عربي ودولي

زيارة أدرعي إلى السويداء... دعم للأقليات أم مدخل لتفكيك سوريا؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 خطوة مفاجئة ومحفوفة بالدلالات حملتها زيارة المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي منذ يومين إلى القرى الدرزية الواقعة بين جبل الشيخ  وريف دمشق، للاطلاع على مشاريع "مدنية" ينفذها الجيش الإسرائيلي وهي مخصصة لمساعدة الدروز.

 الزيارة "الإنسانية" في الظاهر شملت لقاءات مع وجهاء دروز وممثلين محليين، لكن خلف هذه المبادرة "الإنسانية" كما وصفها أدرعي نفسه، تقف أسئلة سياسية كبرى حول الأهداف الحقيقية وتوقيتها، في ظل التوتر المتصاعد في الجنوب السوري وسقوط مئات القتلى من الدروز خلال الشهر الأخير. إنطلاقا من ذلك يُفهم أن الزيارة هي جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى تقديم نفسها كـ"حامية للأقليات" في المنطقة، في مواجهة ما تسميه "الإهمال والتواطؤ الإيراني-السوري ضد مكونات الشعب السوري".

ومع أن الزيارة كانت مخصصة للدروز، إلا أن أصداءها وصلت إلى المكونات الكردية والمسيحية في الشمال والغرب السوري، حيث يخشى البعض من تحوّل هذه الخطوة إلى نموذج قابل للتكرار مع مجموعات أخرى، تحت عنوان "الحماية من النظام أو الجماعات المتشددة"، ما يثير مجددًا سيناريوهات التقسيم والفدرلة على أسس طائفية. وفي الوقت عينه، فإن التنسيق بين الدروز وإسرائيل، وإن كان محدودًا، قد يدفع مكونات أخرى إلى البحث عن رعاة إقليميين جدد، ما يعقّد المشهد السوري أكثر فأكثر، ويقلّص فرص الحل الوطني الشامل.

الكاتب السياسي الياس الزغبي يوضح ل"المركزية" أنه "لم يعد سراً أن إسرائيل تخطط وتسعى لتحصين حدودها المعروفة شمالاً وجنوباً وحتى شرقاً عبر خلق مساحات جغرافية خالية من السلاح وديمغرافية صديقة لها. والترجمة الأوضح التي تظهّر هذا المخطط هي في شمال إسرائيل باتجاه سوريا تحديداً وربما لبنان في مرحلة لاحقة. فقد قررت الحكومة الإسرائيلية إضافة إلى المساحتين الجغرافية والديمغرافية أن تفتح خطوطاً مريحة لحركة الإقتصاد والتجارة من خلال ما يعرف بممر داوود، أي الممر الذي يشمل الجنوب السوري عبر الجولان ودرعا والسويداء في اتجاه المناطق الكردية في سوريا والعراق بلوغاً إلى أوروبا الشرقية ومنها سائر الدول الأوروبية".

تأمين الاستقرار على المدى الطويل هو الهدف من خلق المثلث الجغرافي والديمغرافي والإقتصادي يقول الزغبي ويضيف" لكن مسألة حدود الدول لا تزال غير واضحة لجهة ما إذا كانت ستخضع للتغيير والتعديل أو تبقى كما رسمها اتفاق سايكس-بيكو، أي تبقى سوريا دولة موحدة ولكن أطرافها تتمتع بنوع من الحكم الذاتي تحت شعار ما يعرف بحماية الأقليات. ومن هنا يظهر مدى الإهتمام الإسرائيلي بطائفة الموحدين الدروز في الجنوب السوري وصولاً إلى السويداء. وهنا لا بد من التأكيد على أن أحداث السويداء دخلت في هذا المخطط ولم تكن مجرد صراع مذهبي أو طائفي ما بين العشائر السنية والدروز. وتظهر البصمات الإسرائيلية بوضوح خلال المحادثات الثنائية بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية –فرنسية".

زيارة أفيخاي أدرعي لم تكن مجرد مبادرة إنسانية رمزية، بل خطوة مدروسة تحمل رسائل استراتيجية للدروز حيث يشير الزغبي إلى ان "الرعاية الإسرائيلية للدروز في الجولان والجنوب السوري يتزايد كلما تقدمت سياسة فرض المناطق المنزوعة السلاح في جنوب سوريا.".  وربما تنجح واشنطن في تقريب الموقفين السوري والإسرائيلي على أساس هذه الصيغة الديمغرافية والسياسية ما بين جبل الشيخ والجولان ودرعا والسويداء. وستتوالى الخطوات الإسرائيلية في هذا الاتجاه بدعم واضح من دروز إسرائيل التي تحرص الحكومة الإسرائيلية على الأخذ برغباتهم في تكامل الإمتداد الدرزي ما بين الحدود الإسرائيلية واللبنانية والسورية

ما يخشاه المراقبون أن يكون لبنان كما العادة المتلقي لكل الرسائل السياسية والأمنية. إلا أن " هذا الأمر لم يتضح بعد بالنسبة إلى وضع دروز لبنان. لكن من دون شك أنه شديد الحساسية أكثر مما هو عليه الوضع بالنسبة إلى دروز سوريا. وقد اتضح ذلك في أسلوب تعامل الفعاليات السياسية الدرزية في لبنان مع الأحداث الخطيرة في السويداء، وهذا ما ساهم في ضبطها . أما الأصوات النافرة والناشذة الأخرى فقد خفتت بسبب فقدانها ركيزة سياسية تستند إليها على المدى المتوسط والطويل. وفي الأساس حين يكون هناك توافق بين الكبار ونقصد تحديداً الدولتين السورية والإسرائيلية تحت الرعاية الأميركية لا تستطيع الطوائف الصغرى أو القوى السياسية المحلية ان تغير في مجرى الأحداث".    

مع اكتمال رسم الخرائط السياسية في جغرافيا الشرق الأوسط أي في المرحلة اللاحقة لترسيم العلاقات بين لبنان وإسرائيل "يصبح وضع الطائفة الدرزية أكثر وضوحاً من خلال الرؤيا الأميركية الواسعة للمنطقة العربية تحت عنوان اتفاقات ابراهيمية والتي تؤكد واشنطن أنها تتوسع لتشمل حوالى 10 دول عربية أخرى وبالطبع سيكون لبنان في عدادها".

"هذه الخواتيم السياسية تتطلب تقدماً في إنجاز الإستقرار الأمني خصوصاً في جنوب لبنان وتحديداً في منطقة وادي التيم بين حاصبيا وراشيا حيث توجد أغلبية درزية والأمر يتعلق بمدى نجاح سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المسائل العالقة وفي طليعتها طبعا سلاح حزب الله ومصير الملف النووي الإيراني ومعالجة بقايا الأذرع والوكلاء المرتبطين بطهران" يختم الزغبي.

 قد تكون زيارة أدرعي  فصل جديد في التدخل الإسرائيلي "غير المباشر" في سوريا، عبر الأقليات بدلًا من الجيوش، ما يجعل الجنوب السوري اليوم على مفترق خطير بين الفوضى، والحماية الأجنبية.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا