عودة الديبلوماسية الخليجية فتحت الباب أمام "تسوية" مرتبطة انطلاقتها بفوز ماكرون
لبنان بعد الضربة الأميركية... كيف سيعبر؟
خلال الأيام القليلة السابقة برز تناقض سعى بعض المسؤولين إلى التخفيف من وطأته على وقع تأكيد الرئيس نبيه بري للموفد الاميركي توم براك وتحذيراته من قرار " سيء جداً جداً جداً" ( وردت ثلاث مرات في العبارة بما عكس مدى التشديد الأميركي) اذا تورط " حزب الله" في مساندة إيران ضد إسرائيل فيما أعلن الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم انه " ليس على الحياد وهو الى جانب ايران بكل اشكال الدعم ".
رئيس الجمهورية العماد جوزف عون دخل على الخط بتأكيده ما ذهب إليه بري من ان لا حرب مرتقبة والموقف نفسه عبر عنه رئيس الحكومة نواف سلام في رده على تسريبات عن مطالبة الحكومة بموقف مما قاله قاسم. ولكن بمقدار وجود رغبة عارمة داخلية وحتى خارجية في الوثوق بموقف حاسم للدولة اللبنانية على هذا المستوى، وعلى رغم تأكيدات سابقة بضعف كبير اصاب القدرة العسكرية للحزب، فان ظلالاً كبيرة من الشك ارتسمت ازاء صمود الحزم اللبناني في مقابل اوامر ايرانية للحزب بتفعيل دوره عسكريا اذا احتاجت ايران لذلك. وينبغي الإقرار بان هناك مخاوف بإسقاط هيبة الشرعية اللبنانية والآمال التي عقدت عليها إذا احتاجت مصالح إيران لذلك على رغم اجماع داخلي وخارجي على ان تأثير الحزب في مجريات الحرب القائمة شبه معدومة ولن تؤدي الا الى المزيد من دمار لبنان من دون القدرة على احداث دور فعلي في تغيير مجرى الاحداث. فالمندوبة الاميركية في مجلس الامن السفيرة السابقة في لبنان دوروثي شيا قالت في جلسة للمجلس حول التصعيد الاسرائيلي الايراني قبل يومين إنّ "الحكومة الإيرانية شجعت "حزب الله" على فتح جبهة من لبنان". تزامن ذلك مع تحذيرات توم براك من بيروت حتى لو كانت مقاربته ديبلوماسية وارتاح لها المسؤولون قياسا على المقاربة التي قدمتها مورغان اورتاغوس التي استفزت هؤلاء على مستويات عدة . والقلق من انزلاق لبنان إلى حرب جديدة تُعيده إلى مآسي الفترة السابقة لا يزال قائما على خلفية الخشية من خيارات انتحارية تعززت اكثر في ظل الضربات العسكرية التي وجهتها الادارة الاميركية برئاسة دونالد ترامب للمنشآت النووية في ايران وانهاء هذا الملف. ودخلت دول اوروبية على غرار بريطانيا على خط التحذير من توريط لبنان في حرب مدمرة لا مصلحة له فيها. اذ لم يمهل ترامب ايران لاسبوعين كما كان اعلن اذ لم يُسفر اجتماع جنيف يوم الجمعة الماضي بين وزراء دول خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا مع وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي عن نتائج تُذكر في ظل تكرار علني من الاخير لاشترط ايران وقف مسبق للقصف الاسرائيلي ورفض وقف التخصيب نهائيا في ايران مما ادى الى استنتاج ترامب بأن مهلة الاسبوعين هي تضييع للوقت وربما محاولة ايران شراء هذا الوقت ما ساعد في اتخاذ قراره بقصف المنشآت النووية من اجل تغيير واقع برنامج إيران على الأرض عملانيا بطريقة اكثر فاعلية وسرعة. ويغلب ترجيح ان اسرائيل التي وجهت تحذيرات متتالية للبنان عبر مواقف لمسؤوليها او عبر استهدافات مباشرة مستمرة لعناصر مسؤولة في الحزب لن تتساهل ازاء احتمال أي تحريك للجبهة من لبنان خصوصاً ان هناك تعويلاً ديبلوماسياً على ان التغيير الذي حصل على مستوى السلطة في لبنان بعد الحرب يتيح تأثيرا اكبر على الحزب وتقويماً صحيحاً للمخاطر المحتملة مغاير لما كان عليه الواقع قبل هذا التغيير. اذ ان كل تحذيرات الدول التي نقلت رسائل الى لبنان بوقف حرب اسناده لغزة بناء على التغييرات الجذرية في المقاربة الاسرائيلية والدعم الاميركي لها لم تنفع.
ما حصل فتح المشهد الاقليمي والدولي على غموض كبير اقله في الساعات والايام او حتى الاسابيع المقبلة في ظل مجموعة كبيرة من الاسئلة التي لا جواب فوريا لها لا سيما لجهة معرفة طبيعة الرد إلايراني الذي يعتقد مراقبون كثر انه حتمي لعدم قدرة ايران على عدم الرد حتى لو كان ردا رمزيا او معنويا على غرار ردها المحدود والمدروس جدا على اغتيال قاسم سليماني في 2020. وتاليا اذا كان لا يزال لديها القدرة اما لمهاجمة القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة او تحريك وكلائها في لبنان او العراق او اليمن. وقد سجل هؤلاء المراقبون دحض ايران سريعا نجاح الضربات الاميركية لا سيما في منشأة فوردو على نحو مثير للتكهنات اذا كانت اثارة عدم نجاح الضربات الاميركية خصوصا في ما يتعلق بهذه المنشأة يخفف من تبعة الرد الايراني ويضعف من احتمال نشوب حرب طويلة الامد. وتتوقف الامور بقوة عند تكشف ما اذا كانت الضربات الاميركية قد أنهت فعليًا الملف النووي الايراني كما قال ترامب وقضى تاليا على فرصها في استكمال فرض شروطها في هذا الملف ام لا ، مع تداعيات كبيرة منتظرة وفقا لطبيعة الواقع الذي ستتكشف عنه الامور تباعاً.
ويخشى كثر ان الضربة الأميركية وضعت الشرق الأوسط كله وسط متغيرات غير مؤكدة في الوقت الذي يلقي كل ذلك بظلال من الخوف والشك على لبنان الذي لا يزال هشا الى حد كبير. ولكن يعتقد على نطاق واسع انه اذا استطاع لبنان عبور هذه الازمة بالحد الادنى من الحياد، فانه سيحقق خطوات مهمة على مستوى قدرة الدولة على الايحاء بالثقة والقدرة على ادارة الامور.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|