قائد الأركان الفرنسي يحذّر من روسيا ومن انهيار استراتيجي في الشرق الأوسط
قدم رئيس أركان الجيوش الفرنسية، الجنرال تييري بوركار، اليوم الجمعة، خطابا نعته مراقبون بالنادر، فيما وصفته الرئاسة الفرنسية بأنه "لحظة تحوّل غير مسبوقة"، ورسم بوركار من خلاله ملامح بيئة استراتيجية "مضطربة" تواجهها فرنسا، بدءاً من التجسس والحروب المعلوماتية، مروراً بتفكيك التوازنات في الشرق الأوسط، ووصولاً إلى "التهديد الروسي المتعاظم تجاه الدول الأوروبية عموماً"، وفرنسا بشكل خاص، حيث قال إن "الكرملين جعل من فرنسا هدفاً ذا أولوية".
ويأتي الخطاب، الذي سبق مؤتمراً صحافياً غير معتاد لرئيس الأركان، قبل يومين من كلمة مرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون أمام القوات المسلحة، يتوقع أن تتضمن "إعلانات كبرى" في سياق التحول الدفاعي الكبير الذي تخطط له الدولة الفرنسية، بحسب مصادر في الرئاسة الفرنسية.
التهديد الروسي.. والتفكك الاستراتيجي العالمي
وأعطى الجنرال بوركار حيزاً واسعاً من خطابه للحديث عن روسيا، واصفاً إياها بـ"التهديد الأقرب والدائم والأكثر تعقيداً"، مشيراً إلى أنها "قوة حقيقية، تقليدية ونووية، ولديها نموذج لجيش متكامل حتى أطراف أظافره"، وجعلت من فرنسا "هدفاً ذا أولوية".
كما أكد أن موسكو تخوض ضد فرنسا "حرباً هجينة" تشمل الهجمات السيبرانية، الحملات الإعلامية التضليلية، واستخدام عملاء بالوكالة داخل الأراضي الفرنسية، مشيراً إلى حوادث رمزية "كوضع النعوش أمام برج إيفل، ورسم نجمة داوود على الجدران من قبل مواطنين مولدافيين تم القبض عليهم، وشائعات حشرات بق الفراش" خلال الاستعدادات للألعاب الأولمبية.
الجنرال لم يكتف بذلك، بل أشار إلى التهديدات الروسية في الفضاء من خلال عسكرة المدار عبر أقمار صناعية متخصصة، فضلاً عن وجود غواصات روسية تمثل "مؤشراً مقلقاً". وقال "الهدف الاستراتيجي لفلاديمير بوتين هو إضعاف أوروبا وتفكيك حلف الناتو".
وبينما قلّل بوركار من احتمال انسحاب أميركي كامل من أوروبا، أصر على ضرورة أن تطوّر الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، قدراتها الدفاعية باستقلالية.
انهيار استراتيجي في الشرق الأوسط
أما على المستوى العالمي، فقد أشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد "انهياراً استراتيجياً في موازين القوى منذ السابع من أكتوبر"، معتبراً أنه من "الصعب تصور مخارج للأزمة في المدى المنظور". كما تحدث عن "تطبيع متزايد مع العنف"، منتقداً التراخي الدولي مع "تصعيدات دموية، مثل إطلاق 300 صاروخ بين دول، لمجرد أن غالبيتها تم اعتراضها". وتساءل "هل كنا، قبل خمس سنوات، سنعتبر من الطبيعي أن تطلق دولة ما 300 صاروخ على دولة أخرى، وأن يُقال إن الأمر ليس خطيراً جداً لأن 95% منها قد تم اعتراضه؟"، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران.
زيادة الميزانية وخطاب ماكرون المرتقب
ويتزامن الخطاب العسكري لرئيس الأركان مع دينامية سياسية واضحة تقودها الرئاسة الفرنسية. فقد أعلن قصر الإليزيه أن خطاب ماكرون المنتظر أمام الجيوش، في 13 يوليو الحالي، سيستند إلى نتائج "المراجعة الوطنية الاستراتيجية" التي تم العمل عليها منذ يناير الماضي، والتي حذّرت من تفاقم التهديدات الروسية، وانهيار الشراكات القديمة، وتحرّر العديد من القوى من القيود التقليدية في استخدام القوة.
وتُعدّ فرنسا جزءاً من ديناميكية دولية تسير نحو إعادة التسلّح، إذ وافقت دول الناتو الشهر الماضي على تخصيص 5% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع والأمن بحلول 2035، منها 3.5% للإنفاق العسكري المباشر، و1.5% لحماية البنى التحتية والشبكات الحيوية. كما أجرت تدريبات ومناورات عسكرية بالتزامن مع المواجهة بين إسرائيل وإيران، شاركت فيها إلى جانب بولندا وإيرلندا. وعن هذه التدريبات كان الكولونيل كليمان، قائد فوج المشاة 92 في القوات البرية الفرنسية، قد قال لـ"العربية"، إن "هذا التدريب يجري لأكثر من وحدة وسط فرنسا"، والهدف منه "محاكاة معركة عالية الشدة ضد عدو يملك المهارات والقدرات التي نملكها ما يسمح لنا باختبار كل السيناريوهات المحتملة".
وكانت فرنسا قد أقرت قانون برمجة عسكرية جديد بقيمة 413 مليار يورو للفترة بين 2024 و2030، مع زيادات سنوية بمعدل 3 مليارات يورو. وبحسب الإليزيه، فإن خطاب ماكرون القادم سيكون "مهيكلاً لمستقبل جيوشنا"، في ظل قناعة متزايدة بأن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|