من الكنائس إلى الجبهات - المسيحيون السوريون يدافعون عن وطنهم».
وعن رؤيته للعلاقة التي يجب أن تقوم مع باقي القوى والتيارات، أعلن البيان عن ضرورة «توسيع تحالفات المجلس داخل سوريا، ليشمل تنسيقا عسكريا وأمنيا مع (المجلس العسكري في السويداء)، ومع (المجلس العسكري المسيحي السرياني بالحسكة)، وعدد ومن القوى والتشكيلات العلوية المحلية، إضافة إلى (قوات سوريا الديمقراطية - قسد) في شمال شرق سوريا، «كما يشير البيان إلى إن» أعضاء المجلس كانوا عناصر في صفوف الجيش العربي السوري السابق، وإنهم «يؤمنون بالدولة المدنية الحديثة ومؤسساتها»، ويرون وجوب «مكافحة الإرهاب والتطرف الديني»، مع التركيز على»الدور الفاعل، وليس الصامت، للمسيحيين».
في ختامه وجه البيان نداءات ثلاث، الأول للدولة السورية القائمة منذ 8 كانون أول الفائت، وفيه قال «لا نعترف بدولة الإرهاب والتطرف المتمثلة بأبي محمد الجولاني وأتباعه، وندعو لقيام دولة مدنية بعيدة عن الإسلام السياسي والإديولوجي»، والثاني للكنائس السورية التي طالبها بـ« توثيق تضحيات المقاتلين المسيحيين وحمايتهم»، أما الثالث فقد كان للمجتمع الدولي الذي قال إن واجبه «محاكمة قادة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسهم الجولاني».
تفاوتت ردود الأفعال حول البيان الذي قال عنه البعض إنه يمثل «نزعة عسكرية» بعيدة عن الأعراف والقيم المسيحية، وقد قامت حسابات عدة مسيحية بكتابة تعليقات تحمل هذا المعنى على صفحة الموقع الذي قام بنشر البيان، وفي رد «الموقع» على هؤلاء جاء «نحن لا نشجع على الإرهاب، ولا على القتل، لكن عندما يقوم الشيطان بقتل أبناء شعبنا باسم الدين، ويغتصب بناتنا، ويحرق كنائسنا، ويخطف أولادنا، فمن حقنا، بل ومن واجبنا، أن ندافع عن أنفسنا، وعن أهلنا ضد إبليس الرجيم، كما قال الرب يسوع المسيح في الإنجيل المقدس( من ليس له سيف، فليبع ثوبه ويشتري سيفا)»، أما «اللقاء الوطني»، وهو تجمع سياسي مدني مسيحي، فقال ردا على الإعلان إنه» يرفض رفضا قاطعا ذلك الأمر»، واعتبر إن تلك الخطوة من شأنها أن «تهدد الوحدة الوطنية، وتدفع نحو عسكرة الطائفة المسيحية، وتفتح الباب أمام مشاريع خارجية تهدف إلى تقسيم سوريا طائفيا» .
من المبكر الآن الحكم على المسارات التي يمكن أن يخطتها «المجلس» لترسيخ «مشروعيته» ضمن الطائفة المسيحية، خصوصا في ظل الإنقسام الواضح حوله في أوساط هذي الأخيرة، لكن المناخات المحيطة بالفعل، أي فعل الإعلان عن تأسيس «مجلس عسكري مسيحي»، تبدو ماضية نحو تنشيط هكذا مسارات، أو أخرى تصب في نهايتها في المصب عينه، فيوم الخميس، أول من أمس، أطلقت «قسد» بمدينة الحسكة «كونفرانس مكونات شمال وشرق سوريا»، واللافت فيه الحضور الإفتراضي لكل من الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل طائفة الموحدين، والشيخ غزال غزال، رئيس «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى»، اللذين قام كل منهما بإلقاء كلمة أمام المؤتمر، ودعا، كل منهما، فيها إلى قيام «نظام حكم لا مركزي في سوريا»، لأنه يمثل «الصيغة الأنسب لقيام عيش مشترك فيما بين السوريين»، والراجح أن تلك «الكرة» قد أفلتت من « رأس الهضبة» لكي تتخذ مسارا انحداريا سريعا بمفاعيل عدة بعضها داخلي، وبعضها خارجي، حيث يتصارع، في هذا الشق الأخير معسكران، أولاهما يدفع بـ«الكرة» لكي تزيد من تسارعها، وثانيهما يجهد لإيقاف تدحرجها بكل ما يستطيع من وسائل .
عبد المنعم عيسى - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|