استحقاق الودائع خلال بضعة أشهر
مع انتهاء حقبة قانون انتظام عمل القطاع المصرفي، نكون قد وصلنا إلى الجد. لم يعد أمامنا سوى مواجهة الاستحقاق الأساسي والأخطر، المتعلق بالاتفاق على كيفية حل أزمة الودائع من خلال توزيع الخسائر أو الديون.
للمرة الأولى منذ الانهيار، هناك رؤية واضحة حول كيفية الحل، فهل يعني ذلك أن الحكومة ستُقدِم في الأشهر الثلاثة المقبلة على إقرار قانون الفجوة المالية بما يعطي الأمل في الخروج تدريجيًا من مفاعيل هذه الأزمة النظامية التي ضربت البلد منذ حوالى ست سنوات.
من خلال رصد حركة حاكم مصرف لبنان، ومن خلال المواقف التي يعلنها في بعض المناسبات، والمواقف التي ينقلها عنه زواره، يبدو أن مصرف لبنان أصبح جاهزًا للحل.
وفي هذا السياق، يعتبر كريم سعيد أن لبنان مثل مريض يحتاج إلى جراحة، وقد أنجز الفريق الطبي كل التحضيرات لإجراء العملية، وأصبحت غرفة العمليات جاهزة، وننتظر فقط موافقة إدارة المستشفى (الحكومة ومجلس النواب) لكي نباشر. مع التأكيد أن الإدارة السياسية باتت على علم بالأضرار الجانبية التي سيتحمّلها المريض لإنقاذ حياته، والسماح بعودته إلى حياة طبيعية.
ورغم أن خطة معالجة الفجوة المالية لم تتضح بتفاصيلها، إلا أن عناوينها العريضة صارت واضحة بالنسبة إلى الثلاثي الذي يقود المبادرة (ياسين جابر، عامر البساط، كريم سعيد) .
ويبدو أن حاكم المركزي انتهى من مسألة تنظيم العلاقة مع المصارف، وصار معروفًا لديه كيف ستتم إعادة تنظيم موازنة مصرف لبنان لسد الفجوة وصولًا إلى موازنة متوازنة. مع التأكيد أنه سيتم خفض حجم الفجوة من 73 مليار دولار إلى حوالى 50 مليارًا. وفي هذا الوضع، وإذا احتسبنا قيمة الذهب (أكثر من 30 مليار دولار)، والدين المسجل على الدولة (16 مليار دولار)، مع السيولة المتوفرة، والأصول المتفرقة، يتبين أن المركزي قادر على إنجاز موازنة فيها فائض جيد، وليس العكس.
ويبدو أن الحكومة التي لم تعترف بهذا الدين رسميًا بعد، ستكون مضطرة لأن تفعل، لأن المستندات التي يملكها المركزي تحتّم عليها ذلك. لكن المشكلة، أن صندوق النقد الدولي يعارض الخطوة، على اعتبار أنه لا يرغب في تحميل الدولة أعباء مالية قد تؤثر على قدرتها في تسديد القرض الذي قد يمنحها إياه مستقبلًا. لكن سعيد يرفض منطق الصندوق ويعتبر أن الأمر محسوم، وأن الصندوق ينبغي ألّا يتدخل في هذا الموضوع. بالإضافة إلى أن الاعتراف بهذا الدين، من شأنه أن يقوّي موقف الدولة في مفاوضاتها مع حملة اليوروبوندز لخفض المبلغ الذي يتوجب دفعه. كما أن سعيد يعتبر أن الدولة، وإذا أصرّت على عدم الاعتراف بدينها لمصرف لبنان، سيصبح من واجبها ومسؤولياتها تنفيذ المادة 113 من قانون النقد والتسليف لإعادة رسملة مصرف لبنان.
الأيام المقبلة حاسمة في معالجة أزمة العصر، والتحدّي الحقيقي لا يتعلق فقط بإقرار الحكومة مشروع قانون الفجوة المالية، بل بطريقة تعاطي النواب مع المشروع لأن المطلوب إقراره قبل الانتخابات المقرّرة في أيار. مع الاعتراف المسبق بأن الشعبوية لا تزال، ومع الأسف، تجارة ربّيحة شعبيًا، وهذا ما ظهر من خلال ردود الفعل والمزايدات، بعد إقرار المجلس قانون انتظام القطاع المصرفي. كان الله في عون اللبنانيين.
انطوان فرح -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|