بعد سقوط كل الخطوط الحمراء... إيران 1979 تسلّم وإيران 2025 تتسلّم؟؟؟...
ليلة قصف إيران: خبر إسرائيلي...لماذا بثّه الإعلام الغربي أولاً؟
بينما كانت أنظار الإسرائيليين تتجه إلى الكنيست يوم الأربعاء، حيث كانت المعارضة تحاول الدفع بمشروع قانون قد يؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحاكم، فوجئ الرأي العام المحلي والدولي، على حد سواء، بانتشار خبر عاجل عبر كبرى الوكالات والمنصات الإخبارية الأميركية والغربية: إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية.
والحال أن اسرائيل، على الأرجح بشراكة أميركية، وظّفت الإعلام لتمرير الرسائل، والتأثير في استحقاق سياسي، عبر استغلال وسائل الاعلام التي غرقت، سواء عن قصد أو غير قصد، في آلة دعائية وتحولت الى بوق يمرّر رسائل سياسية.
وما كانت الرسائل لتكون ذات تأثير، لو لم تتم صياغة الرسائل بطريقة محكمة صادرة من واشنطن. فقد تتالت الانباء عن تعميم لإفراغ السفارة الاميركية في بغداد، تلاه تسريب عن نقل عائلات الموظفين الى دول أخرى في الخليج، من دون الإشارة الى فرضية اندلاع حرب، وهو ما يعفي المصادر من مسؤولية التضليل، ويترك باب التأويل والتكهنات متاحاً.
وكالات عالمية
اللافت في هذه القصة لم يكن مضمون الخبر فحسب، بل الطريقة التي خرج بها. لم تنقله وسائل الإعلام الإسرائيلية أولاً، بل بدأ انتشاره عبر منصات ووكالات أميركية وغربية بارزة مثل Axios وReuters وAP، وهذا وحده كفيل بأن يدل على أن ما جرى لم يكن تسريباً عرضياً، بل رسالة سياسية محسوبة، أطلقتها تل أبيب عن سابق قصد.
فعندما تختار إسرائيل تمرير معلومة من هذا النوع عبر الإعلام الغربي لا عبر منابرها المحلية، فإنها لا تخاطب إيران وحدها، بل تخاطب أيضاً الداخل الإسرائيلي — وتحديداً في أزمته السياسية الراهنة.
وفي اللحظة نفسها التي كانت فيها المعارضة تحاول إسقاط الحكومة عبر حلّ الكنيست، كانت الحكومة، من خلال هذا التسريب المدروس، تطلق ما يشبه "الإنذار الوجودي"، محاولة بذلك شدّ العصب الوطني، وتحويل النقاش العام من مربع الانقسام السياسي إلى مشهد خطر خارجي وشيك، يتطلب، كما جرت العادة، وحدة وطنية وصمتاً سياسياً مؤقتاً.
رد فعل إيراني
ردّ الفعل الإيراني أتى سريعاً وتصعيدياً، وهو ما يعزز فكرة أن اختيار المنصات الغربية لتسريب الخبر لم يكن اعتباطياً. ففي طهران، تُتابَع التصريحات الصادرة عن وكالات مثل AP ومنصات مثل Axios كمؤشرات على نوايا جدية من واشنطن أو حلفائها. وقد جاءت تصريحات القادة الإيرانيين شديدة اللهجة، حيث هددوا باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة، محذّرين من أن أي هجوم إسرائيلي على منشآتهم النووية سيقابَل بردّ صاروخي مباشر.
تصعيد كهذا لم يكن ليحدث لو خرجت الرواية عن وسيلة إعلامية إسرائيلية محلية، مثل "القناة 12" أو "هآرتس"، التي لا تُعد مصدراً لصياغة المواقف الأمنية في طهران.
ولأن الصورة اكتملت مع استجابة أميركية فعلية، تمثّلت في إجلاء موظفين من سفارات الولايات المتحدة في العراق والكويت والبحرين، بدا وكأنّ السيناريو قد انتقل من حالة تسريب إلى حالة استنفار حقيقي. وهكذا، جرى تثبيت الرواية في الرأي العام الدولي: هناك خطر محدق، والمنطقة على شفا التصعيد.
معارضو نتنياهو
كل ذلك حدث في لحظة سياسية داخلية حرجة تمر بها حكومة بنيامين نتنياهو. المعارضة، التي كانت تسعى إلى حلّ الكنيست، فشلت في تمرير مشروع القانون، لكن هذه النتيجة لم تحظَ بالتغطية الكثيفة التي كانت تستحقها، إذ خنقتها موجة الأخبار الأمنية، وأغرقها العنوان الذي صيغ بعناية ليتصدر نشرات الأخبار: "إسرائيل على وشك مهاجمة إيران".
بهذا، نجحت إسرائيل، عبر تسريبات محكمة ومدروسة، في تغيير الاتجاه السياسي في البلاد. لم تكن الضربة على إيران هدفاً فعلياً بالضرورة، بل كانت وسيلة رمزية وفعالة لتثبيت الحكومة، وتحييد المعارضة، وصياغة رأي عام جديد تحت ضغط الخطر الإقليمي.
وعليه، يصبح الإعلام الأميركي والغربي، حين يُوظّف بهذه الدقة، أكثر من مجرد ناقل للخبر؛ بل يتحول إلى أحد أدوات الحكم، وإلى وسيلة استراتيجية للتأثير في الداخل من خلال الخارج. وكما لم تُطلق الصواريخ، لم تُسقط الحكومة، لكن كلا الحدثين أُحيط بهالة درامية كثيفة، بينما الحقيقة تُكتب غالباً في سطر التسريب، لا في صوته.
المصدر: المدن
الكاتب: راغب ملي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|