الصحافة

قرار من رام الله.. قصّ أجنحة السفير الفلسطيني في لبنان؟!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في خطوة تحمل أبعادًا تنظيمية واضحة وتندرج ضمن مسار إعادة هيكلة العلاقة بين القيادة الفلسطينية والساحة اللبنانية، أصدرت السلطة الفلسطينية في 5 تموز 2025 قرارًا ألغت بموجبه صفة "نائب مشرف عام الساحة اللبنانية" عن السفير الفلسطيني في بيروت أشرف دبور. وهو منصب غير رسمي إلى حدّ بعيد، لكنه حمل في السنوات الأخيرة وزنًا فعليًا في رسم السياسات المحلية المتعلقة بالمخيمات الفلسطينية وتنظيم العلاقة مع الدولة اللبنانية.

وبهذا القرار، يكون قد تكرّس عمليًا ما كان قد بدأ يتكشّف من خلال سلسلة المراسيم والمقررات الداخلية التي نشرتها "المدن" في 16 حزيران الماضي، والتي كشفت عن تصدّع كبير في العلاقة بين القيادة الفلسطينية في رام الله وسفارتها في بيروت، على خلفية ملفات مرتبطة بالإدارة والمالية والأمن، فضلاً عن اتهامات بالتفرّد في القرار واحتكار الصلاحيات.

وقد أتى القرار بصيغة مقتضبة ومن دون توضيحات إعلامية، لكنه يُقرأ بوضوح في سياق سلسلة المراجعات التنظيمية والإدارية التي باشرتها القيادة الفلسطينية مؤخرًا، والتي شملت تدقيقًا واسعًا في أوضاع السفارة الفلسطينية في بيروت، إلى جانب إعادة تقييم حضور قوى الأمن الوطني الفلسطيني في المخيمات، من النواحي التنظيمية واللوجستية والمالية.

وفي اتصال مع "المدن"، قال السفير أشرف دبور إنه "يلتزم بالقرار الصادر عن القيادة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن المسألة "إدارية بطبيعتها". أما مصادر قريبة من السفارة، فرأت أن "إلغاء هذه الصفة لن يكون له تداعيات تُذكر على المخيمات الفلسطينية في لبنان"، مضيفة: "لا نعلم ما هي الاعتبارات التي دفعت الرئيس محمود عباس لاتخاذ هذا القرار، بل جرى تبليغ السفير به فقط دون نقاش أو تمهيد".

في المقابل، يرى مراقبون أن القرار يحمل في طيّاته دلالات أعمق من مجرد إعادة توزيع الصلاحيات. إذ يشكّل مؤشّرًا على نية القيادة الفلسطينية في رام الله إعادة ضبط العلاقة بين المستويات السياسية والإدارية في تمثيلها بلبنان، وتفكيك التركيبة التي جمعت، لفترة طويلة، بين العمل التمثيلي والدبلوماسي والأمني والتنظيمي بيد شخص واحد. فقد أدى الجمع بين صفتي "السفير" و"نائب مشرف عام الساحة" إلى تداخل في الأدوار وتغليب الطابع الفردي على آليات اتخاذ القرار، ما ساهم، بحسب المطلعين، في تعزيز مناخات الاحتقان داخل الجسم الفلسطيني.

ويُفهم من سلسلة الخطوات الأخيرة أن المقاربة الجديدة تهدف إلى ترسيخ عمل مؤسساتي يوزّع المسؤوليات على أكثر من مرجعية مركزية، ويفصل بين المستويات الأمنية والدبلوماسية والتنظيمية، في محاولة لإعادة التوازن إلى البنية التمثيلية الفلسطينية في لبنان.

ويأتي القرار أيضًا في توقيت دقيق، إذ يتزامن مع تعثّر مسار تنفيذ ما كان قد أُعلن عن خطة لسحب السلاح من المخيمات، انطلاقًا من بيروت، بالتعاون بين السلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية. وقد فُهم من هذا التباطؤ، بل ومن بعض المؤشرات الميدانية، وجود تراجع أو إعادة تقييم لهذا المسار، ما يضع علامات استفهام حول جدّية الالتزامات التي تم التداول بها في الأشهر الماضية، ويزيد من الحاجة إلى توحيد المرجعيات وتوضيح آليات اتخاذ القرار.

يبقى أن هذا القرار -رغم رمزيته- لا يُعدّ كافيًا بذاته لمعالجة مجمل الإشكاليات السياسية والتنظيمية التي تعيشها الساحة الفلسطينية في لبنان. لكنه، من وجهة نظر بعض المتابعين، يشكّل خطوة أولى في اتجاه إعادة الاعتبار للآليات المؤسسية، وضبط العلاقة بين التمثيل الدبلوماسي والميدان الفلسطيني، بما قد يمهّد لاحقًا لإصلاحات أوسع، تضمن تمثيلًا أكثر توازنًا، وتنسيقًا أشد فاعلية مع الدولة اللبنانية، وتفتح الباب أمام مناخ جديد في إدارة شؤون المخيمات.

إبراهيم الرز - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا