محليات

الحزب يحذر.. لا ميثاق بلا مقاومة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عشية الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء غدا الخميس والمخصّصة لاستكمال البحث في ما بات يعرف ب"الورقة الأميركية"، تدخل البلاد مجدداً في مسار سياسي ودستوري دقيق، تتقاطع فيه الضغوط الخارجية مع التوازنات الداخلية الهشّة. ففي الوقت الذي قرّر فيه مجلس الوزراء تكليف قيادة الجيش بوضع خطة تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، بدا واضحًا أن المسألة تتجاوز مجرّد إجراء إداري، لتلامس جوهر الصراع السياسي حول مفهوم السيادة، والاحتكار الشرعي للسلاح ، ودور المقاومة في معادلة الدفاع الوطني.

وبينما شكلت جلسة مجلس الوزراء أمس مؤشراً إلى ما قد يشهده الخميس من انقسامات، حيث انسحب الوزيران تمارا الزين وركان ناصر الدين اعتراضا على آلية التصويت المتعلقة بتحديد مهل زمنية لحصر السلاح، وهو ما جعل مشاركة الثنائي الشيعي في الجلسة المقبلة موضع تشاور مفتوح، حرص رئيس الحكومة نواف سلام على تأكيد التزام حكومته بما ورد في بيانها الوزاري، خصوصاً في ما يتعلق بأمن البلاد وتنفيذ القرار الدولي 1701 بالكامل. وقد عرض المجلس مضمون الورقة التي قدمتها الولايات المتحدة عبر موفدها توم براك ، إلى جانب التعديلات التي طلب إدخالها من لبنان الرسمي.

أوساط قريبة من حزب الله حذرت عقب جلسة مجلس الوزراء من المغامرة بوحدة الجيش الذي يبقى آخر ما تبقى من الدولة، وشككت في قدرة الدولة على تنفيذ خطة لحصر السلاح من دون أن تكون هناك استراتيجية دفاعية متكاملة ومتوافق عليها وطنيا. وهذا التوجه يعكس، بحسب هذه الأوساط، خشية حقيقية من أن يتحول الجيش إلى أداة تنفيذية لمخطط خارجي، ما قد يعرضه لاهتزاز خطير في صورته ووحدته، خصوصا إذا تم دفعه إلى مواجهة غير محسوبة مع "الحزب".

ويرى الحزب، بحسب هذه الأوساط، أن السيادة لا تختزل بحصرية السلاح بيد الدولة فحسب، بل بتكامل أدوار المقاومة والدولة في إطار رؤية دفاعية وطنية شاملة. والطرح الأميركي، يريد للبنان أن يتخلى تدريجياً عن مقاومته، في مقابل ما قد يقدم له من ضمانات لا يرى فيها سوى فخاً استراتيجياً يفرغ البلاد من قوتها التفاوضية والأمنية.

وفي السياق، أطل أمس الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، ليرسم الخطوط الحمراء بوضوح: "لا نزع لسلاح المقاومة، لا تدريجاً ولا وفق جدول زمني، ولا من خارج التوافق الوطني". ولم يكن كلامه مجرد رفض للطرح الأميركي، بل رسالة مزدوجة: أولاً للداخل، بأن المس بالمقاومة هو مس بالميثاق الوطني نفسه، وثانياً للخارج، بأن الحزب لا يرى في الضمانات المطروحة سوى محاولة لإضعاف موقعه التفاوضي والأمني خدمة لأمن إسرائيل.

تضمن الطرح الأميركي مطالب مباشرة بنزع سلاح حزب الله خلال ثلاثين يوماً، بما يشمل القنابل اليدوية وقذائف الهاون، وتقليص القدرة العسكرية للمقاومة بنسبة 50%. مقابل ذلك، طرحت مرحلة أولى من الانسحاب الإسرائيلي من خمس نقاط حدودية، يليها تسليم الأسرى خلال شهرين أو ثلاثة، لكن حزب الله يرى في هذا المسار محاولة تهدف إلى تجريد لبنان من عناصر قوته، في مقابل وعود لا تحمل ضمانات، وتخدم حصرياً أمن إسرائيل، على حد تعبير الشيخ قاسم، الذي اعتبر أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً، بل باتت عراباً لمشروع إضعاف لبنان وتجريده من عناصر القوة.

الأهم في خطاب قاسم لم يكن فقط الرفض الصريح للورقة الأميركية، بل أيضا الرسائل السياسية الداخلية التي حملها. فقال الشيخ قاسم إن المقاومة هي جزء من دستور الطائف، منصوص عليها هناك في الإجراءات التي يجب أن ‏تتخذ بكافة الأشكال لحماية لبنان، لا يمكن لأمر دستوري أن يُناقش بالتصويت، الأمر الدستوري يتطلب توافقاً، ‏ويتطلب مشاركة مكونات المجتمع كافة لتتفاهم على القضايا المشتركة.‏كما أن إلغاء الطائفية السياسية يتطلب توافقاً عاماً، وإلغاء فكرة العدد لمصلحة التوزيع الطائفي الذي يطمئن الطوائف ‏هو أمر ميثاقي، كذلك المقاومة لمواجهة إسرائيل أمر ميثاقي يُناقش بالتوافق.‏

لم يكن ما سبق مجرد توصيف سياسي. فالتحذير الضمني الذي حملته عبارات الشيخ قاسم، يشير، بحسب مصدر سياسي، إلى أنه إذا كان وجود المقاومة مستنداً إلى معادلة داخلية تعكس توازنات طائفية ووطنية دقيقة، فإن المسّ بها سيفتح الباب، إلى إعادة النظر في كامل البنية الميثاقية التي يقوم عليها النظام اللبناني. وسبق أن طرحت في بعض الكواليس فكرة تقضي باستبدال الذراع العسكرية للحزب بضمانات سياسية راسخة داخل الدولة، تكرس موقع الحزب كمكون أساسي في السلطة والقرار، من دون الحاجة إلى ذراع عسكري مستقل.

وعليه، ربما تكون الإشارة الأخطر في كل الخطاب ما لم يقل صراحة، بل فهم ضمنياً: إذا كانت المقاومة ميثاقية، فإن نزعها من دون توافق يعني المس بميثاق الطائف نفسه، ويفتح النقاش حول مجمل أحجام المكونات في البلد. ووفق مصادر سياسية فإن ما يطرح اليوم لا يتعلق فقط بمستقبل سلاح الحزب، بل يمس جوهر التوازنات السياسية والدستورية.

Lebanon 24 - هتاف دهام

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا