الصحافة

لماذا ستخسر إيران

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران قد تستمرّ لأسابيع بعد، وربّما أكثر. لا أستطيع التنبّؤ بموعد نهايتها. ولكن يمكن المجازفة بالتقدير أنّ إيران ستخسرها للأسباب التالية:

1) ميزان القوى العسكري لصالح إسرائيل. بحسب الفايننشال تايمز، يقترب الإنفاق العسكري الإسرائيلي السنوي من الـ 20 مليار دولار، بينما يفوق إنفاق إيران الـ 7 مليارات بقليل. تكاد إسرائيل تنفق ثلاث مرّات أكثر على جيشها من إيران. استطراداً: المعركة أساساً معركة سلاح جوّ؛ وإسرائيل تملك أكثر المقاتلات المتقدّمة بالعالم. بالمقابل، طائرات إيران خردة تعود للستّينات والسبعينات. وأوّل ملاحظة ينبغي التوقّف عندها هنا هي أنّ سيطرة سلاح الجوّ الإسرائيلي على السماء الإيرانيّة شبه تامّة، بينما خردة إيران الطائرة لن تقترب من إسرائيل، وجلّ صواريخها يتمّ اسقاطها بالجوّ.

2) الجيش الإسرائيلي محترف، والتقدّم بصفوفه يحصل على أساس الكفاءة. هذا الجيش آلة حرب مصنوعة للدفاع عن الأمن القومي. بالمقابل، علّة وجود القوّات الإيرانيّة الدفاع عن أمن النظام، لا الأمن القومي. كان هذا صحيحاً أيضاً بما بمضى بالنسبة للنظام الناصري. عندما تهكّم الفيلدمارشال مونتغومري على "الفيلدمارشال" عبد الحكيم عامر، كان على حقّ من ناحية الكفاءة العسكريّة. ولكنّ هذه كانت آخر همّ جمال عبد الناصر. ما كان يهمّه هو أمن النظام، وتالياً، رفّع صديقه عامر، الضابط صغير الرتبة، لمرتبة القيادة، قبل أن يحوّل ناصر وعامر طبقة الضبّاط المصريّين إلى مماليك محظيّين جدد بخدمة النظام. الأداء العسكري لجيش ناصر وعامر عام 1967 عكس أولويّات النظام آنذاك، وأولويّات نظام الخامنئي اليوم، المكروه بدوره، ليست مختلفة. جيوش الدول الديمقراطيّة دائما أفضل من جيوش الأنظمة الأوتقراطيّة.

3) المخابرات عصب الحرب، والضربة التي قضت بيوم الحرب الأوّل على نخبة من قيادات الحرس الثوري الإيراني، والعلماء الإيرانيّين، تشي بأنّ خرق الموساد لإيران يحاكي خرقه الخرافي لـ "حزب الله" في لبنان. بالمقابل، لا يبدو أنّ إسرائيل مخروقة من مخابرات إيران. المسألة مجدّداً، مسألة أمن النظام: بالأنظمة الأوتقراطيّة، هدف المخابرات التنصّت على أعداء الطبقة الحاكمة، لا أعداء البلاد. هنا أيضاً يحضر النظام الناصري إلى البال: آلته العسكريّة اكتشفت قبيل حرب العام 1967 أنّ الخرائط التي تملكها عن إسرائيل قديمة وتعود إلى ما قبل انقلاب الضبّاط الأحرار عام 1952. لماذا؟ لأنّ مخابرات ناصر انشغلت، منذ استولى على السلطة، بالتلصّص على أعدائه هو، لا أعداء مصر.

4) تبدو إيران معزولة دوليّاً. الصين لن تتحدّى الغرب كرمى للملالي، وروسيا مشغولة بأوكرانيا، علماً أنّ علاقة بوتين بإسرائيل جيّدة. حتّى الدول الأوروبيّة، التي تعارض سياسة نتنياهو بغزّة، أقرب اليه من طهران. بالمقابل، تتكّل إسرائيل على دعم أميركي لن يسمح بأن تهزم، دع عنك أن يتعرّض وجودها لخطر جدّي.

5) كلّ الشعب الإسرائيلي لا يحبّ نتنياهو؛ ولكنّ الجميع بإسرائيل مع حكومتها ضدّ إيران. بالمقابل، الأكيد أنّ في إيران من يصلّي كي تنتصر إسرائيل على نظام الملالي، وأن تضعفه بما يكفي كي تتمكّن قوّة داخليّة معارضة من إسقاطه. المواقف العلنيّة لمريم رجوي (مجاهدي خلق)، ورضا بهلوي (ابن شاه إيران الراحل)، مؤشّر واضح بهذا الاتّجاه. كراهية نظام الملالي ستسهّل بالضرورة الخرق الإسرائيلي للمجتمع الإيراني. وحتّى لو افترضنا أنّ معارضين آخرين للنظام سيخفّفون مرحليّاً من وطأة رفضهم له، إذ تتحرّك فيهم الوطنيّة الإيرانيّة ضدّ إسرائيل، فهذا صحيح فقط ما بقيت المعارك. عندما تنتهي الحرب، ويستفيق الداخل الإيراني على وضع أسوأ بعد من أوضاعه السابقة، المسألة ستختلف.

باختصار، إيران ستخسر، اللهمّ إن لم ينقذها دونالد ترامب بواحدة من سياساته التي يصعب أحياناً فهمها. وإن خسرت إيران فعلاً، فهذا يعني أنّها ستفقد مخلب الردع النووي، بعد أن فقدت مخلب القوى الرديفة بالمنطقة. لن يؤدّي ذلك بالضرورة إلى سقوط نظام الملالي فوراً. ولكنّ احتمالات سقوطه ستزيد، لا سيّما بمرحلة ما بعد الخامنئي. 

هشام بو ناصيف - نداء الوطن 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا