صمت تامّ لـ"السياديّين" أمام تهديدات برّاك
قبلَ أيام خرج المبعوث الأميركي توماس برّاك لـ«يبشّر» اللبنانيين بأن بلادهم ستصبِح مُلحقة بدولة أخرى، وأن ذلك سيكون خياراً وحيداً للردّ على فشل الدولة وأدوات المشروع الأميركي في مواجهة سلاح حزب الله.
وفي كلامه، حاول برّاك الإشارة إلى أن إدارته ليست عاجزة، بل هي قادرة على اجتراح حلول خارج أي سياق متوقّع حتى لو كانَ على حساب «حلفائها»، موغلاً في التحذير من المخاطر الوجودية التي ستترتّب على لبنان في حال تخلّف عن الركب وانضم إلى صفوف الملتحقين بالتغييرات.
ولا ينفع هنا، مع برّاك تحديداً، تأويل ما قاله ولا التخفيف منه ولا إدخاله في سياق التصريحات غير المدروسة، أو غير المرضيّ عنها أميركياً، حتى بعدَ التوضيح الذي أصدره.
فبرّاك يعني الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا ينقل إلا ما يفكّر به الأخير، حتى لو كانَ سيناريوهات مجنونة كتلك التي يرسمها لغزة، والرجل الذي تربطه علاقة صداقة قوية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان معروف عنه أنه لا يخضع لمراجعة أو مُساءلة، وليس بحاجة أن يعود إلى وزارة الخارجية ولا إلى سفارة، بل ينقل مباشرة من لسان ترامب إلى مسامع من يعنيهم الأمر.
إلا أن المفارقة والصدمة، كانتا في الصمت المدوّي أمام تصريحاته من قبل الدولة اللبنانية ورموز «السيادة» فضلاً عن رؤساء أحزاب وتيارات «سيادية» لم يصدر عنهم موقف بحجم خطورة ما قاله برّاك، لا بل إن البعض كقائد «القوات» سمير جعجع، حمّل الدولة المسؤولية.
أما المفارقة الأكبر، فكانت في غياب أي موقف على لسان المرجعيات الروحية المسيحية التي لم تتطرّق لا من قريب ولا من بعيد في عظات الأحد إلى كلام برّاك، إذ اكتفى البطريرك بشارة الراعي بالحديث عن «أهمية العائلة وسط الضغوطات التي تحاصر الوطن»، فيما تناول متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة موضوع «الدولة والدستور». ونقل زوار الراعي عنه أنه «كان مستمعاً» عندما أُثير الأمر أمامه!
وعلمت «الأخبار» أن الدولة اللبنانية لن تصدر أي موقف وأنها اكتفت بتوضيح برّاك، بعد اتصالات حصلت مع السفارة، قال فيه إن «تصريحاته الأخيرة بشأن سوريا فُهمت خطأ»، موضحاً أنها «لم تكن تهديداً للبنان»، بل جاءت في سياق الإشادة بـ«الخطوات المثيرة للإعجاب» التي تتخذها دمشق.
وكتب برّاك على منصة «إكس»: «تصريحاتي كانت إشادة بالتقدّم اللافت الذي تحققه سوريا، وليست تهديداً للبنان»، مضيفاً: «أشرت إلى واقع أن سوريا تتحرك بسرعة فائقة لاغتنام الفرصة التاريخية التي أتاحها الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات».
في المقابل، ردّ حزب الله على تصريحات برّاك، على لسان النائب إبراهيم الموسوي الذي اعتبر أن «التصريحات التي لمّح فيها إلى إعادة لبنان إلى ما سمّاه بلاد الشام التاريخية، تنمّ عن نوايا خطيرة، وتكشف بوضوح عن معالم المشروع الأميركي - الصهيوني المرسوم للمنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً.
لكن ما فات هذا المبعوث - أو لعلّه يجهله - هو حقيقة لبنان، أنّه بلد لا يرضخ للتهديد، ولا يساوم على سيادته، بل هو بلد المقاومة والعزة والصمود، الذي روى أرضه بدماء أبنائه الشهداء صوناً لكرامته وسيادته، وأنّ لبنان لن يكون يوماً خاضعاً للإملاءات الأميركية أو راضخاً للتهديدات الإسرائيلية أو تابعاً لأيّ دولة خارجية، أو ملحقاً بها».
وطالب الموسوي بردّ حازم وقوي من الدولة اللبنانية، إذ إن «هذه التصريحات الاستعلائية لا يجب أن تمر».
التيار: لا تهدّدونا بتكرار تجارب لم تنجح
أكّدت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر «أننا نريد أفضل العلاقات مع سوريا أياً يكن نظامها، لكننا سنتصدى، كما فعلنا سابقاً، في أي يوم تحاول فيه سوريا وضع يدها على أي حبة تراب من لبنان». ودعت إلى «ألّا يهددنا أحد بتكرار تجارب لم تنجح». واعتبرت أن التهديد بضم لبنان إلى سوريا «لا لزوم له ولا يفيد ولا يساعد على الحلول في لبنان. نريد السلاح ورقة بيد الدولة لتستفيد منه في حماية مواردها، لكنّ التهديد بقوى خارجية يُشعِر بعض الداخل بأنّك تقول له سلّم سلاحك لأقتلك». وانتقدت المصادر «منتحلي صفة السياديين الجدد» الذين «يحرّضون على حرب أهلية ولا يبحثون عن حل للمشكلة».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|