جابر أمام الموفد الرئاسي الفرنسي: مصمّمون على المضي في الإصلاح على رغم التحديات
تواصل فاتيكاني – دولي لتحييد لبنان عن الصراعات
مع انتخاب البابا ليو الرابع عشر، تترقب الاوساط اللبنانية والدولية ملامح المرحلة الجديدة في سياسة الفاتيكان تجاه لبنان، الذي يحظى بمكانة خاصة في وجدان الكرسي الرسولي، ويشكل هما روحيا وسياسيا للحاضرة، بالنظر الى رمزيته كارض للعيش المشترك، ومركز للوجود المسيحي المشرقي المهدد بالتهميش والانكماش، عشية التغيرات الدراماتيكية في المنطقة، التي تعيد رسم توازناتها وربما جغرافيتها، وسط تمدد "اسرائيلي" غير مسبوق.
واقع جعل الفاتيكان حاضرة دائما في العلن كما في كواليس الازمات اللبنانية، عاملة على الاستفادة من كل ظرف دولي مستخدمة نفوذها المعنوي، من ضمن ثوابتها التاريخية تجاه هذا البلد، والتي يضعها المسؤولون في الفاتيكان، تحت الاطر الاتية:
- التمسك بالهوية اللبنانية الفريدة، حيث يشكل لبنان – الدولة، التعددية والديموقراطية، الضمانة الاساسية للوجود المسيحي الحر في المنطقة. من هنا اصرار الفاتيكان عل دعم الصيغة اللبنانية القائمة على الشرْكة، والتي اكد عليها اتفاق الطائف كمظلة توازن بين المكونات المختلفة، رغم بعض الثُغر، وبالتالي عدم حماستها لاي تغيير سواء نحو الفدرالية او التقسيم او غيرها.
- حماية الوجود المسيحي في اطار الانفتاح على محيطه، بعيدا عن منطق الاقليات والاكثريات، وهو ما يفترض العمل على وقف نزيف الهجرة، وتمكين هذه الفئة سياسيا واقتصاديا، وهو امر لن يكون دون دور فاعل للكنيسة بكل مكوناتها الغربية والشرقية.
- تشجيع الحوار المسيحي - الاسلامي في مواجهة دعوات التطرف، والتأكيد على القيم المشتركة، من ضمن سياسة انفتاح ستستمر الفاتيكان في اتباعها على صعيد المنطقة وفي العالم، من هنا كان التلاقي مع شيخ الازهر، ومع المرجعية الشيعية السيد علي السيستاني، ومع القيادات اليهودية.
- التأكيد على دعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها، لتقوم الدولة القوية والعادلة، من خلال التشجيع على تحييد لبنان عن صراعات المحاور، ودعم فكرة الدولة المدنية المرتكزة على القانون والمواطنة، والمشاركة الفاعلة في الحقل العام، بعد فترة طويلة من العزوف وعدم الانخراط في مؤسساتها.
- التركيز على الوضع الاجتماعي والانساني، وهي الركيزة الاهم في رؤية البابا ليون الرابع عشر، الذي يعرف جيدا معاناة اللبنانيين بغض النظر عن طوائفهم، حيث تكشف المصادر عن خطة تعدها الفاتيكان مع جهات داعمة للكنيسة، وبالتنسيق مع المنظمات الدولية، لتقديم المساعدات للمجتمعات في المناطق المهمشة، ودعم المدارس والمستشفيات الكاثوليكية.
مصادر فاتيكانية اشارت الى ان الحاضرة تشهد حاليا ورشة ادارية كبيرة، لاعادة ترتيب البيت الداخلي، واجراء تشكيلات وتغييرات تتلاءم مع الفترة المقبلة، على ان تباشر ادارة الملفات، ومن بينها لبنان، كاشفة في هذا الاطار الى ان البابا ليون اجرى سلسلة من الاتصالات مع عواصم القرار وتحديدا فرنسا، من اجل تحييد لبنان عن أي تداعيات على خلفية ما يحصل من تطورات في المنطقة، ولعدم تركه يواجه وحيدا الازمة المالية والاقتصادية الخانقة، حيث علم ان زيارة مرتقبة للموفد الرئاسي جان ايف لودريان سوف تحصل قريبا الى الفاتيكان.
للفاتيكان تواصل دائم واحتكاك مباشر بالملف اللبناني عبر اكثر من دائرة، من خارج الاصطفافات اللبنانية ببعديها الداخلي والخارجي، ترفع تقاريرها الدورية الى المعنيين في الحاضرة الرسولية، ويطلع عليها البابا شخصيا حول الاوضاع في لبنان والمنطقة، وهي تؤدي دورها الاساس في تحديد سياسة الفاتيكان تجاه لبنان، نافية بكل تأكيد ان تكون "كلمة بتاخذ وكلمة بتجيب" الفاتيكان، التي يبقى بابها مفتوحا امام الجميع، وهمها الاول والاخير "لبنان - الدولة لا الاشخاص"، وفقا للمصادر.
ونقلت المصادر عن اوساط بابوية، أن الفاتيكان على تواصل دائم وبشكل فاعل مع عواصم القرار الدولي، وبخاصة مع واشنطن ، في اطار السعي للحصول من الاميركيين على وضع تسوية الوضع في لبنان بين اهتماماتهم الأولى وعدم التفريط به، حيث المطلوب ألا يدفع لبنان ثمن الصراع في المنطقة، حيث يصر "بي الكنيسة" على ثوابته لجهة تعبيره بشكل صريح عن أنّ هويّة لبنان في خطر، وثمّة انقضاض على صيغته الحضاريّة، لذلك واجب العالم الحر حماية النّموذج اللبناني في الشرق الاوسط.
وختمت المصادر بأن الكرسي البابوي مقتنع بأزمة الثقة القائمة بين الشعب وحكّامه، غامزاً من قناة الطبقة السياسية ورموزها المسيحية، التي ترفض الاستماع إلى مطالب بيئتها، مصرّة على السير في حساباتها الضيقة، داعيةً الجميع إلى عدم الرهان على محدودية قدرة الفاتيكان على التحرك، إذ يملك من القوة المعنوية في ظل الأوضاع الدولية الحالية ما يكفي من أوراق ، تؤهله لتأدية دور أساسي في رسم مستقبل هذا البلد.
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|