في بنت جبيل الحياة عادت... بحذر
من حولا باتجاه بلدة ميس الجبل ، بليدا فعيترون ثم بنت جبيل، الحياة ما زالت خجولة، قلّة عادت إليها، وحده الدمار يتحدّث، الكتل الأسمنتية التي غيّرت معالم القرى هي الحاضر الأكبر وربّما يحمل الصيف تباشير عودة جماعية مع انتهاء المدارس، هذا ما تسمعه ممّن عاد إلى تلك القرى.
قد تكون عيترون وبنت جبيل أكثر حركة بالعائدين، ما تسمعه في هذه القرى حديث واحد: "هل ستبدأ إعادة الإعمار؟ أم سندخل في حرب جديدة؟"، الحديث عن الحرب يساور كلّ من عاد، يراقبون تطوّرات الأحداث، ما يقلقهم أكثر أن المياه والكهرباء لم تعودا، مؤسسات الدولة بمعظمها غائبة هنا، والمعاناة تكبر يوماً بعد آخر.
تدخل إلى بلدة بنت جبيل، الدمار يصاحب حضورك حركة الناس خجولة، يلقي أبو علي التهمة على الاعتداءات المتكرّرة، نالت بنت جبيل أو "عاصمة التحرير" نصيبها من الدمار. استعانت بلدية بنت جبيل بدعم المغتربين لها، فأعادت التيار الكهربائي للأعمدة على الطاقة الشمسية، وعبّدت كثيراً من طرقات البلدة، غير أنها عجزت عن توفير المياه.
تمشي سهيلة وفاطمة معاً في شوارع السوق الضيقة، تملك فاطمة محلاً في السوق، أعادت فتحه لتسترزق غير أنها تعاجلك بالقول: "الوضع صفر، حركة البيع والشراء شبه متوقفة".
أمام محلّه لبيع المفروشات المستعملة، يجلس العم إحسان وأربعة من رفاق عمره، جميعهم في العقد السابع من العمر، عادة ما يجلسون في ساحة السوق، يتبادلون أطراف الحديث ... الحديث بالسياسة ممنوع، تحت ذريعة "انتظار التطوّرات وقد ندخل في حرب"، الكلّ يرفضها طبعاً.
كان المعلم إحسان كما يحلو له تسميته خياطاً ماهراً، يعتمد في كثير من الأحيان على "ترقيع الملابس"، كان يعتمد على مهنته في حياته كمورد رزق ثابت، جاءت الحرب وسرقت "الرزق" كما يقول.
خلف ماكينته يجلس، يمضي في ترقيع قطعة ملابس، يبدو كمن يرقّع واقع حياته الذي مزّقته الحرب، حسرته تظهر في كلامه، "لم يبق لنا شيء من الازدهار الاقتصادي الذي كان سائداً في بنت جبيل".
يحمل مقصّه، يقصّ قطعة قماش، يبدو كمن يحاول استبدال واقع بآخر، الظروف المعيشية القاسية التي رافقت الناس يؤكد العم إحسان أنه ماضٍ في إصلاح الملابس ولو قطعة في الأسبوع، نريد أن نعيش ونرفض مغادرة بنت جبيل.
في محلّه حيث تتوزّع آلات الخياطة يحتفظ بآلته القديمة "ماكينة أو دعسة" فهي للزمن، "حين تنقطع الكهرباء يستخدمها، ولا يستغني عنها، فهي تاريخ المهنة".
الكلّ ينتظر إعادة الإعمار وعودة الحياة، والكل يتخوف في الوقت عينه من الدخول في دوامة الحرب من جديد.
رمال جوني - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|