التشكيلات القضائية تترنّح وبري "متمسّك" بزاهر حمادة
يعيش لبنان في هذه المرحلة واحدة من أكثر محطات التعيينات القضائية حساسيةً وتعقيداً، إذ تحوّلت المداولات حول منصب المدعي العام المالي إلى عنوان مواجهة غير مباشرة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة، ووزير العدل عادل نصار من جهة أخرى، وسط ترقّب شعبي ورسمي لتأثير هذه التعيينات على ما تبقّى من هيبة القضاء واستقلاليته.
المعركة القضائية المفتوحة حالياً لا تتعلق فقط بتشكيلات جزئية أو تنقلات في مناصب اعتيادية، بل تدور حول المنصب الحساس الذي كان يشغله القاضي علي إبرهيم، المدعي العام المالي، والذي يُنظر إليه على أنه أحد أبرز المراكز القضائية المرتبطة مباشرة بملفات الفساد والتهريب والأموال العامة، وملاحقة كبار المسؤولين والمصارف.
وبحسب مصادر نيابية قريبة من عين التينة، على عكس ما أشيع في اليومين السابقين عن حلحلة للموضوع عبر تعيين القاضي زاهر حمادة محاميا عاماً مالياً، فإن بري يرفض المساومة على اسمه لهذا الموقع، مؤكداً في لقاءاته المغلقة أنه "إذا كان على زاهر حمادة أي علامة استفهام، فليُقَل ذلك علناً. أما خلاف ذلك، فهو مرشحي الوحيد، زاهر زاهر ثم زاهر".
في الكواليس، جرى تداول اسمين بديلين، هما القاضي ماهر شعيتو، المعروف بقربه من فريق 8 آذار لكنه أقل استفزازاً، والقاضي حبيب مزهر، الذي لا يحظى بإجماع داخل المجلس القضائي الأعلى بسبب ارتباط اسمه بملفات شائكة أبرزها تدخله السابق في ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
ومع أن البعض فسّر انفتاح بري على شعيتو تنازلا، إلا أن الأوساط القضائية القريبة من وزير العدل تُصرّ على أن لا تسوية من دون توافق رئاسي واسع يضمن الحد الأدنى من استقلالية هذا المنصب، بعيداً من المحاصصة السياسية.
مصادر مطلعة أكدت أن رئيس الحكومة نواف سلام، ومعه رئيس الجمهورية جوزف عون، حاولا التوسط لتليين موقف بري وفتح الباب أمام أسماء توافقية، إلا أن هذه المبادرات لم تثمر حتى اللحظة، في ظل إصرار عين التينة على حسم الملف قبل الشروع في أي تشكيلات قضائية أخرى.
وبدا لافتاً أن القصر الجمهوري لم يصدر أي موقف حاسم بعد، ما فُسِّر بأنه محاولة لترك مسافة من الاشتباك السياسي القضائي، مع التأكيد الدائم أن الرئيس لن يبقى مكتوف الأيدي أمام عرقلة صدور التشكيلات القضائية، كما لن يرضى أن يشهد عهده ما عرفه العهد السابق حين بقيت التشكيلات القضائية معلقة طيلة مدة ولاية الرئيس نتيجة الخلاف السياسي، وهو ما عرقل عمل القضاء لسنوات طويلة، في حين يراهن الرئيس عون على دور القضاء في هذه المرحلة بالذات، ويولي أهمية كبيرة لهذا الشأن.
وفي المعلومات أيضاً أن مجلس القضاء الأعلى كثّف اجتماعاته وهو على وشك الانتهاء من تشكيلات قضائية تشمل مجمل القضاة في لبنان وتكون الأهم والأشمل خلال عشر سنوات سبقت، ولكن تبقى عملية إقرارها رهنا بالتوافق السياسي وخصوصاً بعد تهديد وزير المال ياسين بعدم توقيعها ما لم تترافق مع توافق سياسي.
حتى اللحظة، ليس في الأفق أي تسوية فعلية، مع استمرار التصلّب في المواقف وغياب الإرادة السياسية الحاسمة لإنجاز التشكيلات القضائية ككل، ولا سيما في ظل وجود قضاة آخرين ينتظرون بت تعييناتهم أو تثبيتهم في مواقعهم.
يبدو أن لبنان متجه نحو مزيد من التوتر القضائي - السياسي، ما لم يخرج توافق رئاسي يُرضي الأطراف، أو يتم تجميد التعيينات موقتاً ريثما تنضج الظروف السياسية، في بلد اعتاد أن تتقدّم فيه السياسة على القضاء، والمصلحة الحزبية على القانون.
اسكندر خشاشو - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|