الصحافة

“الحزب” يفضِّل الانتحار على الاستسلام

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

“الحزب” لن يستسلم ولو كان سيتكبّد هذه المرة خسائر يمكن أن تكون بالحجم الكارثي الذي أصابه في حرب الصيف الفائت.. وفيما يبدو لبنان الرسمي وكأنه يلعب تائهاً على حافة الهاوية في انتظار شيء ما لا يعرفه، فإنّ البلد يُدفع نحو خيارات ستكون مفصلية في تاريخه الحديث

كتب طوني عيسى لـ”هنا لبنان”:

بعد الرسالة الأميركية الحازمة، وفي انتظار عودة توم باراك، ليس أمام “حزب الله” وأركان الحكم سوى خيار واحد، وفي مدى أيام قليلة: التزام برنامج عملاني واضح لحصر السلاح بيد الدولة، قبل نهاية العام الجاري، على أن يكون التعهد مكتوباً هذه المرة، لضمان الصدقية، وأن يُرفق بتعهدات أخرى إصلاحية في الاقتصاد والمال والقضاء والإدارة. ولكن، من الواضح أنّ “الحزب” ما زال يقاتل بشراسة دفاعاً عن سلاحه، وأنه سيعطل أي خطة للمسّ به، وهو ما يضع البلد أمام 3 سيناريوهات:

1- أن تعلن الحكومة عجزها عن تقديم الخطة المطلوبة. وفي هذه الحال، ستكون العواقب وخيمة جداً: بدءاً بإطلاق يد إسرائيل في توسيع ضرباتها وربما انتشارها في مناطق أخرى في الجنوب، وصولاً إلى تشديد الولايات المتحدة عقوباتها على لبنان ودفعه إلى العزلة، ما قد يتسبب بانهيار مؤسساته، ويستتبع فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية. والخطير هنا هو تلويح باراك الأخير بأنّ تخلّف لبنان عن التزاماته بنزع السلاح سيقود إلى حرب أهلية، ويعرض الكيان اللبناني للذوبان في بوتقة بلاد الشام.

2- أن يواصل لبنان الرسمي نهج المناورة، هرباً من المواجهة المباشرة مع “حزب الله”، فيقدم إلى باراك خطة شكلية وغير قابلة للتنفيذ. وهذا السيناريو سيرفضه الأميركيون فوراً لأنهم جربوه طوال 6 أشهر مضت. ولكن، ولو وافق الأميركيون عليه، فإنّ الجانب اللبناني قد يربح بعض الوقت، لكنه سيفاقم المشكلة في المدى الطويل.

3- أن يقتنع “حزب الله” بتليين موقفه. وهذا مستبعد جداً في المدى القصير، ويتطلب تحقيقه ممارسة ضغوط داخلية وعربية ودولية هائلة على “الحزب” الذي يعتبر أنّ سلاحه جوهري في عقيدته واستراتيجيته. وفوق ذلك، واضح أن لا مصلحة لإيران في أن تتلاشى قوة “الحزب” في لبنان أو “حماس” في غزة أو الحوثيين في اليمن، خصوصاً بعدما خسرت سوريا كلياً ونهائياً، فتحولت بنظامها الجديد شوكة في خاصرة الهلال الشيعي الذي كان زاهراً لعقود عدة.

في الواقع، لم يعد هناك خيار واقعي وآمن لـ “حزب الله”، إلا أن يرضخ لمنطق الدولة كما رضخت له القوى الطائفية الأخرى ذات يوم. ولم يعد هناك مكان يحتمي به، ولا حليف استراتيجي قوي يعتمد عليه، فيما الضربات الإسرائيلية تُراكمُ خسائره يومياً بالمزيد من الكوادر والمدنيين من أبناء بيئته.

ثمة من يقول إنّ الكلمة الأساس ليست موجودة عند “الحزب” حصراً، بل هي عند “الرأس”، أي إيران التي لا تريد خسارة أوراقها الإقليمية، أي “حزب الله” و”حماس” والحوثيين وقوى أخرى. وسواء كانت في حال الحرب أو المفاوضات، فإنها تحتاج إلى هذه الأوراق للمساومة، ولو أنها تضررت وضعفت كثيراً في حروب العامين الأخيرين.

وهكذا، يلوح الخيار الأسوأ. فـ”حزب الله” لن يستسلم ولو كان سيتكبّد هذه المرة خسائر يمكن أن تكون بالحجم الكارثي الذي أصابه في حرب الصيف الفائت. ففي هذه الحرب، كان “الحزب” يعتقد أنه يستطيع المناورة طويلاً في اشتباكات مضبوطة في النطاق المحاذي للحدود الجنوبية، فيقدم الدعم الممكن للحليف في غزة، بقيادة “الرأس” في طهران. وربما قيل لـ”الحزب” أن يتجرأ ويمضي في “حرب الاستنزاف”، لأنّ إسرائيل لا تتحمل في هذه الظروف توسيع الحرب لحسابات داخلية وإقليمية ودولية. لكن ما حدث كان صادماً له، وكانت الهجمة الإسرائيلية على قيادته وكوادره ومواقعه ومستودعات صواريخه ومسيراته صاعقة وهائلة. وأما حجم التدمير الذي تعرضت له مناطق “الحزب” في الجنوب والبقاع والضاحية والجبل فكان غير مسبوق. ولذلك، انقلب “الحزب” سريعاً من الإصرار على حرب المساندة بأي ثمن إلى طلب وقف النار بأي ثمن، أي أنه وافق على نزع سلاحه، وعلى السماح لإسرائيل بمواصلة ضرباتها في لبنان كما تشاء، وساعة تشاء، وحيث تشاء.

اليوم، هناك فرصة مشابهة أمام “الحزب”، للخروج من النفق. وثمة خيارات عدة متاحة، لكنها كلها مكلفة. فإما أن تنجح القيادات اللبنانية عاجلاً في إيجاد صيغة لحل مسألة السلاح، وإما أن تواجه عواقب وخيمة قد تشمل تفكك الدولة، وربما الكيان وفق تهديدات باراك. فاحتمالات الانفجار تتزايد، سواء كانت في شكل حرب إسرائيلية جديدة أو اضطرابات أهلية. وفيما يبدو لبنان الرسمي وكأنه يلعب تائهاً على حافة الهاوية في انتظار شيء ما لا يعرفه، فإنّ البلد يُدفع نحو خيارات ستكون مفصلية في تاريخه الحديث.

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا