"مسًّا خطيرًا باستقلالية السلطة القضائية"... نادي القضاة يحذّر!
DNA لبنانيّ لبارّاك ولقاح إيرانيّ لـ”الحزب”
حين أثار أحد كبار المسؤولين اللبنانيين ارتباط قرار “الحزب” تسليم سلاحه للدولة بقرار إيران ومفاوضاتها مع الولايات المتّحدة، أجابه توم بارّاك بالقول: “لا تربطوا هذا الأمر بعلاقة إيران بأميركا”… هذا ما أبلغه واحد من الرؤساء الثلاثة لـ”أساس”. كرّر بارّاك النصيحة التي سبق لسلفه مورغان أورتاغوس أن أسدتها بعدم رهن سحب سلاح “الحزب” بالتفاوض الأميركي الإيراني على النوويّ. كان ذلك قبل اندلاع المواجهة بين إسرائيل وإيران في 13 حزيران الماضي. ها هو بارّاك يكرّرها بعد الحرب التي شاركت فيها واشنطن بقصف الـB2 للمواقع النووية الثلاثة الثلاثة.
عندما سُئل بارّاك في حديثه مع محطّة “إل بي سي” عما إذا كان القادة اللبنانيون منخرطين حقّاً في البحث معه (في سحب سلاح “الحزب” وسائر الميليشيات)، أم يشترون الوقت فقط، أجاب: “كلاهما. الثقافة السياسية اللبنانية هي الإنكار، ثمّ الالتفاف، ثمّ التملّص. يجب أن تتغيّر”.
انتظار الرّدّ الأميركيّ
ينتظر الجانب اللبناني الردّ الأميركي، مع عودة موفد البيت الأبيض بعد أسبوعين، على الردّ اللبناني على ورقة بارّاك التي سلّمها للرؤساء في زيارته الأولى في 19 حزيران الماضي. وبسبب الخشية من “التملّص”، حين يعود، استخدم “الحمض النووي اللبناني” كما قال عن نفسه، لمبادلة الغموض الرسمي اللبناني بتصريحات حمّالة أوجه.
لم يغفل عن التنبيه بطريقة لبقة إلى أنّ رئيسه دونالد ترامب يفتقر إلى الصبر. فالجميع يذكر كيف أنّه أمهل إيران 60 يوماً وفي اليوم الـ61 انقضّت طائراته الحربية على منشآتها النووية. استبدل التهديدات ومطلب الجداول الزمنية لتنفيذ المطلوب بحديث عن “الفرص” التي على لبنان التقاطها. ومع أنّه فسّر سبب امتداحه رؤساء الجمهورية العماد جوزف عون والبرلمان نبيه برّي والحكومة نوّاف سلام بـ”إنجاز” عدم تسريب الردّ الذي سلّموه إيّاه، فإنّ اغتباطه بهم يعود إلى أنّ برّي، حليف “الحزب”، خالف الجواب العلنيّ للشيخ نعيم قاسم وشارك عون وسلام أفكار الردّ اللبناني.
البازار و”الحزب”… لا تصوّر لبنانيّاً
بدبلوماسيته اعتبر بارّاك رفض الأمين العامّ لـ”الحزب” تسليم السلاح، “جزءاً من التفاوض اللبناني… نحن في البازار”. لكنّه على الرغم من نفيه أيّ “إملاءات” أو مهلة، أكّد الحاجة إلى أن “نضع إطاراً زمنيّاً”. هو إطار يرتكز على “خطوات متلازمة” وردت في ورقة بارّاك وفق قاعدة خطوة لسحب السلاح الثقيل من “الحزب”، مقابل خطوة من جانب إسرائيل حيال جزء من المطالب اللبنانية: الانسحاب من التلال الخمسة، الإفراج عن الأسرى ووقف الاعتداءات.
الحزب
لكنّ أركان الدولة عالقون بين الجموح الإسرائيلي لمواصلة انتهاكات اتّفاق وقف الأعمال العدائية من دون رادع، وبين تعقيدات ربط “الحزب” تسليم سلاحه بطهران، وهواجسه إزاء موقع الطائفة الشيعية في التركيبة الداخلية. من الاستكشاف الأوّلي لما ينويه الجانب اللبناني حين يعود إليه بارّاك، لا يبدو أنّ لدى أيّ منهم أفكاراً جاهزة للإطار الزمنيّ.
أسئلة عن برّي و”الحزب” و”اللّقاح الإيرانيّ”
هناك أسئلة من نوع: هل الرئيس برّي قادر على إقناع “الحزب” بخطوات أوّلية لتسليم جزء من السلاح؟ وهل اشتراك برّي في صياغة الردّ اللبناني الذي أُعجب به بارّاك قبل أن يقرأه، يعني أنّه سيواصل التمايز عن “الحزب” عند مقاربة الخطوات العمليّة المطلوبة من لبنان، مقابل الخطوات التي يأمل لبنان إلزام إسرائيل بها؟
تتفرّع عن هذه الأسئلة أخرى: هل أعطت إيران، أو تعطي، هامشاً من الحرّية والاستقلالية لـ”الحزب” كي يستجيب لخطوات توفّر عليه وعلى لبنان اندفاعة إسرائيلية دموية وتدميرية جديدة؟ وهل تتساهل طهران في لعب ورقة السلاح في لبنان بموازاة إعلان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان استعداد بلاده للعودة إلى المفاوضات مع أميركا؟ وهل قيادة “الحزب” قادرة على تجاوز الشعور بالمرارة نتيجة الخسارة التي تكبّدتها في حربَي “إسناد غزّة” و”أولي البأس”. تلك المرارة التي تتحكّم بها قاعدة الشيخ نعيم قاسم القائلة: “نحن قوم لا ننام على ضيم”؟
إذا كان الحمض النووي اللبناني لبارّاك ساعد على تمديد البحث الأميركي مع لبنان حول السلاح، فإنّ “اللقاح الإيراني” لـ”الحزب” الذي رأى أنّه مشكلة لبنانية، له دور في تصوّره لموقعه في بازار التفاوض.
سعى باراك إلى تحفيز الجانب اللبناني كي يقدم على خطوات ملموسة عبر دعوته إلى الالتحاق بقطار التغييرات في المنطقة. ومع أنّه لم يحدّد بوضوح قصده من هذه التغييرات، فهم البعض ذلك بطريقة قاصرة. اعتبر هؤلاء أنّ المطلوب أن يذهب لبنان إلى ما يُشاع عن تطبيع سوريّ مع إسرائيل، فيما دمشق تتريّث حيال ما هو معروض عليها لأسباب كثيرة. ثمّ إنّ أيّاً من الرؤساء الثلاثة ليس مستعدّاً للذهاب إلى هذا القدر من التنازلات والرئيس الشرع أيضاً، على الرغم من الاتّهامات المملّة التي يكيلها إعلام إيران و”الحزب” وجيشه الإلكتروني لنوّاف سلام بأنّه عميل لإسرائيل وللرئيس برّي بأنّه يتنازل مجّاناً بالتفاوض. فمن المؤكّد أن ليس لديهما ولدى عون استعدادٌ لقبول الشروط الإسرائيلية.
وقائع إنهاء أدوار “اللّاعبين غير الحكوميّين”
ما لم يقُله بارّاك عن التغييرات الإقليمية التي على لبنان الالتفات إليها، تعلنه الوقائع القريبة. العنوان الرئيسي لهذه الوقائع هو إنهاء أدوار من يسمّيهم المجتمع الدولي “اللاعبين غير الحكوميين”، أي الميليشيات المسلّحة المستقلّة عن الدولة (non state actors ).
في دمشق انتقد بارّاك قوات “قسد” الحليفة لواشنطن، لأنّها تقاوم تطبيق اتّفاق قائدها مظلوم عبدي مع الرئيس السوري أحمد الشرع على دمج هذه القوّات في الجيش السوري. في تركيا أصدر عبدالله أوجلان مجدّداً بيانه القاضي بانتهاء الصراع المسلّح مع الحكم التركي. ولهذا ترتيبات تشمل الحدود التركيّة السوريّة والتركية العراقيّة.
في العراق يزداد الضغط على الميليشيات الولائيّة كي تسلّم السلاح، بانضمام مقتدى الصدر إلى المطلب، بعد دعوة المرجع السيّد علي السيستاني إلى حصر السلاح بالدولة قبل أشهر. في غزّة تحوّل إنهاء دور “حماس” ركناً أساسيّاً من أيّ وقف للحرب. وفي اليمن يتبلور تحالف دولي لإنهاء تمادي الحوثيّين بتهديد الملاحة الدولية وخطف القرار.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|