يوم “المُحاسبة”: لا حلفاء للحكومة!
يفتَح الرئيس نبيه برّي باب مساءلة الحكومة على مصراعيه غداً الثلاثاء، في جلسة الاستجواب الأولى لحكومة نوّاف سلام منذ تأليفها في 8 شباط الماضي. فيما كان يفترض أن تَشهد الحكومة نفسها “جولات مصارعة” حول ملفّ السلاح، انتقل “الماتش” إلى ساحة النجمة بدفع من الرئيس نبيه برّي، وتشجيع من رئيس الجمهورية جوزف عون.
في الفترة الماضية، توالت الطلبات النيابية للدعوة إلى جلسة لمساءلة الحكومة. وفق معلومات “أساس” تمّ أخذ القرار بعد تنسيق رئاسي ثلاثي، عقب جولات من “التنسيق البنّاء”، كما وصفته مصادر رئاسية، في شأن إعداد الورقة اللبنانية التي تسلّمها الموفد الأميركي توم بارّاك.
سينسحب هذا الأمر على التنسيق الرئاسي المشترك المرتبط بردّ الحكومة على أسئلة النوّاب ومداخلاتهم، بشأن ورقتَي توم بارّاك وردّ لبنان، على حدّ سواء، لا سيّما أنّ عدداً من الوزراء والنوّاب يتصرّفون على قاعدة أنّهم “كالأطرش في الزفّة”، ويحتاجون إلى توضيحات من الحكومة والرئاسة الأولى.
يقول أمين سرّ مجلس النوّاب النائب آلان عون لـ”أساس”: “الاستجواب هو مسار روتينيّ بعد كلّ ثلاث جلسات تشريعية، وعلى الرغم من أنّ هذا الموضوع لم يكن يحصل في السابق، إلّا أنّ هناك محاولة لإعادة الانتظام إلى هذه الجلسات”.
لناحية التوقيت، يؤكّد عون أنّ “تحديد الجلسة أتى بعد تشاور بين رئيسَي مجلس النوّاب ومجلس الوزراء في اجتماعهما الأخير في عين التينة، وقد يكون الهدف منه استيعاب الانتقادات الكبيرة التي تتّصل بعدم إشراك القوى السياسية في النقاشات المصيرية التي تجري حاليّاً في البلاد. وستكون تلك الجلسة بمنزلة مناقشة عامّة لسياسة الحكومة، بما فيها طبعاً الورقة التي قُدّمت للموفد الأميركي توم بارّاك التي أثارت جدلاً كبيراً، حيث سيتاح للكتل النيابية مساءلة الحكومة، ويتوجّب في المقابل على الحكومة أن تردّ على أسئلة النوّاب واستيضاحاتهم”.
“الحزب” و”القوّات”
فيما ستنصبّ الأنظار على مداخلات نوّاب “الثنائي الشيعي”، أوّلاً لأنّ الرئيس برّي أذِنَ بمساءلة الحكومة، فيما كان بإمكانه أن يغضّ النظر كما كان يحصل سابقاً، وثانياً لأنّ “رأس الحزب” موضوع اليوم على طاولة القرار السياسي الموصول بـ”تعليمات” الخارج، يبدو أنّ “القوّات” ستتقدّم كلّ القوى السياسية في “تغسيل” الحكومة بسبب تقصيرها، برأيها، في ملفّات السلاح والإصلاحات والتعيينات، والنازحين السوريين، وتسليم السلاح الفلسطيني.
قدّمت نقاشات مجلس الوزراء بين وزراء “القوّات” ورئيسَي الجمهورية والحكومة، ومواقف “القوّات” ورئيسها، “عيّنات” من عدم رضى معراب عن الأداء الحكومي والرئاسي. وسبق لمسؤول الإعلام في “القوّات” شارل جبّور أن مهّد لسقف معراب العالي حين توجّه إلى أركان السلطة قائلاً: “إذا كانت الدولة لاعتبارات مجهولة تتهيّب ممارسة دورها في بسط سيادتها، فعليها أن لا تكون غطاء للفريق الذي دمّر لبنان وقتل شعبه”.
هكذا ستذهب جلسة المواجهة إلى مساءلة العهد نفسه، لجهة إعلان رفض “القوات” الانغماس في حكم “الترويكا”، والتواطؤ بموضوع تسليم السلاح بذريعة الحرب الأهليّة.
“التّيّار”: 36 سؤالاً للحكومة
من جهته، يستعدّ “التيّار الوطني الحرّ” أيضاً لجلسة كباش مع الحكومة من خلال إعادة تسليط الضوء على 36 سؤالاً كان قد وجّهها إلى الحكومة ولم يلقَ جواباً عليها.
يقول نائب التيّار جيمي جبّور لـ”أساس”: “الفترة الماضية كانت بمنزلة فترة سماح للحكومة، لكن بعد ستّة أشهر من بدء مهامّها يمكن فعليّاً القول إنّها لم تفعل شيئاً، وبات بإمكان جميع القوى السياسية البدء بمحاسبتها. فماذا يمكن أن تفعل الحكومة بعد في المدّة الباقية الفاصلة عن الانتخابات النيابية؟”.
ثمّة نقطة أساسيّة قد يتطرّق إليها “التيّار” في مساءلته الحكومة. يوضح جبّور: “تثبت تجربة الوزراء التكنوقراط مرّة أخرى فشلها، وقد تكون من الأسباب التي أدّت إلى ما وصلت إليه الأمور لجهة تجويف العمل الحكومي. فما قيمة مجلس الوزراء حين يتمّ تعيين وزراء من غير أصحاب القرار، أو أصحاب رأي سياسيّ. هذه الحكومة وُلِدت معطوبة، وكلّ يوم يمرّ يُثبِت ذلك”.
حتّى الآن، يرى “التيّار” أنّ السقف العالي لـ”القوّات” ضدّ الحكومة “لا يزال ضمن السياق الاستعراضيّ الإعلاميّ، وإذا كانت هناك جدّية في الموقف فعلاً فليقاطعوا الحكومة ثمّ ينسحبوا منها”.
في السياق نفسه، ستعكس كلمات النوّاب السُّنّة في الجلسة مدى جدّيّة التسريبات التي تحدّثت عن استياء كبير، شمل دار الفتوى، في شأن تفريط الرئيس نوّاف سلام بصلاحيّات رئاسة الحكومة، وبعدم الحفاظ على مكتسبات السنّة، وبأنّه لم يتمكّن من التموضع في صلب القرار السياسي والأمنيّ، وبأنّ بعض التعيينات السنّيّة فُرضت عليه مرّات من رئاسة الجمهورية ودائماً من فؤاد السنيورة ولم تراعِ هواجس الطائفة وتوازناتها.
يوم المحاسبة
في يوم “المحاسبة” تبدو الحكومة من دون حلفاء حقيقيّين، لا سيّما أنّها عجزت عن إسكات منتقديها بسبب عدم تقديمها أيّ خطوة ملموسة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي اللذين يمسّان مباشرة معاناة اللبنانيين، إلّا إذا اعتُبرت التعيينات إنجازاً، فيما هي أقلّ الواجب. وقد علم “أساس” أنّه بقرار من الرئيس برّي لن يتمّ نقل وقائع الجلسة مباشرة على الهواء، كما كان يحصل عادة، لأنّها ستشكّل منصّة لمزايدات انتخابيّة و”نشر غسيل” ليس وقتهما، مع علمه بأنّه سيتمّ تجديد الثقة بالحكومة، “بشقّ النفس”، ولن تُحجب عنها.
رفع الحصانة عن بوشيكيان
على خطّ موازٍ، يخوض مجلس النوّاب استحقاقاً حسّاساً في لحظة مفصليّة مع طلب رفع الحصانة عن النائب والوزير السابق جورج بوشيكيان على بعد نحو عشرة أشهر من الانتخابات النيابية.
في هذا السياق، يقول النائب عون: “في ما يخصّ اللجنة المُصغّرة المنبثقة عن اجتماع هيئة المكتب ولجنة الإدارة والعدل، فقد شُكّلت هذه اللجنة كي تُعدّ تقريراً عن طلب رفع الحصانة عن النائب بوشيكيان، بناءً على طلب وزير العدل والنيابة العامّة التمييزية، ثمّ سيُرفع التقرير إلى الهيئة العامّة لبتّ رفع الحصانة”، مشيراً إلى أنّ “لدينا وفقاً للنظام الداخلي مهلة حدّها الأقصى أسبوعان لإنجاز هذا التقرير، علماً أنّنا سننجزه خلال أيّام قليلة، ولن نحتاج إلى كامل هذه المهلة”.
يُذكر أنّه عند بدء نقاش طلب رفع الحصانة يستمرّ مجلس النوّاب في الجلسات حتّى بتّه نهائيّاً. ويُتّخذ القرار وفق المادّة 34 من الدستور بالأكثرية النسبيّة، أي أكثريّة النواب الحاضرين.
هنا تطرح جهات نيابية تساؤلات عن مدى احتمال ذهاب الرئيس برّي بعيداً في تمهيد الطريق نحو رفع الحصانة، أو ربّما الضغط في سياق عدم توافر دوافع صلبة للملاحقة، وذلك خوفاً من تدشين مسار طلب رفع الحصانة عن نوّاب آخرين، أو بسبب المهلة الزمنية القصيرة الفاصلة عن الانتخابات النيابية.
لكنّ المعطيات تشير إلى أنّ تشكيل اللجنة المؤلّفة من النوّاب جورج عدوان وآلان عون ومروان حمادة لرفع تقريرها إلى الهيئة العامّة يُظهِر بحدّ ذاته المنحى الجدّي لهيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل نحو استكمال الخطوة ببتّ الملفّ في مجلس النوّاب باتّجاه رفع الحصانة، لا سيّما أنّ المعطيات القضائية تتحدّث عن أدلّة دامغة تدين وزير الصناعة السابق.
ملاك عقيل - اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|