محفوض: لاستدعاء نعيم قاسم إلى التحقيق وإحالته أمام القضاء مخفوراً
الشرع يقلب المعادلة: لا استقبال لهؤلاء السياسيين اللبنانيين
يُعدّ تاريخ العلاقات اللبنانية – السورية من أكثر العلاقات الثنائية تعقيدًا في الشرق الأوسط، حيث تداخلت الاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية وأخطرها العقائدية. إذ سيطرت دمشق طويلًا على القرار اللبناني، سواء من خلال النفوذ والاحتلال المباشرَين أو عبر دعم ميليشيات وأحزاب وشخصيات سياسية، لا سيما في مرحلة نظام "الأسدَين" الأوّل والثاني.
وتُعتبر سوريا بحكم موقعها الجغرافي، مهيّأة للعب أدوار خارجية وتدخلها في مسائل جيرانها، خصوصًا إذا كان الحكم فيها مُصابًا بجرثومة أيديولوجية تقوم على التذويب والتوسّع وعدم الاعتراف بحدود وكيانات الجوار، كـ"البعث". وكان لبنان الحلقة الأضعف، والنجمة التي وضعها حافظ الأسد على كتفيه ليدخل نادي البلدان الإقليمية. تلك "الترقية" لم تكن لتحصل لولا ذهنية الفريق اللبناني الموالي له، الذي يعتاش على فكرة "الباب العالي". وتحوّلت دمشق إلى محجّ لتقديم الولاء إلى والي الشام وشحذ الرضى منه، حتى أن بعض الساسة اللبنانيين كانوا يتباهون في مجالسهم وأمام حاشيتهم وأنصارهم المقرّبين، ويتنافسون بين بعضهم، من منهم التقى "سيادة الرئيس" لدقائق أو لساعات أكثر من غيرهم.
تلك الصِلات الموسومة بالتبعية، تطرح بالمقارنة، العلاقة بين القوى اللبنانية والرئيس السوري أحمد الشرع، وتثير السؤال التالي: هل يتحوّل الأخير إلى "أسدٍ" آخر يزهو بمتملّقين سائرين على خطّ بيروت -دمشق؟ أم سيتّعظ اللبنانيون ويتخلّون عن تقديم الطاعة، وحصر العلاقة بين البلدين ضمن الأطر الرسمية والدولتية؟
الشرع يقلب المعادلة.. لا استقبال للمتملّقين اللبنانيين
أمام هذه الإشكالية، يشير مصدر مطّلع على التفاعلات اللبنانية - السورية، إلى أنّ الشرع رفض طلبات عدّة لسياسيين لبنانيين من ضمنهم أحد النواب "العروبيين" المنتمين إلى ما كان يُعرف بـ"سنّة 8 آذار"، إضافةً إلى جماعات سنيّة تشاطر الشرع الفكر الديني، قرعوا أبواب "قصر الشعب" لاستقبالهم، وكان الجواب سلبيًّا. كأن "الحجّ" إلى الشام آفة لبنانية مزمنة. غير أنّ الرئيس السوري "لا يريد تكرار سلوكيات وأدبيات المرحلة السابقة". لماذا؟ يجيب المصدر: "يُدرك تمامًا أن الواقعَين الإقليمي والعربي، لا يحبّذان أي علاقات لا تعتمد الأصول الدبلوماسية واحترام مبدأ السيادة، أو تُشجّع على إعادة توليد أدوات الهيمنة السورية على لبنان. فجلّ ما تطلبه القوى الراعية والمساندة لحكم الشرع، هو ضبط الحدود بالتعاون مع الجانب اللبناني، وسدّ أي ثغرة أو متنفّس قد تستعمله إيران للتسلّل مجددًا إلى شواطئ المتوسّط، إضافة إلى اعتبارات أخرى مرتبطة بتشكيل النظام الإقليمي الجديد، وقوامه الاستقرار وتعزيز المبادلات التجارية والاقتصادية وتفكيك مفاهيم "وحدة الساحات" التي أنتجها النفوذ الإيراني. كما أن تلزيم لبنان إلى دمشق، هو فبركات أطلقها "محور الممانعة"، إذ لا ظروف الشرع الداخلية وتحدياته الكبيرة والمعقّدة ولا الرغبة الدولية، تسمح بذلك. ولعلّ اللقاء الأمني اللبناني – السوري المشترك الذي انعقد في المملكة العربية السعودية (أي بمباركتها ورعايتها) خير دليلٍ على تبديد تلك الهواجس. فلا تلزيم جديدًا للبنان أو لمناطق حدودية شمالية وشرقية لسوريا، ولا اقتطاع لأجزاء منه.
وأوضح المصدر أنّ استقبال الشرع للرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، له علاقة بالمسألة السورية الدرزية الداخلية، وكانت ضرورية في زمانها ومكانها وأحداثها. أما عن الزيارة التاريخية التي قام بها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى دمشق (وبتشجيع وترتيب سعودي)، وما تُمثّله دار الفتوى من خطّ وطنيّ وديني معتدل، فشدد المصدر على أنّها رسالة في غاية الأهمية، مفادها أن أي بُعدٍ سنيّ يجمع لبنان المتنوّع بسوريا الجديدة، تُشكّل دار الفتوى مظلّتها ومعاييرها وحدودها.
طوني عطية -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|