قصة عقد رونالدو.. 16 عامل منزلي وطائرة و2.5 مليون ريال يوميا
إيران في قبضة "التحجيم الأميركي".. انكسار النفوذ الإقليمي وانتهاء المحور
تتوالى المؤشرات على أن السياسة الأميركية تجاه إيران قد دخلت مرحلة جديدة تهدف إلى تحجيم نفوذها الإقليمي بشكل غير مسبوق، مما ينذر بـانكسار سيطرتها على ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الذي تلقى ضربات موجعة وقاضية، لم يعد الحديث مقتصرًا على برنامجها النووي الذي أجهزت عليه أميركا وضربته، بل بات يشمل قدرتها على تمويل ودعم وكلائها في المنطقة، وهو ما يشكل ضربة قاصمة لطهران بعد سنوات من التوسع.
لطالما اعتمدت واشنطن استراتيجية "الضغط الأقصى" ضد إيران، بدءًا من العقوبات الاقتصادية الخانقة التي استهدفت قطاعاتها الحيوية، وخاصة النفطية والمصرفية. هذه العقوبات أدت إلى انهيار شبه كامل للاقتصاد الإيراني وتدهور سريع لقيمة العملة الوطنية، مما حرم النظام من المليارات التي كانت تُستخدم لدعم نفوذه الخارجي.
لكن التطور الأبرز مؤخرًا، والذي ساهم في "تحجيم" إيران، هو التحول نحو المواجهة المباشرة المحدودة التي شهدتها المنطقة. فمع كل تصعيد أو تهديد من طهران أو أذرعها، جاء الرد سريعًا وحاسمًا، سواء عبر ضربات استباقية لمواقع إيرانية، أو استهداف لأصول "الحرس الثوري"، أو حتى إجبار طهران على الخضوع لوقف إطلاق نار برعاية دولية كما حدث مؤخرًا. هذا التحول كشف عن هشاشة القدرة الإيرانية على المواجهة الشاملة في ظل غياب دعم عسكري ولوجستي حقيقي من حلفائها.
يُعد تقليم أظافر "الأذرع" الإيرانية في المنطقة من أبرز ملامح استراتيجية التحجيم الأميركية. هذه الأذرع، التي تشمل جماعات مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق وسوريا سابقاً، كانت بمثابة أدوات لطهران لبسط نفوذها وتهديد مصالح الخصوم دون تحمل التكاليف المباشرة.
لكن اليوم، وبعد الضربات المتتالية التي استهدفت هذه الأذرع، وخصوصًا بعد ما لحق بحزب الله من استنزاف بشري ومالي، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي تمنع طهران من مواصلة تمويلها بنفس السخاء، باتت هذه الجماعات تواجه تحديًا وجوديًا. الحديث عن قطع التمويل الإيراني عن هذه الأذرع، أو حتى إجبار إيران على التوقف عن دعمها كشرط لرفع أي عقوبات مستقبلية، يعني انكسارًا حقيقيًا لمفهوم “محور المقاومة” كما عرفناه. هذا التحجيم المالي سيضعف قدرة هذه الجماعات على التجنيد، والتدريب، وتوفير الخدمات، مما سيقلل من فعاليتها كأدوات للنفوذ الإيراني.
تعيش إيران حالة من العزلة الدولية المتزايدة، فبينما كانت تعول على دعم روسي أو صيني لمواجهة الضغط الأميركي، أثبتت الأحداث الأخيرة أن هذا الدعم غالبًا ما يكون سياسيًا أو رمزيًا، ولا يرقى إلى مستوى الدعم العسكري أو الاقتصادي الذي يمكن أن يغير موازين القوى، هذا الواقع يضع طهران أمام خيارات صعبة، إما الاستمرار في نهج المواجهة مع المجتمع الدولي ودفع الثمن اقتصاديًا وسياسيًا، أو التكيف مع الواقع الجديد وقبول التحجيم لدورها الإقليمي.
في قلب هذا التراجع الإيراني يقبع ضعف السياسات التي تبناها المرشد الأعلى، علي خامنئي، وفريقه المحيط به، لقد راهنت قيادة خامنئي على استراتيجية "المماطلة" و"المواجهة بالوكالة" لسنوات طويلة، معتقدة أن الوقت في صالحها وأن الغرب سيتراجع أمام إصرارها، لكن هذه المراهنات أدت إلى نتائج عكسية تمامًا، بدلاً من تعزيز مكانة إيران، تسببت هذه السياسات في استنزاف هائل للموارد الاقتصادية والبشرية للبلاد، ودفعتها إلى عزلة دولية متزايدة.
وفي الوقت الذي كانت فيه العقوبات تفتك بالاقتصاد الإيراني، استمر النظام في ضخ الأموال الطائلة نحو مشروعه النووي ودعم الأذرع الإقليمية، متجاهلاً الاحتياجات الملحة للشعب الإيراني، هذا التوجيه الخاطئ للموارد، وغياب رؤية اقتصادية شاملة للتعامل مع الضغوط الخارجية، أظهرا ضعفًا استراتيجيًا في القيادة العليا، مما جعل إيران أكثر عرضة للضغوط والتحجيم الخارجي، ومهد الطريق لانكسار نفوذها.
إن سيناريو "التحجيم الأميركي" لا يهدف بالضرورة إلى تغيير النظام في إيران، بقدر ما يهدف إلى إضعاف قدرتها على التأثير في المنطقة وتصدير نموذجها الثوري. هذا الانكسار الإقليمي سيفرض على إيران إعادة تقييم شاملة لاستراتيجياتها، وقد يدفعها للتركيز على قضاياها الداخلية المُلحة، مما قد يفتح الباب لمستقبل مختلف في الشرق الأوسط.
المصدر: صوت بيروت انترناشونال
الكاتب: تشارلي عازار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|