قبلان: الجنوب والبقاع والضاحية ضحّوا للبنان ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة عليها سداده
إيلون ماسك في لبنان: جذب الاستثمارات وسط الانكشاف الأمني؟
تلقّفَ رجل الأعمال إيلون ماسك، المتغيّرات التي تحصل في المنطقة، ليدخل إلى لبنان مستثمِراً في مجال الإنترنت والاتصالات. علماً أنّ الاستعانة بخدمات مشروعه "ستار لينك" لتأمين الإنترنت، كانت قد طُرِحَت كخطّة طوارىء خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، في حال انقطاع الخدمة بشكل تام.
ويأتي طرح الاستعانة بخدمات ستار لينك هذه المرّة بشكل رسمي، إثر اتصال هاتفي تلقّاه رئيس الجمهورية جوزاف عون من ماسك، يوم أمس. فهل يغامر رجل الأعمال بالاستثمار في بيئة غير آمنة، أمّ أنّ هناك ما هو أبعد من ذلك؟.
جذب الاستثمارات
يبحث لبنان عن آليات لتعزيز الثقة به كبيئة جاذبة للاستثمارات. فهو بحاجة ماسّة لإعادة النهوض من سلسلة نكبات حلَّت به منذ 6 سنوات حتّى الآن. والاستثمارات في مختلف المجالات لا تنفصل اليوم عن التكنولوجيا، ما يحتّم على أيّ بلد توفير خدمات الإنترنت بجودة ممتازة، وهو ما يسعى إليه لبنان. وإذا كان وزير الاتصالات السابق جوني القرم قد بحثَ خلال خطّة الطوارىء في الحرب، الاستعانة بالأقمار الاصطناعية التابعة لستار لينك، فإنّ القطاع الخاص سارعَ حينها لتأكيد أهمية المبادرة. فاعتبر رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، أنّ "القطاع الخاص اللبناني مهدّد اليوم بمن فيه، بالسقوط والارتطام الكبير في قعر الهاوية، في حال قَطع الإنترنت عن لبنان بفعل الإعتداءات الإسرائيلية من دون وجود بدائل".
وفي السِلم، تبرز الحاجة للانترنت لتنشيط الحركة الاقتصادية والتأكيد على أنّ لبنان قادر على توفير ما تحتاجه الشركات. وإيلون ماسك أبدى استعداده للاستثمار في لبنان وترجَمَ ذلك بإرسال وفد قبل أسابيع، للقاء عون ومسؤولين كبار. وترأّس الوفد المدير العالمي للتراخيص والتطوير في ستار لينك، سام تيرنر.
الاهتمام الذي يبديه ماسك سيشجّع برأي الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، الشركات على الاستثمار في لبنان "ويشجّع المغتربين اللبنانيين الذين يطمحون لإنشاء شركات في لبنان، أو إدارة شركاتهم في الخارج انطلاقاً من لبنان. وأيضاً، يشجّع ذلك خرّيجي الجامعات على عدم الهجرة، بل تأسيس أعمال في لبنان، وهذا يحتاج خدمات انترنت قوية، والاعتماد على ستار لينك يوفّر تلك الخدمات". ويضيف مارديني في حديث لـ"المدن"، أنّ "اهتمام ماسك بلبنان كان موجوداً من قبل، واليوم تظهر الحكومة أنّ لديها نبضاً إصلاحياً، الأمر الذي يشجّع المستثمرين مثل إيلون ماسك".
المخاوف الأمنية
ارتبط ملفّ الاستعانة بخدمات ستار لينك بقضية المخاوف الأمنية، خصوصاً في ما يتعلّق بحماية بيانات المشتركين ومنهم بيانات الإدارات الرسمية والأجهزة الأمنية. لكن مارديني يرى بأنّ "هذه المخاوف لا تغيّر في جوهر الموضوع. فأيّ أحدٍ قادر اليوم على شراء الأجهزة المطلوبة، والحصول على انترنت من ستار لينك من دون علم الحكومة اللبنانية، لأن الاتصال سيكون مباشرة بالاقمار الاصطناعية. لكن إيلون ماسك أراد أن يكون الاستثمار في لبنان عن طريق التعاقد مع الدولة. وهو كان يريد إعطاء الدولة نسبة 5 بالمئة من إيرادات الاستثمار، فيما الدولة طلبت 10 بالمئة، ووافقَ على ذلك، لا سيّما أنّ الدولة ستحصّل الأموال من الناس. وإذا طلبت الدولة إجراءات أمنية وأموراً تتعلّق بخصوصية المعلومات، سيلتزم بها لأنه يريد لشركته أن تعمل في لبنان".
في الوقت نفسه، تقلّل مصادر تقنية في وزارة الاتصالات من مسألة المخاوف الأمنية "في ظل الانكشاف الكبير للبنان، والذي بدا واضحاً خلال الحرب الإسرائيلية. كما أنّ الاعتماد اليوم على الكابل البحري للحصول على الإنترنت، لا يعني أنّنا غير مختَرَقين ولا يعني أنّ بياناتنا محمية، فهل نعلم مَن يطّلع على البيانات ومَن يستطيع استغلالها؟ بالتأكيد لا نعلم". وتشير المصادر إلى أنّ "إيجابيات الاستعانة بستار لينك كبيرة جداً، ولبنان بحاجة لهذا الاستثمار المرتبط بالفضاء والذي لا يتأثّر بأي ظرف طارئ".
على الدولة برأي المصادر أن تبحث عن "أفضل الشروط لتأمين خدمة الإنترنت وتشجيع المستثمرين للعودة إلى لبنان". لكن ذلك لا يعني إهمال قطاع الاتصالات والإنترنت الموجود حالياً "فمن الضروري تطوير البنية التحتية للقطاع وعدم التخلّي الكامل عن الكابل البحري، بل على المشروعين السير معاً بالتوازي". ويلتقي مارديني مع وجهة نظر المصادر حول ضرورة فتح المجال أمام التنافس بشفافية. ويقول مارديني إنّ "على شركات الإنترنت الحالية تطوير امكانياتها وتحسين خدماتها، عوض تقديم خدمات رديئة بأسعار مرتفعة".
علماً أنّ الخروقات الأمنية لا تتوقّف عند استغلال الإنترنت، بل هناك اختراقات تحصل عبر برامج يتم إدخالها إلى الهواتف الخليوي من دون علم الدولة وأصحاب الهواتف.
مع أنّ لبنان يشكّل حالياً بيئة غير آمنة للاستثمار، إلاّ أنّ رغبة ماسك بتوسيع استثماراته في كل الكوكب، وعدم ارتباط تأمينه الإنترنت باستثمارات كبيرة على الأرض، يشجعانه على دخول السوق اللبناني وتجاوز المخاوف الأمنية المحلية. لكن اللبنانيين سيكونون أمام خدمة بكلفة مرتفعة، لكنها سريعة ولا تحتاج إلى بنية تحتية أرضية كبيرة، بل بعض المعدات البسيطة. على أنّ ذلك لا يلغي واجب الدولة بتأمين بيئة استثمارية تنافسية لجميع الشركات، ما يحسّن جودة الخدمات وأسعارها.
خضر حسان - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|