محليات

قراءة في موقف جعجع.. هل تدفع "القوات" نحو المواجهة مع "حزب الله"؟!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على وقع التكهّنات حول "مهلة" قيل إنّها مُنِحت للدولة اللبنانية من أجل حسم الموقف من سلاح "حزب الله"، ووضع آلية تنفيذية واضحة من أجل سحبه، وفيما يتواصل النقاش حول طرح الملف على "أجندة" أول جلسة تعقدها الحكومة اللبنانية، خرج رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بمواقف بدت لافتة، حمل فيها على المسؤولين اللبنانيين ما وصفه بـ"رماديتهم" في التعاطي مع هذا الملف الشائك والخطير.

ففي مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط"، اعتبر جعجع "أننا نتلهّى طوال الوقت بالحديث عن إسرائيل لكننا لا نقوم بما يجب علينا فعله"، كما فتح النار على المنطق القائل إن نزع سلاح "حزب الله" من دون موافقته قد يؤدي إلى حرب أهلية، وهو ما رفضه "جملة وتفصيلاً"، داعيًا إلى خطوات حاسمة تنطلق من مجلس الوزراء وتُترجم بقرار رسمي بحلّ كل التنظيمات المسلحة في البلاد ضمن مهلة زمنية محددة، مع تكليف الجيش اللبناني بتنفيذ هذا القرار.
 
برأي جعجع، ليس المطلوب من الجيش اللبناني القيام بحملة عسكرية على الضاحية الجنوبية، بل المطلوب أن تظهر الدولة "بعض الهيبة"، منطقٌ يعيد طرح السؤال القديم – الجديد حول ما تريده "القوات اللبنانية" عمليًا، فهل تدفع نحو مواجهة مباشرة مع "حزب الله"، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار الداخلي؟ وهل تمثّل هذه المواقف استراتيجية متكاملة للخروج من الأزمة، أم مجرد تسجيل موقف سياسي في ظل انسداد أفق التسويات؟

 
منطق "القوات".. هيبة الدولة أولاً
 
من الواضح أنّ جعجع لم يترك هامشًا للّبس في موقفه. فهو لا يطالب بحوار وطني جامع، ولا يسعى إلى صيغة توافقية لنزع سلاح "حزب الله"، بل يدعو إلى أن تأخذ المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها الحكومة والجيش، القرار بمعزل عن موافقة الحزب أو عدمها. ويقول صراحة: "المطلوب أن يجتمع مجلس الوزراء الآن، وأن يتخذ قرارًا بحل كل التنظيمات المسلحة العسكرية والأمنية في البلد، ويكلف الجيش بتنفيذ هذا القرار".
 
وبقدر ما يثير هذا الموقف "حفيظة" جمهور "حزب الله"، بقدر ما يعتبره المؤيدون له منسجمًا مع المبادئ والثوابت التي لطالما رفعتها "القوات"، وعلى رأسها الحرية والسيادة والاستقلال، إذ إنّ جعجع يعتبر أنّ السلاح يشكّل انتهاكًا واضحًا لسيادة الدولة، وأنّ الدولة بسلطاتها الدستورية مكتملة الأركان، ولذلك فإنّ عليها أن تعالجه، من دون أن تبحث عن ذرائع للتريث والمماطلة، من نوع الخوف من احتمال تفجّر الوضع الداخلي مثلاً.
 
وفقًا لهؤلاء، فإن المنطق "السيادي" لا يسمح بمثل هذه المقاربات، فهيبة الدولة تأتي أولاً، وبالتالي فإنّ على الحكومة، كما رئيس الجمهورية، التصرف من هذه البوابة، والإقلاع عن ممارسات العهود السابقة، وبالتالي لا ينبغي عليها "الوقوف على خاطر" الحزب في مسألة بهذه الحساسيّة، علمًا أنّ المنطق الذي ينطلق منه جعجع، يقوم أيضًا على أنّ السلاح ليس "نقطة قوة"، بدليل أنّه لم يخدمه في الحرب الأخيرة، والأهمّ أنّه لم يعد يخيف إسرائيل، بعد فقدان قدرة الردع.
 
استقواء أم قفز على الواقع؟
 
إذا كان هناك من يقرأ في كلام جعجع "واقعيّة سياسيّة"، باعتبار أنّه أصبح واضحًا أنّ سحب السلاح هو المدخَل للخروج من الأزمة القائمة، في ظلّ الموقف الحازم للمجتمع الدولي، فإنّ هناك من يعتبر أنّ مشكلته هي أنه يمثّل شكلًا من أشكال الاستقواء على الداخل، لا سيما حين يغيب عن مواقفه أي ذكر صريح للاعتداءات

الإسرائيلية المتكررة، إلا من باب القول إنّ العالم "يضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة، بينما لا نسمع كلمة واحدة عمّا تفعله في لبنان".
 
ويذهب بعض هؤلاء إلى القول إن "القوات" تتبنى حرفيًا الخطاب الغربي في ما يخص السلاح، حتى إنّه يضع نفسه في معرض "التخويف" من "صيف ساخن" في حال عدم تسليم السلاح، وهي سردية تتفاداها أميركا نفسها، بعدما حصر موفدها العواقب بـ"خيبة الأمل"، متجاهلاً بذلك الحيثية السياسية والاجتماعية التي يتمتع بها "حزب الله" في الداخل اللبناني على الأقلّ، إن صحّت الفرضية القائلة بأنّ نفوذه الإقليمي والخارجي قد تراجع إلى الحدّ الأدنى.
 
بهذا المعنى، يرى خصوم "القوات" أن أي محاولة لنزع سلاح "حزب الله" بالقوة، أو خارج توافق وطني شامل، ستكون مغامرة غير محسوبة، وقد تعيد البلاد إلى مربعات الانقسام الطائفي وربما الأمني. ويطرح هؤلاء تساؤلات من نوع: هل القرار الدولي 1701 يفرض نزع السلاح بالقوة أم بالحوار؟ هل الدولة التي تُطالَب بتنفيذ هذا القرار تملك الإمكانات الميدانية والسياسية لذلك؟ وهل من الواقعية تجاهل التأييد الشعبي الذي لا يزال الحزب يتمتع به في بيئته؟
 
بين من يعتبر أن "القوات اللبنانية" تمارس دورها الطبيعي في رفض ازدواجية السلاح، ومن يرى أنها تغامر باستقرار البلاد عبر خطاب تصادمي، يبقى الأكيد أن المسألة تتجاوز التصريحات، لتطال صلب الأزمة اللبنانية المزمنة: دولة عاجزة عن فرض سلطتها الكاملة، وحزب يمتلك قدرة عسكرية لا تخضع لها، وبيئة سياسية منقسمة بين الواقعية والمبدأ. هل يعني ذلك أنّ "القوات" تدفع حقًا نحو المواجهة؟ ربما، لكن الأهم من ذلك: هل يستطيع لبنان تحمل هذه المواجهة الآن، أم أن الوقت لا يزال وقت التهدئة ولو على حساب السيادة؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا