من سيبقى في لبنان: إسرائيل، إيران، أم ؟؟؟
تتزامن العمليات الإسرائيلية الهادفة لتدمير مواقع ومنشآت “الحزب” في الجنوب مع تردد معلومات حول توجه أميركي- إسرائيلي- أوروبي لترتيب إتفاقية سلام ثلاثية تضم سوريا وإسرائيل ولبنان لضمان إستقرار المثلث الحدودي للدول الثلاث، والذي يشمل القطاع الشرقي من جنوب لبنان. فمن سيبقى في لبنان: إسرائيل، إيران أم سوريا؟
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
عندما ينتقل الجهد الدبلوماسي من الترويج المنمّق لاقتراح إلى التجاهل المطلق لطرح بعض مفاصله الرئيسية على النقاش فهذا يعني أنّ المحاور دخل حقبة تحذير الطرف الآخر من إنعكاسات سلبية تطاله إذا لم يتجاوب مع الرغبة في التوصل إلى صيغة حاسمة لحل نزاع، وهو ما اعتمده الموفد الأميركي توم باراك في طرح مقاربته لأزمة لبنان.
باراك أبلغ اللبنانيين عموماً في مقابلة صحافية أن “لا أحد سيبقى يفاوض مع لبنان حتى العام المقبل (الرئيس دونالد) ترامب يتمتع بشجاعة مذهلة وتركيز مذهل لكن ما ليس لديه هو الصبر.”
بذلك يكون باراك قد كشف للرأي العام اللبناني أنّ صيغة التسوية التي تسلّمها من الرؤساء عون وبري وسلام، والتي بقيت سرية ولم يتبلغ بها حتى وزراء الحكومة اللبنانية، لا تفي بالمطلوب، محلياً وإقليمياً ودولياً، ليُعمل بموجبها.
كما يُفهم من كلام باراك أنّ حزب الله يماطل في موضوع تسليم سلاحه الذي يريد الإحتفاظ به إلى ما بعد الإنتخابات النيابية في شهر أيار من العام المقبل لأنّ وجود السلاح يحول دون حرية ترشح القوى، الشيعية وغير الشيعية، التي تعارض الحزب.
وفي السياق بدا واضحاً أنّ المعضلة التي تواجه منظومة الترويكا الحاكمة تتلخص في أنها تنتظر موافقة حزب الله على صيغة معينة لنقلها إلى الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية المعنية بالمسألة اللبنانية (أميركا-فرنسا-السعودية-قطر-مصر) ما يجعلها ناقلة لقرار بدلاً من أن تكون صاحبة القرار المتعلق بشأن سيادي كخطة لتسليم سلاح الحزب مقرونة بأجندة زمنية وتحقيق إصلاحات مالية متعلقة بالقطاع المصرفي وحظر مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله والمتهمة بتبييض الأموال والتهرب الضريبي إضافة إلى مستقبل تواجد قوة اليونيفل وحرية حركتها كونها تتعرض لإعتداءات شبه يومية من أنصار الحزب مضافاً إلى هذه العناوين مسألة ترسيم الحدود الإسرائيلية-اللبنانية والسورية-اللبنانة في ضوء علاقة لبنان بالسلطة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع والتي تحظى بدعم عربي ودولي وتركي ما يزعج إيران وأذرعها.
وفي السياق نفذت وحدات عسكرية إسرائيلية من قوات الإحتياط أربع عمليات إنزال في جنوب لبنان ودمرت ما قال بلاغ عسكري إنه “بنى تحتية تابعة لحزب الله في عدة مناطق بجنوب لبنان …لمنع حزب الله من إعادة تمركزه في المنطقة”.
وتابع، “وفي إحدى العمليات في منطقة جبل البلاط، عثرت قوات من اللواء 300 على مجمّع يحتوي على مستودعات أسلحة ومواقع إطلاق نار تابعة لحزب الله، وقام جنود الاحتياط بتفكيك البنية التحتية”.
وأضاف البيان، أنه “في عملية أخرى، عثر جنود احتياط من اللواء التاسع على أسلحة مخبأة في منطقة كثيفة في منطقة اللبونة، بما في ذلك قاذفة متعددة الفوهات، ومدفع رشاش ثقيل، وعشرات العبوات الناسفة، وصادرت القوات وفككت المعدات والأسلحة العسكرية التي كانت موجودة في المنطقة”.
وزعم البيان أيضاً أنه في نفس المنطقة “عُثر على مبنى تحت الأرض يُستخدم لتخزين الأسلحة، وتم تفكيك البنية التحتية في عملية هندسية نفذتها قوات اللواء”.
تتزامن العمليات الإسرائيلية الهادفة لتدمير مواقع ومنشآت حزب الله في الجنوب مع تردد معلومات حول توجه أميركي-إسرائيلي-أوروبي لترتيب إتفاقية سلام ثلاثية تضم سوريا وإسرائيل ولبنان لضمان إستقرار المثلث الحدودي للدول الثلاث، والذي يشمل القطاع الشرقي من جنوب لبنان.
الخطة التي تحظى باهتمام ترامب تتضمن تحييد المقلب الشرقي-السوري من جبل الشيخ والمقلب الغربي-اللبناني بمسافة العشرين كيلومتراً المقدرة من بلدة حضر السورية وصولاً إلى مربع العرقوب الذي يضم شبعا، كفرشوبا، الهبارية وكفرحمام في لبنان على أن يحسم مصير مزارع شبعا الـ 14 لصالح لبنان ومن ضمنها مزرعة مغر شبعا المصنفة سورية مع أنّ مالكيها جميعهم من اللبنانيين المسجلة ملكيتهم في الدوائر العقارية السورية.
يذكر أن مغر شبعا كانت مقراً لغرفة العمليات المصرية المكلفة بالإشراف على ثورة العام 1958 في لبنان أثناء الوحدة العربية بين دمشق والقاهرة ، وكانت تؤمن شحنات الأسلحة والذخائر للمعلم كمال جنبلاط في المختارة، والتمويل لقيادة الثورة في بيروت.
ثورة العام 1958 سلّحها وموّلها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وأنهتها الولايات المتحدة الأميركية بإرسال مشاة بحريتها إلى لبنان بالتنسيق مع قائد الجيش اللبناني المحايد فؤاد شهاب حيث فرضوا وقفاً لإطلاق النار وفق تسوية أطلق لها الرئيس صائب سلام شعار “لا غالب ولا مغلوب” أتاحت للرئيس كميل شمعون إكمال ولايته الرئاسية وعدم ترشحه لولاية جديدة وإنتخاب اللواء شهاب رئيساً للجمهورية .
وبقيت منطقة العرقوب محميّة بإتفاقية الهدنة لعام 1949 مع إسرائيل، ما أعطى لبنان إستقراراً من دون إتفاقية سلام لمدة 20 سنة، وإنهارت الإتفاقية عندما وقع لبنان إتفاق القاهرة الذي أعطى منظمة التحرير الفلسطينية حق محاربة إسرائيل عبر نقاط مرور” من العرقوب، وما زال البؤس مخيماً على الجنوب حتى الآن.
تتجه سوريا ولبنان إلى ما يشبه إتفاقية الهدنة مع إسرائيل، بحيث تؤمّن استقراراً وسلاماً من دون تطبيع، على أن يكون الرئيس السوري أحمد الشرع مسؤولاً عن الإشراف على إلتزام لبنان بمندرجاتها برعاية أميركية، بحيث لا يسمح لقوى إيرانية بالعودة إلى الجنوب لتهديد أمن المنطقة.
التقديمات التي ستؤمنها صيغة التسوية للبنان مغرية تساهم في إطلاق ورشة الإعمار وتحقيق الإصلاحات التي كانت متعثرة، وتبقى غير محرجة للبنان لأنها تكرار لما سبق، ولأنها تعفي لبنان من توقيع إتفاقية سلام وما تشمله من تطبيع وتبادل السفراء .
وفي محاولة لتشجيع لبنان على الدخول في التسوية، تفيد المعلومات أنه يتم تخصيص “رزمة” حوافز مشتركة مع سوريا، ليس أقلها تخصيص مساعدات للنازحين السوريين للعودة إلى بلادهم، على أن تدفع في لبنان قبل العودة وفي سوريا بعد ذلك مباشرة، إضافة إلى تعهد السلطات السورية بترسيم الحدود المشتركة مع لبنان، على أن يبلغ لبنان للأمن العام السوري “تفاصيل” فلول التحالف الأسدي-الفارسي البائد الذين هربوا إلى لبنان ولجأوا إلى حزب الله على أن تتولى “الميكانيزم” أي آلية تنفيذ الإتفاقات، الإشراف على العملية.
فمن سيبقى في لبنان: إسرائيل، إيران، أم سوريا؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|