الصحافة

قانون الفجوة المالية... هنا تكمن العقدة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


من المرتقب أن تنتهي فرعية المال والموازنة من دراسة وإقرار كامل بنود قانون إصلاح المصارف قبل نهاية الشهر الجاري على أمل أن يأتي "يلي بعده" دور قانون الانتظام المالي الذي يحدّد الفجوة المالية ويوزّع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، وهي المسألة الأساس التي لا تزال حتى الساعة مدار جدل منذ اندلاع الأزمة المالية. هل يرى قانون سدّ الثغرة المالية النور ومعه تنطلق عجلة الإصلاح الفعلية؟

لا يمكن السير بقانون إصلاح المصارف فور صدوره حتى ولو تمّ إقراره، قبل إقرار قانون الانتظام المالي، وهذه نقطة جوهرية تندرج ضمن بنوده والتي تمّ التوافق عليها من جميع الأفرقاء. فالحكومة اللبنانية تريد السير بالقوانين الإصلاحية لإظهار رغبتها في السير على خطّ الإصلاحات وتلقّي دعم المجتمع الدولي من جهة، وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي وإعادة أموال المودعين.

وسط تلك المشهدية الضبابية التي نحاول فيها كسر "تابو" الفجوة المالية، يشدّد الباحث والخبير الاقتصادي محمود جباعي لـ "نداء الوطن" على أنّ "لبنان اليوم أمام مفصل مهمّ جدًا حول كيفية محاكاة المجتمع الدولي وتحسين صورته الاقتصادية والمالية والسياسية من أجل دخول مساعدات خارجية، والاتّفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج، وعودة الثقة بالاستثمارات الداخلية والخارجية".

وهذا الأمر بحسب جباعي "يحتّم على لبنان القيام بإصلاحات بغضّ النظر عن المطالب الدولية لا سيّما من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وحتى من ورقة الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توم برّاك التي تتضمّن إصلاحات سياسية واقتصادية ومالية. الحكومة قدّمت التعديلات على مشروع قانون السرية المصرفية وتمّ إقرارها في مجلس النواب، واليوم هناك قانون الإصلاح المالي الذي تصرّ الجهات الدولية والمجتمع المالي الدولي على إقراره أيضًا بأسرع وقت ممكن.

أضاف: "قدّمت الحكومة مشروعها إلى مجلس النواب، ولجنة المال والموازنة درست المشروع وأبدت عليه ملاحظات، وأعطت فرصة للمصارف التي تتّجه إلى التصفية من اللجوء إلى القضاء للطعن بالقرار. حتى أنّ القضاء له وجهة نظر إذ ليست الهيئة المختصة بالتصفية هي التي تتّخذ قرار الحسم وباتت هناك إمكانية اللجوء إلى القضاء وهذا أمر جيّد".

إلى ذلك، ألزمت لجنة المال والموازنة تنفيذ هذا القانون بمشروع قانون الفجوة المالية الذي يحدّد المسؤوليات والخسائر وحتى لو تمّ إقراره، إن تطبيقه مرتبط بقانون الفجوة المالية وتحديد المسؤوليات. فقانون الانتظام المالي ينصّ على قوانين إجرائية تعدّل وتحسّن، والعبرة في كيفية تقسيم المسؤوليات بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان.

وحول مصدر الأموال التي ستوفّر أو تستخدم لسدّ الفجوة المالية، يعتبر جباعي أن "الجهة التي لديها سيولة هي المصرف المركزي الذي يبلغ احتياطيه نحو 11 مليار دولار نقدًا وهي أموال المودعين، وهناك الذهب الذي يجب حفظه في صندوق والاستفادة منه، إذ لا نستطيع عدم استثمار أو تأجير الذهب ووضعه ضمن صندوق إعادة الودائع الذي يعالج الفجوة المالية".

وأكّد جباعي أن "قانون الانتظام المالي المتعلّق بالفجوة المالية وكيفية توزيع الخسائر أمره محسوم وسيقرّه مجلس النوّاب، مصرف لبنان سيقدّم رؤيته والحكومة رؤيتها والمصارف ستلتزم بمبالغ معيّّنة. علمًا أن مصرف لبنان يجب أن يعمل على إخراج لبنان من اللائحة الرمادية بمساعدة الوزارات ومكافحة الفساد".

الدولة والمصارف 

كلّ ذلك يساعدنا أمام المجتمع الدولي ويبيّن أننا نسعى لإيجاد الحلول لأزمتنا النظامية التي أدّت أسبابها السياسية إلى مشاكل مالية واقتصادية أثمرت بدورها أزمة نقدية. فالدولة كما يقول جباعي "لم تلتزم بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف (التي تنصّ على أن تتحمّل الدولة اللبنانية الخسائر التي قد تلحق بمصرف لبنان والتي كانت محور نقاش حول مسؤولية الدولة في تغطية العجز في ميزانية مصرف لبنان، خاصة في ظل الأزمة المالية التي يمرّ بها لبنان). كما أنّ "المصارف اللبنانية لم تراع المخاطر ولم تتوقف عن مدّ مصرف لبنان والدولة بالأموال".

من هنا، فإنّ مسألة تحديد المسؤوليات بين الأفرقاء الثلاثة لسدّ ثغرة الـ 70 مليار دولار تتطلّب التفكير مليًّا للوصول إلى حلّ لمعالجة الأزمة، ولا يمكن تحديد رقم للمسؤوليات الملقاة على عاتق كلّ من الأفرقاء الثلاثة.

وكانت هوّة تلك الفجوة تراكمت منذ إعلان حكومة حسّان دياب التخلّف عن سداد سندات اليوروبوند في آذار 2020، عندها تفاقمت الأزمة النقدية، في وقت كان للاحتجاجات الشعبية في تشرين الثاني 2019، التأثير الأوّلي على الليرة اللبنانية، حين وصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى نحو ألفي ليرة لبنانية، فبلغت قيمة الشيك المصرفي 80 % من قيمته الاسمية عند صرفه بالدولارات الـ "فريش".

وكان أدّى التخلّف عن السداد في آذار 2020 إلى انخفاض كبير في قيمة الليرة اللبنانية وتدهور قيمة الشيك المصرفي إلى 20 % أو أقلّ عند تحويله إلى دولارات "فريش". تحمّل المودع الذي يحمل الدولار أو الليرة الخسائر الناجمة عن التخلّف عن السداد. وقد بلغت كلفة التخلّف عن السداد وقتها نحو 20 مليار دولار تحمّلها المودعون، مع إضافة خسائر الكهرباء والدعم الذي أقرّته حكومة دياب، فارتفعت أرقام الخسائر إلى 70 مليار دولار.

الجدير ذكره أنّ الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة عارض قرار التخلّف عن السداد، وهذا كان موقف جمعية المصارف أيضًا، إلّا أن خطأ القرار السياسي بالتخلف عن السداد، لم تتحمّله السلطة السياسية، بل جرى تحميله إلى حاكم المصرف المركزي والمصارف وبالتالي المودع الذي احتجزت أمواله في البنوك وبات عاجزًا عن تلقّي الطبابة والاستشفاء والتعليم، ضاع جنى عمره خصوصًا الحسابات التي كانت مجمّدة وباللّيرة اللبنانية.

اليوم، وبعد 5 سنوات على التخبّط بالأزمات وعدم التوصّل إلى توافق حول كيفية توزيع الخسائر، إنّ تحميل الدولة الخسائر أمرٌ لا بدّ منه للتوصّل إلى حلّ شامل يرضي الجميع والأهم من كل ذلك بعدها إعادة أموال المودعين والتي ستلعب دورًا أساسيًا في إنجاح عهد الرئيس جوزاف عون.     

باتريسيا جلّاد
نداء الوطن

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا